ما بعد سوريا.. حرب عالمية أم تسوية شاملة؟

ما بعد سوريا.. حرب عالمية أم تسوية شاملة؟
الأربعاء ١٥ مارس ٢٠١٧ - ٠٥:٢٠ بتوقيت غرينتش

قال الرئيس السوري بشار الأسد «إنّ الحرب في سوريا ستمتدّ ما دامت جزءاً من نزاع عالمي وإقليمي، وتموّلها وتتدخّل فيها دولٌ أخرى». وأضاف في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، أنّ «هناك عوامل خارجية كثيرة في هذه الحرب تتحكّم فيها».

العالم - سوريا

إنّ الحرب السورية فتحت الطريق أمام عودة الحرب الباردة بين القطبين: الغربي، بقيادة الولايات المتحدة. والممانع، بقيادة روسيا الإتحادية. فالنزاع الدائر في منطقة الشرق الأوسط يضع القوى المتنازعة أمام مسار طويل من القتال الذي لن ينتهي إلّا بعد إعادة تموضعها. وذلك على أساس، إمّا تسوية شاملة تناسب الأطراف جميعاً، وامّا فتح الخيار على حرب، قد تمتدّ جذورُها إلى أبعد من سوريا والمنطقة، إلى الساحة الدولية.

إنّ تعقيدات الحرب السورية وما رافقها من فشل المفاوضات من جنيف إلى آستانة، في التوصل إلى اتفاقية لإنهاء النزاع تعطي دلالات لا تبشّر بنهاية قريبة للنزاع فيها، ولكنّها ليست بدلالات حرب كونية.

يقول رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، روسيا - العالم الإسلامي، شامل سلطانوف، إنّ «النزاع حول سوريا يغدو خارجاً عن نطاق السيطرة. وإنّ فشل الاتفاق الروسي - الأميركي يُبيّن عدداً من النقاط: منها، عدم قدرة الدول العظمى على التأثير في هذا النزاع، ما يزيد أهمية لدور الدول الإقليمية. لذا، في حال استمرّ هذا الوضع، سيعني تحوّل المواجهات إلى لعبة محصّلتها صفر، حيث لا يمكن الاتفاق. والبديل هو، إما أن ينتصر أحد الأطراف تماماً، أو يخسر».

إنّ المصالح المتداخلة بين الدول، على الأرض السورية، توضح مدى حساسية الوضع القائم في المنطقة. لذلك، عمدت كلّ من:

- الولايات المتحدة، إلى نشر بطارية مدفعية لمشاة البحرية في سوريا دعماً للهجوم على معقل تنظيم «داعش» في الرقة، وفق ما أعلن مسؤول أميركي. وقال المسؤول إنّ «جنوداً من الوحدة 11 من المشاة البحرية نشروا بطارية «هاوتزرز» من عيار 155 ملم في أحد المراكز الأمامية في سوريا».

كذلك تسعى الولايات الأميركية، لنشر قوات أميركية قوامها 500 جندي من العمليات الخاصة في سوريا، لتقديم المشورة للقوات التي تقاتل "داعش"، خصوصاً «قوات سوريا الديموقراطية».

- وروسيا، إلى نشر منظومة صواريخ «كروز»، قادرة على ضرب أوروبا الغربية. فيما يشكّل انتهاكاً لمعاهدة 1987، التي تنصّ على حظر الصواريخ المتوسّطة المدى، وفق ما أعلن جنرال أميركي الأربعاء 8-3-2017.

وقال الجنرال بول سليفا، أمام لجنة من الكونغرس: «نعتقد أنّ الروس نشروا صواريخ «كروز» وتنتهك روح هدف معاهدة القوات النووية المتوسّطة». وأضاف أنّ «تلك الصواريخ تشكّل خطراً على معظم منشآتنا، في أوروبا. ونعتقد أنّ الروس نشروها عمداً لتهديد حلف شمال الأطلسي ومرافق (الناتو)».

في هذا السياق، حمل وزير خارجية ألمانيا زيغمار غابرييل على ما وصفه سباق تسلّح جديد مع روسيا، بعد تقارير عن نشر روسيا صواريخ في مدينة كالينينغراد. إذاً، يبدو أنّ الحرب السورية خرجت عن مقدرة الدول المموّلة لها، إلى وقف النزاع.

أخيراً، تقدّم الحرب السورية، نموذجاً لحرب كونية. فما بات يُعرف بالحرب التقليدية بين الدول مثل الحربين الأولى والثانية، قد انتهى إلى غير رجعة، خصوصاً أن لا رغبة للأطراف المتقاتلة بفتح جبهات على مختلف المناطق.

هذا ما أكده كبير الباحثين في معهد الإستشراق، بوريس دولغوف أنّه «لا يمكن أن تندلع الحرب العالمية الثالثة». لذلك، مسار حرب الدول في المناطق النامية سيستمر طالما تحقق لها مكاسب لسياساتها الدولية. لهذا، لن يتحوّل النزاع السوري إلى حرب عالمية، بل سيستمرّ إلى حين توصّل الأطراف إلى حلٍّ مرضٍ للجميع.

* جيرار ديب / شام تايمز

109-3