لماذا تستخدم القاذفات الروسية قاعدة همدان الجوية؟

لماذا تستخدم القاذفات الروسية قاعدة همدان الجوية؟
الأربعاء ١٧ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٤:٢٧ بتوقيت غرينتش

لماذا تقصف القاذفات الروسية الجماعات المسلحة في حلب من قاعدة همدان الايرانية وليس حميميم في شمال سوريا؟ ولماذا يلتقي المبعوث الروسي بوغدانوف المعارضة السورية في الدوحة وليس في الرياض؟ ولماذا الاسبوعان المقبلان الاخطر في المشهد العسكري السوري؟

ان تلتزم الادارة الامريكية الصمت المطبق تجاه امرين اساسيين، الاول: انطلاق قاذفات روسية “الثلاثاء” من قاعدة همدان الجوية الايرانية، وقصف مواقع لـ”داعش”، وجبهة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، في مناطق حلب ودير الزور وادلب، وتتجنب التعليق على التصريحات التي ادلى بها سيرغي شويغي، وزير الدفاع الروسي التي قال فيها “اننا نقترب مع الامريكيين من تنسيق عمل عسكري في حلب شمال سوريا”، فهذا يعني ان هذه الادارة تبارك هذا القصف الروسي الذي يعكس تحالفا استراتيجيا روسيا ايرانيا، وان هناك “ضوءا اخضر” امريكيا لروسيا للقضاء على “التنظيمات الارهابية”، و”النصرة” و”داعش”، على وجه الخصوص.

الرسالة من استخدام هذه القواعد الايرانية واضحة، وتتلخص في التأكيد على استراتيجية العلاقة بين موسكو وطهران، فروسيا التي تملك قواعد جوية في حميميم في شمال سوريا، ليست في حاجة الى اللجوء الى القواعد الجوية الايرانية، فهي اقرب الى حلب كثيرا، وتزدحم بكل انواع الطائرات القاذفة والمقاتلة.

في الوقت الذي تقصف فيه القاذفات الروسية مواقع الارهابيين في حلب ودير الزور، تنشط الدبلوماسية الروسية في خط متواز، عنوانها الابرز الزيارة التي قام بها ميخائيل بوغدانوف، مساعد وزير الخارجية الروسي الى طهران، حيث التقى نظيره الايراني حسين جابري انصاري، ومنها الى الدوحة للقاء المعارضة السورية “المعتدلة”، وممثلين عن حركة “حماس″.

وكان لافتا ان برنامج بوغدانوف لم يتضمن زيارة الرياض حيث يوجد مقر المعارضة السورية الابرز التي يتزعمها رياض حجاب، فهل هذا يعني انه لا يعترف بها، ولا يعتبرها الممثل الحقيقي لهذه المعارضة، والشريك المقبل في الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف، مثلما كان عليه الحال في الجولات السابقة؟

الساحة السورية، ومنطقة حلب على وجه الخصوص، تبدو على حافة معركة حاسمة، سيخوضها الحلف السوري الروسي الايراني في الايام القليلة المقبلة بمباركة امريكية للاجهاض على الفصائل والمنظمات الارهابية، بعدما نجحت في تجميعها في منطقة واحدة ورئيسية، وهي ريف حلب الجنوبي، وبما يؤدي في النهاية الى استئناف المفاوضات للتوصل الى حل سلمي عموده الفقري حكومة سورية موسعة، تتمثل فيها بعض الشخصيات السورية المعارضة، وتتولى حقائب ثانوية ليس من بينها الحقائب السيادية مثل الدفاع والخارجية والداخلية، تحلف اليمين امام الرئيس بشار الاسد، الذي لم تعد الدول العظمى تطالب برحيله، وربما هذا هو الهدف الابرز من زيارة بوغدانوف للدوحة وليس للرياض.

المطالب التركية تواضعت كثيرا في الايام الاخيرة، وبالتحديد منذ الانقلاب الفاشل، فبعدما كانت تتمثل في مناطق عازلة في حلب، باتت تنحصر الآن في انسحاب قوات سورية الديمقراطية ذات الغالبية الكردية من مدينة منبج التي استولت عليها، واخرجت “داعش” منها، والعودة الى مناطقها شرق الفرات، بعد ان اكملت مهمتها، ولكنها مطالب لم تلق اي استجابة من الروس والامريكيين معا حتى الآن، وحتى لو تم بحثها، اي المطالب التركية، فإن الانسحاب لن يكون مجانيا ودون مقابل.

الاسبوعان القادمان هما اسبوعا معركة حلب الفاصلة عسكريا، وفقا للتفاهمات الامريكية الروسية اولا، والتفاهمات التركية الروسية ثانيا، ثم بعد ذلك تبدأ مفاوضات الشق السياسي ومساوماتها في مطلع ايلول (سبتمبر) المقبل برعاية الدولتين العظميين.

اين العرب في كل هذا المشهد؟ وما هو دورهم؟ في المعركتين العسكرية والسياسية؟ ونحن نتحدث هنا عن داعمي المعارضة السورية منعا للبس والتعميم.

دور اعلامي محدود جدا، وينحصر في نشرات التلفزة، والبرامج الحوارية، وخبرائها العسكريين المتقاعدين، ولكن بدون حواسيبهم هذه المرة.

نحن نعيش الزمن الروسي فعلا وقولا، ومن يقول غير ذلك يغالط نفسه، قبل ان يغالط الآخرين.

المصدر: راي اليوم

114-3