التدخل الأمريكي المباشر في سوريا لن يغير من الواقع شيئا

التدخل الأمريكي المباشر في سوريا لن يغير من الواقع شيئا
الأربعاء ٢١ يونيو ٢٠١٧ - ٠٢:٤٥ بتوقيت غرينتش

خطوات يمكن وصفها بالطائشة تلك التي تتخذها امريكا في سوريا هذه الايام بعد فشل مخططها الذي كان يرمي الى تقسيم هذا البلد الى امارات متصارعة عرقيا وطائفيا، عبر استخدام مجاميع من التكفيريين والمرتزقة تحت مسميات “الثوار” و”المعارضة المسلحة” طيلة الاعوام الستة الماضية.

العالم - سوريا

يبدو ان دخول امريكا مباشرة لتنفيذ مخطط التقسيم، جاء بعد فشل المجاميع التكفيرية والمرتزقة في هذه المهمة، لعدم وجود حواضن شعبية لها داخل سوريا، ولقوة وصمود الشعب والجيش السوري والقوات الحليفة والرديفة.

امريكا التي رفضت خلال الاعوام الستة الماضية التدخل عسكريا وبشكل مباشر في سوريا، مطالب السعودية وقطر وتركيا باقامة مناطق امنة للمجاميع التكفيرية والمرتزقة، تعمل اليوم على فرض مناطق امنية متعددة في سوريا لحماية المجاميع المسلحة ومن بينها “داعش” التي تدعي محاربتها، وتنخرط وبشكل مباشرة الى جانب هذه المجاميع ضد الجيش السوري والقوات الحليفة، في محاولة مفضوحة لاحياء مخططها السابق الرامي لتقسيم سوريا.

خلال ايام قليلة قامت امريكا باتخاذ خطوات تصب وبشكل واضح في دعم الارهاربيين وعلى راسهم “داعش” بعد ان فقدت هذه المجاميع معنوياتها اثر الضربات المدمرة التي تعرضت لها على يد الجيش السوري والقوات الحليفة، فبعد يومين من اسقاط امريكا لمقاتلة سورية في محافظة الرقة في شمال سوريا، قامت باسقاط طائرة بدون طيار في منطقة التنف.

 قبل اسابيع من الان استهدفت امريكا مرات عدة قوات الجيش السوري التي كانت تتقدم باتجاه التنف واسفرت هذه الهجمات عن استشهاد عدد من القوات المتحالفة مع الجيش السوري التي كانت تتقدم في تلك المنطقة من اجل الوصول الى الحدود العراقية والالتقاء بقوات الحشد الشعبي العراقي ،  لتامينها ومنع “داعش” من التنقل بحرية بين سوريا والعراق.

من الواضح ان الهجمات الامريكية في سوريا تمثل عدوانا ضد دولة ذات سيادة، وانتهاكا للقانون الدولي، فمن الذي اعطى امريكا الحق ان تتدخل في سوريا وترفض مناطق امنة فيها وتقوم بتحديد مناطق لا يحق للجيش السوري او الطيران السوري من الوصول اليها ؟، ما هو القانون الذي تعتمد عليه امريكا لمنع الحكومة السورية من بسط سيطرتها على كامل الارض السورية ؟، اليس من حق الحكومة السورية ان تفرض سيطرتها على ارضها وتعمل على طرد الارهابيين بمختلف مسمياتهم من ارضها؟.

من المؤكد ان امريكا لا تملك اي اجوبة مقنعة لهذه الاسئلة، لذلك حاولت كما حاولت من قبل وخلال كل حروبها وعدوانها على الشعوب الاخرى، ان تضع نفسها حاكما على العالم كله وتعلن “عدم شرعية الحكومة السورية” ، هكذا وبكل بساطة، لتبرير عدوانها السافر على الشعب السوري.

الملفت ان امريكا التي رفعت الشرعية على الحكومة السورية ، هكذا بجرة قلم ،  تتعامل كباقي دول العالم مع الحكومة السورية نفسها في الامم المتحدة على انها الممثل الشرعي للشعب السوري ، في تناقض واضح يفضح عنجهية امريكا واستهتارها بالقانون الدولي ويكشف اطماعها في المنطقة ويعري مخططاتها.

الغريب ان امريكا التي نزعت عن الحكومة السورية الشرعية، البست هذه الشرعية، بجرة قلم ايضا، المجاميع التكفيرية والمرتزقة التي اثبتت تجربة الاعوام الستة دمويتها واجرامها، وقامت بدعمها ومساعدتها وتوفير كل اسباب القوة لها، عبر منع الجيش السوري والقوات الحليفة من الاقتراب منها كما هو الحال في الرقة والتنف.

هذه الخطوات الامريكية الطائشة كطيش الرئيس الامريكي ترامب في سوريا، واجهت ردود افعال قوية وسريعة من جانب سوريا وحلفائها، فالجيش السوري كثف هجماته على مناطق “داعش” في جنوب وشرق الرقة وفي البادية حتى الحدود العراقية . فيما قامت ايران بتوجيه ضربة صاروخية مدمرة الى قواعد “داعش” في ديرالزور، وان كان هدفها المعلن الانتقام للهجمات الارهابية التي شهدتها طهران، الا انها جاء كرسالة واضحة من طهران الى من يهمه الامر مفادها ان قواعد وقوات امريكا في سوريا لن تكون امنة اذا ما تمادت امريكا في عدوانها . كما دفع الامر الحليف الروسي الى تعليق قناة التواصل مع امريكا حول الحوادث الجوية في سوريا، وتاكيده على إنه سيتعامل مع طائرات التحالف الذي تقوده امريكا، والتي تحلق غربي نهر القرات في سوريا على أنها أهداف محتملة وتتعقبها بمنظومات الصواريخ والطائرات الحربية.

ان ردود الافعال القوية لسوريا وايران وروسيا والقوات الحليفة ازاء طيش ترامب وادارته المتصهينة، ستُفشل مهمة “السيد الامريكي” بعد ان افشلت مهمة “الاتباع” ، وان تجارب العراق وافغانستان واليمن مع المحتلين والمعتدين، اكدت وبشكل لا يقبل الشك ان زمن احتلال الدول واذلال الشعوب، تحت ذريعة نشر الديمقراطية وحقوق الانسان، والاختفاء وراء المرتزقة والعملاء، قد ولى الى غير رجعة، وان سوريا لن تكون استثناء من هذه القاعدة.

المصدر : شفقنا

109-3