حماس مراهقة أم رشد !

حماس مراهقة أم رشد !
الأربعاء ٠٥ يوليو ٢٠١٧ - ٠٦:٢١ بتوقيت غرينتش

عندما قررت حركة حماس قبل احد عشر عاما ان تخوض معركة الديمقراطية كأي حزب سياسي يسعى الى السلطة دار في الحركة نقاش حاد بين تيار يرى بالبقاء كحركة مقاومة وعدم الولوج الى دهاليز السياسة والحكم وبين من يرى ان الفرصة مواتية في ظل حالة الفساد التي تعيشها السلطة وارتباط حركة فتح بهذه السلطة للانقضاض والوصول الى الحكم عبر الديمقراطية،

العالم - مقالات

اذكر يومها احد القادة الكبار في حماس دعا الله امامي ان يلهم الرئيس عباس الصواب وان يقوم بالغاء الانتخابات التشريعية في اللحظات الاخيرة، وحين سالته ما الذي دفعك لكي تدعو الله بذلك قال اني ارى ازمات الحركة في اثر الانتخابات، والحقيقة ان الرجل صدق القول فالحركة وفي اثر انتصارها اصيبت بنكسات سياسية تجاوزت في اثارها الحرب التي شنها الاحتلال عليها منذ العام ١٩٨٨، قرار مصالحة دحلان والنقاش الدائر الان في الحركة وبين قادتها ومفكريها يتجاوز النقاش الذي دار في العام ٢٠٠٦ ولا ينكر مسؤولو الحركة بان خطورة هذه الخطوة كبيرة جدا والاثار التي ستترتب عليها تتجاوز الاثار التي ترتبت على الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، السيناريوهات التي يضعها الان قادة حماس في العلاقة مع دحلان كثيرة لكن كلها ستنتهي بصدام مع الرجل اجلا ام عاجلا، السيناريو الاول ان يعود محمد دحلان ويعقد المجلس التشريعي جلسة ويصل دحلان الى رئاسته وساعتها ستكون حماس تنازلت على رئاسة السلطة الوحيدة التي تملكها مقابل التسهيلات والمعبر والكهرباء، لكن الموقع السياسي الذي سيحصل عليه دحلان يعني ان يتحرك الرجل سياسيا في الاتجاهات التي توافق قناعته وقناعات الحلف الذي يمثله وهذه القناعات تتناقض تماما مع حركة حماس مما يعني الصدام لا محالة.. السيناريو الاخر ان يتراس الرجل حكومة في قطاع غزة ويدير السياسة الخارجية للقطاع فيما تبقى السيطرة الامنية بيد حركة حماس وهذا غير واقعي فالثمن السياسي الذي يريده الاقليم من حماس يتناقض وسياستها الامنية في القطاع والتي تقوم على مقاومة الاحتلال ومنعه من اختراق المجتمع الغزي اما الاقليم فهو يريد من حماس ان تكون حرسا للحدود مع الاحتلال وان تتصدى للعناصر الجهادية العاملة في سيناء وهذا يعني ان تكون الحركة وجهازها العسكري اداة امنية بيد حلفاء دحلان وبالطبع فان اسرائيل ستستفيد من ذلك حتى لو لم تكن جزءا من هذا الحلف، وسيناريو يتبادر في اذهان بعض قادة حماس وان كان بعيدا يقوم على توافق مقصود او غير مقصود بين دحلان وعباس على جر حماس الى مربع بعيدا عن حلفها التاريخي عبر ضغط ابو مازن على حماس من خلال قطع الرواتب وعدم تمويل الوقود الذي يذهب الى محطة الكهرباء وصولا الى استغاثة حماس بدحلان لياتي الرجل كمخلص للقطاع وساعتها يجر حماس الى المربع الذي عمل ابو مازن على جر حماس نحوه ولم يستطع، وايا يكن السيناريو الاقرب للواقع فان المؤشرات تؤكد بان المستفيد الاوحد هو محمد دحلان فهو باي سيناريو يكون قد عاد الى السياسة الفلسطينية من اوسع الابواب وكمسيح مخلص سيفتح الابواب ويفك الحصار ويعيد الكهرباء ويغير واقع القطاع المزري الى واقع مريح ينتظره سكان القطاع منذ اكثر من ثلاثين عاما، في نقاش داخلي لدى حماس طرح تساؤل كبير كيف يمكن بعد عودة دحلان مع الانجازات والتسهيلات ان تعود وتقنع القطاع ان حكم حماس هو الافضل وهل سيقبل الغزييون بعد ان يعيشوا في بحبوحة ان يعودوا للحصار والظلام نتيجة خلاف سياسي بين دحلان وحماس، واذا كانت حماس تحمل ابو مازن كافة الماسي التي يعيشها القطاع فلن تستطيع تحميل دحلان ذات الوزر لان دحلان سيكون قد القى الكرة في ملعبهم وهم من سيواجه اهل القطاع، خيارات حماس مع دحلان ليست سهلة والدليل ان الحركة تحاول في هذه الاثناء ان تعيد تمتين علاقتها مع الحلف القديم من خلال عودتها للحديث في كل مناسبة عن الدور الايراني في دعم المقاومة ومن خلال اصرار حماس على ان الجمهوية الاسلامية قدمت ما لم تقدمه اي من الدول الاسلامية والعربية لها، والجديد هو توجه عدد من قادة الجناح العسكري لحركة حماس وعلى راسهم صالح العاروري الذي تصفه تل ابيب بالمطلوب رقم ١ الى العاصمة اللبنانية بيروت والى الضاحية الجنوبية للاقامة في معقل حزب الله يؤكد ان الحركة باتت تفكر بالحفاظ على خيوطها القوية واللعب بالخيوط الاستثنائية وبانها لن تكرر خطيئة الخروج من سوريا والرهان على محور محكوم بقرار امريكي سيقوم ببيعها في سوق النخاسة حال انقضاء الوطر منها، البعض يشكك بامكانية وصول حماس ودحلان الى مرحلة تنفيذ الاتفاق ولكن انا أؤكد ان الطرفين حتى ولو وصلا الى مرحلة تنفيذ الاتفاق فان الطلاق بينهما سيكون قريبا بعد بدء التنفيذ، واذا كانت حماس حين دخلت المجلس التشريعي وخاضت الانتخابات ونجحت في اكتساح الاصوات وسيطرت على القطاع بعد ذلك بالقوة وصفت بانها تراهق سياسيا فمن المفترض بعد هذه السنوات ان تكون وصلت سن الرشد السياسي وان تكون الحكمة ضالتها.

*‏‎فارس الصرفندي

114-4