نائبة تونسية تكشف موقف «النهضة» من إعادة العلاقات مع سوريا

نائبة تونسية تكشف موقف «النهضة» من إعادة العلاقات مع سوريا
الأربعاء ٢٦ يوليو ٢٠١٧ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

تعتبر النائب في البرلمان التونسي عن «الجبهة الشعبية» مباركة البراهمي، في مقابلة أجرتها مع «الأخبار»، أنّ إسقاط اللائحة البرلمانية المطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، يوم الأربعاء الماضي، جاء بضغط من «حركة النهضة»، في إطار صفقة بين الإسلاميين وحركة «نداء تونس». وترى زوجة الشهيد محمد البراهمي أنّ إعادة العلاقات مع دمشق، لا بدّ أن يتبعها تبادل معلومات أمنية، ما يورّط الإسلاميين وقد يكشف ضلوعهم في تجنيد الشباب التونسي وإرساله للقتال بين سوريا والعراق.

العالم - تونس

■ بداية، ما هي قراءتك لإسقاط البرلمان للائحة المطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا؟
- نحن في الكتلة البرلمانية للجبهة الشعبية لم نصدم أو نُفاجَأ بإسقاط اللائحة، ذلك أننا نعلم بأنّ التحالف بين حركة النهضة وحركة نداء تونس جعل الخيارات مرتبطة بالرجعية العربية الرافضة لإعادة العلاقات مع سوريا. ولقد تم إسقاط اللائحة في إطار صفقة: في مقابل تمرير النهضة لمشروع قانون المصالحة الذي يريده نداء تونس، قامت الأخيرة بمساندة الحركة لإسقاط اللائحة المطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا.

وإنّ بعض الزملاء في كتل أخرى تأثروا بإسقاط اللائحة خاصة أنهم كانوا قد تلقوا وعوداً من كتلة النداء بالتصويت لصالحها... بالنسبة لي، من تراجع عن وعوده الانتخابية، يمكنه التراجع عن أي وعود أخرى. وإنّ نداء تونس ورئيس الجمهورية، بنوا وعودهم الانتخابية على صعيد السياسة الخارجية، على إعادة فورية للعلاقات مع سوريا، ولكن تنكروا لوعودهم فور وصولهم إلى السلطة وتنكروا حتى لخيارات تونس التقليدية في السياسة الخارجية.

منذ الاستقلال، تسلك البلاد ما يسميه بورقيبة وحتى بن علي الحياد الإيجابي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأيّ بلد. لكن خلال حكم النهضة والترويكا (2011 ــ 2014)، تم قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وعُقد ما يسمى بـ«مؤتمر أصدقاء سوريا» (في تونس)، والذي شرّع لغزو سوريا وتدميرها وكان من المفترض أن يقع إصلاح الخطأ ومسح وصمة العار الذي تسبّبت به النهضة.

■ هناك حديث عن إخلالات خلال الجلسة التي كانت مخصّصة لإعادة العلاقات مع سوريا، فهل ستتقدمون بطعن بالخصوص؟
-نعم حصلت إخلالات عدة لناحية تسجيل غيابات متعمّدة للنواب ومخالفة النظام الداخلي خلال تمرير اللائحة، حتى أنه جرى التصويت عليها من دون اكتمال النصاب القانوني، وذلك بصفة متعمّدة من قبل رئيس البرلمان. ولكن خلافاً لطعننا في الجوانب القانونية لسير الجلسة، فإننا سوف نتقدم بلائحة أخرى للمطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا، وسوف نعرضها على التصويت مرة أخرى، وسوف نُحرج الإسلاميين مجدداً.

■ العلاقات الخارجية، بما فيها إعادة العلاقات مع سوريا، من اختصاص رئيس الجمهورية لا البرلمان، وعليه، أي فائدة إذن من تقديم اللائحة؟
-هذا هو المنفذ الذي أوجدته النهضة للتعبير عن رفضها للائحة، وهو يستوي قانونياً، إلا أنّ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي نفسه (كان قد) وعد بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في حال انتخابه، ولم ينفذ ذلك، وهذا ما دفعنا للمبادرة.

أيضاً، فإننا نعتقد بأنه ليس من مصلحة البلاد الإبقاء على قطع العلاقات مع سوريا، خاصة في ظل وجود ملفات أمنية عالقة. وبالتالي، إنّ كل تلكؤ في إعادة العلاقات يعكس تشبّثاً بالإبقاء على تلك الملفات مغلقة، ومزيداً من التآمر على الأمن القومي.

وأريد أنّ أقول إنه حين توجهنا إلى سوريا، اكتشفنا ملفات عدة. فمثلاً، يوجد في السجون السورية 54 شاباً تونسياً قُبِض عليهم عند الحدود السورية قبل القيام بأي عمل إجرامي ضدّ الشعب السوري، وإنّ السلطة هناك مستعدة لتسليمهم لتونس. كشفت الملفّ لرئيس الجمهورية ووعد بالتحرّك، لكن الأمر لا يزال على حاله.

■ أثار لقاؤكم بالرئيس السوري (في نهاية شهر آذار/مارس الماضي) حفيظة نواب «النهضة»، واعتبروا أنكم لا تمثلون البرلمان التونسي. فما تعلقيك؟
-إنّ زيارتنا مثلت استفزازاً للإسلاميين لأنهم اعتقدوا أنّ قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا أمر واقع ومفروض على الجميع... بلغت الأمور حد وصفنا بـ«الأوباش»، فمن يسافر ليساند الشعب السوري في محنته يصبح في نظرهم من الأوباش... (لكن بالعموم، نحن) لم نمثّل في حينه البرلمان بل الشعب التونسي الذي يطالب في أغلبه بإعادة العلاقات مع سوريا.

■ إثر زيارتكم سوريا، كيف رأيتم تعامل القيادة السورية مع قطع العلاقات من طرف تونس؟
-القيادة السورية والرئيس بشار الأسد، يتفهمون جيداً المسألة، ويعلمون أنّ الإخوان المسلمين هم من قطع العلاقات مع سوريا خلال توليهم الحكم. وإنّ الرئيس السوري يعلم أنّ الإخوان المسلمين معادون لكل ما هو مقاومة، ويشتركون في هدف الإطاحة بالنظام السوري مع الأنظمة الرجعية العربية.

■ على صعيد آخر، هل هناك تقدم في كشف المتورطين في الاغتيالات السياسية، وتحديداً في ملفّ اغتيال الشهيد محمد البراهمي؟
-نحن نحيي الذكرى الرابعة لاغتيال الشهيد محمد البراهمي، وسوف نُذكِّر بالفترة الحالكة التي مرت بها تونس وبالقضايا والمبادئ التي ناضل من أجلها محمد البراهمي، وعلى رأسها القضايا العربية العادلة. لكن خلافاً للسنوات الثلاث السابقة، لن نوجه أي نداء مجدداً للكشف عن المتورطين في عملية الاغتيال. الدولة غير محايدة والقضاء غير محايد، لأنه لا يوجد استعداد لدى أي كان لكشف الحقيقة. حتى رئيس الجمهورية غير قادر على تسليط أي ضغط في اتجاه حلّ ملف الاغتيالات السياسية في تونس بل من الممكن أن يكون هو نفسه خاضعاً لضغط من طرف النهضة لعدم الاقتراب من الملفّ.

■ بالمحصلة، تقصدين أنّ عدم التطرّق إلى ملفات الاغتيالات السياسية وإرسال الشباب إلى سوريا والعلاقات مع دمشق، هي نتاج تحالف «النهضة ــ النداء»؟
-بالتأكيد، وذلك من أجل تمكين الحكم لهم واستقراره. رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، مستعدّ للتحالف مع أيّ كان، والإخوان متحالفون مع النداء طالما يوفر ذلك لهم الغطاء السياسي ويضع تلك الملفات في دائرة الممنوعات. وفي ذلك الإطار تم إسقاط اللائحة المطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا.

109-4