ماذا لو لم يتعرّض الرئيس الأسد لمصير القذاقي ووقعت الحرب العالمية؟

ماذا لو لم يتعرّض الرئيس الأسد لمصير القذاقي ووقعت الحرب العالمية؟
الخميس ١٣ أبريل ٢٠١٧ - ٠٥:١٤ بتوقيت غرينتش

هذه الفَرحة المُعلنة التي تُصر دول عربية "مُعتدلة" على إظهارها، أو هذا التعاون الذي تُظهره أخرى من "المُعتدلين" أيضاً، حول "ألعاب الحرب" التي يُريد إشعالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد دول بعينها، مفهومةٌ بالنسبة لنا، فهذه الدول، أي المُعتدلة، حليفة، أو لصيقة بالولايات المتحدة الأميركية، ولن تخرج عن طاعتها، وبالتالي فإنها ستكون "الدُّمى" التي ستُحرّكها إدارة ترامب، سواء للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، أو مُحاربة إيران، ولجم ما يُسمّى بمُؤامراتها في المنطقة.

العالم ـ مقالات وتحليلات

في الضفّة المُقابلة، هناك أيضاً روسيا فلاديمير بوتين، وهي تبدو أنها على أُهبة الاستعداد تماماً، للوقوف إلى جانب حليفها الأسد، والتخلّي عنه كما قالت بمثابة دعم الإرهابيين، وها هي تسخدم الفيتو، للمرّة العاشرة ضد مشروع قرار في مجلس الأمن، كُرمى "عيون الأسد"، لا بل يتحدّث المندوب الروسي، دفاعاً عن الحكومة السورية، أفضل من الدكتور بشار الجعفري، وهو المندوب السوري الناطق بطبيعة الحال بلسان بلاده.
ليس من المُستبعد، أن يُقدم ترامب، على العمل جديّاً، للإطاحة بالرئيس السوري، وهو ما استبعدناه قبل الضربة الصاروخية للشعيرات، وهو الذي وصف الأسد "بالحيوان"، لغايات إثبات الوجود، أو إسقاط الود المُتّهم به مع الروس، وهو بالمُناسبة بهذا يُواصل السياسة الأميركية القائمة على التدخّل بشؤون الدول الداخلية، والعمل على إسقاط أنظمتها، لكن التساؤل هنا عن إقدام روسيا على ردّة فعل غير مسبوقة في هذا الشأن، وقرعها طبول الحرب العالمية الثالثة، أيضاً كُرمى عيون الأسد، أو بالأحرى مصالحها مع بقاء الأسد، وهذا هو الأمر الذي لم نعتده، فروسيا مثلاً تركت صدام لضعفها حينها، وعدم قُدرتها على المُواجهة.
السؤال المطروح هنا، ماذا لو لم يتعرّض الرئيس الأسد، لمصير القذاقي وصدام، وماذا لو ساءت الأمور بين الدولتين النوويتين، وقرّر الروس فرض رؤيتهم، ومنع تغيير النظام السوري بالقوّة، فوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، دعا لأخذ العبرة من إسقاط الأنظمة، وضرب مثال العراق وليبيا، وماذا حلّ بهمها، فهل يأخذ الفرحون والمُتعاونون ضد سوريا بالنصيحة "اللافروفيّة"؟
من الخطأ الفادح، أن يعتقد البعض أن حماسة ترامب، لإسقاط الأسد، هو مصلحة لدول الاعتدال، فلو ذهبت الأمور إلى الأسوأ، دول الاعتدال هذه، ودول الخليج (الفارسي) منها أيضاً، لن تقوم القيامة بجانبها، بل ستصل حتماً إلى أراضيها، فهل يُعقل أن تتحارب روسيا وأميركا على خلفية نزاع في الشرق الأوسط، وتبقى دول هذا الشرق بمنأى عن حرب، ستأكل الأخضر، واليابس، لا نعتقد ذلك، إلا إذا كان ترامب يتمتّع بقُدرات إلهية، ونحن لا ندري!
نحن لا نعلم بصفتنا دول عالم ثالث خاصّة المُعتدل منّا، أين ستذهب الأمور مع كوريا الشمالية والتي لن تُخبرنا كوننا نستخدم "الفيسبوك الأميركي"، ورئيسها كيم جونغ أون الذي لن يقبل بالتأكيد إطلاق صواريخ أميركية نحو بلاده ولن يبلع الإهانة، وها هو وفق الأنباء، يتحضّر للمُواجهة، وأجلى من العاصمة 600 ألف، وكان قد أدان القصف الأميركي لمطار الشعيرات السوري، ودولته بالمُناسبة قادرة على ضرب أهداف داخل الولايات المتحدة.
أمام كل هذا ربّما علينا التحلّي ببعض التفكير المنطقي كدول عربية ضعيفة، ونسأل أنفسنا هل يُمكن لنا أن نكون أكثر من دُمى تُحرّكها الولايات المتحدة الأميركية، ونرفض مشاريعها يعني هل يُمكن أن نصل لحد "جنون" كيم، و"حيوانية" بشار الأسد، على الأقل وفق التوصيفات الأميركية، ونخرج عن طوعها؟
خِتاماً، هذه الهيمنة والعربدة الأميركية يجب أن تنتهي، ومن هنا تجدنا نقف تلقائياً مع كل "المجانين" و"الحيوانات" الذين لا يقفون في صفّها لتقديم الولاء والطاعة، صدّقوني أميركا هذه ليست الآلهة التي لا تُهزم، لكننا العبيد الذين نُؤمر، متى استعبدتنا، وقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً، يوماً ما ستسقط عظمتها، وسنندم على هواننا، وذلّنا صدّقوني، هذا إذا لم تُنهِ الحرب العالمية (إن وقعت) وجودنا تماماً!

* رأي اليوم ـ خالد الجيوسي

104-1