التوسل بالإمام المهدي عليه السلام لدفع الشدائد

التوسل بالإمام المهدي عليه السلام لدفع الشدائد
الثلاثاء ٠١ مايو ٢٠١٨ - ٠٩:٥٦ بتوقيت غرينتش

" فانّا يحيط علمنا بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالزلل الذي أصابكم".

العالم - منوعات 

التوسل به عليه السلام ليشفع لنا عند الله عند الشدائد والأهوال، والبلايا والأمراض، وحلول الشبهات والفتن من مختلف الجوانب، وطلب حلّ المشاكل والشبهات ورفع الكربات ودفع البلايا، لأنّه عليه السلام وبحسب القدرة الإلهية والعلوم اللدنيّة الربّانيّة، عالم بأحوال العباد وقادر على إجابة مرادهم، عامّ الفيض لا ولن يغفل عن النظر في أمور رعاياه.

وروي في تحفة الزائر للمجلسي، ومفاتيح النجاة للسبزواري:

من كانت له حاجة فليكتبها في رقعة ويقذفها في ضريح أحد الأئمّة عليهم السلام، أو يمهرها ويضعها في طين طاهر، ويقذفها في نهر أو بئر عميق أو غدير ماء كي تصل إلى يد صاحب الزمان عليه السلام، وهو عليه السلام يتولى قضاء حاجته، واليك نص الرقعة:

بسم الله الرحمن الرحيم

كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثاً، وشكوت ما نزل بي مستجيراً بالله عز وجل، ثم بك من أمرٍ قد دهمني،

وأشغل قلبي، وأطال فكري، وسلبني بعض لُبّي، وغيّر خطير نعمة الله عندي، أسلمني عند تخيّل وروده الخليل،

وتبرّأ منّي عند ترائي إقباله إليّ الحميم، وعجزت عن دفاعه حيلتي، وخانني في تحمّله صبري وقوّتي، فلجأت فيه إليك،

وتوكّلت في المسألة لله جلّ ثناؤه عليه وعليك في دفاعه عنّي، علماً بمكانك من الله ربّ العالمين وليّ التدبير، ومالك الأمور،

واثقاً بك في المسارعة في الشفاعة إليه جلّ ثناؤه في أمري، متيقّناً لإجابته تبارك وتعالى إيّاك بإعطائي سُؤلي،

وأنت يا مولاي جديرٌ بتحقيق ظنّي وتصديق أملي فيك في أمر كذا وكذا ...

(وتذكر حاجتك بدل كذا وكذا)... 

فيما لا طاقة لي بحمله ولا صبر لي عليه، وإن كنت مستحقاً له ولأضعافه بقبيح أفعالي وتفريطي في الواجبات التي لله عز وجل،

فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف، وقدّم المسألة لله عز وجل في أمري قبل حلول التلف وشماتة الأعداء،

فبك بسطت النعمة عليّ، واسأل الله جل جلاله لي نصراً عزيزاً، وفتحاً قريباً فيه بلوغ الآمال، وخير المبادي وخواتيم الأعمال،

والأمن من المخاوف كلّها في كلّ حالٍ، انّه جلّ ثناؤه لما يشاء فعّال، وهو حسبي ونعم الوكيل في المبدأ والمآل).

فعُلِمَ انّ مائدة إحسانه عليه السلام وجوده وكرمه وفضله ونعمه منتشرة في كلّ قطر من أقطار الأرض.

وباب كرمه مفتوح والطريق إليه واضح لكلّ آيسٍ ومضطربٍ وضالٍّ ومتحيّرٍ وجاهلٍ وحيران، الذي جاء بصدق وعزم واضطرار وصفاء مع إخلاص، فان كان جاهلاً عُلّم، وان كان ضالاً هُدي، وإن كان مريضاً عوفي، كما يظهر هذا من الحكايات والقصص السالفة.

وخلاصة الحال انّ صاحب الأمر عليه السلام حاضر بين العباد، وناظر إلى أعمالهم وأحوالهم، وقادر على كشف البلايا عنهم، وعالم بأسرارهم وخفاياهم، ولم يكن معزولاً عن منصب الخلافة بسبب غيبته واستتاره عن الناس.

ولم يترك عليه السلام الرئاسة الإلهيّة، ولم يظهر العجز عن قدرته الرّبانية، وإن شاء عليه السلام حلّ مشاكل القلوب من دون أيّ سعي وفعاليّة، وإن شاء شوّق قلب المضطر لكتاب أو لعالم عنده دواء دائه، أو يُلهمه دعاء أو يعلّمه دواءه في المنام.

وما رُأي وسُمع من أنّ بعض المضطرين وأصحاب الحوائج مع صدق الولاء والإقرار بالإمامة، وقد دعوا وتضرّعوا وشكوا أمرهم إليه عليه السلام ولم تُقض حوائجهم.

فهذا _ بالإضافة لوجود موانع الدعاء والقبول فيه _ امّا أن يزعم انّه مضطر وليس كذلك، أو يزعم انّه ضالٌ متحيّر وقد هُدي إلى الطريق وعُلّم كالجاهل بالأحكام العملية الذي اُرجع إلى العالم.

كما جاء في التوقيع المبارك عن مسائل إسحاق بن يعقوب حيث قال: وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فانّهم حجّتي عليكم وأنا حجة الله عليهم.

فإذا أمكن وصول الجاهل للعالم وإن كان بالهجرة والسفر، أو الحصول على كتابه في الأحكام لم يكن مضطراً، وكذلك العالم الذي يمكن أن يحلّ المشاكل ويدفع الشبهات عنه بالرجوع إلى الظواهر ونصوص الكتاب والسنة والاجماع لا يسمّى عاجزاً.

وهكذا من وسّع في نفقاته ومعاشه خارج الحدود الإلهية والموازين الشرعيّة، ولم يكتفِ بالمقدار الممدوح في الشرع، ولم يقنع بما في يده طلباً لما هو زائد عن قوام معاشه لم يكن مضطراً، وقس على هذا الموارد التي يعتقد الإنسان بانّه مضطرٌ أو عاجز فيها، فلو تأمّل بصدق لرأى خلافه.

وحتى إذا كان هذا الشخص صادق في اضطراره، فلعلّ قضاء حاجته لا تكون في مصلحته أو مصلحة النظام الكلّي، ولم يرد وعد باجابة دعاء كلّ مضطر.

نعم لا يقدر على قضاء الحوائج الاّ الله أو خلفاؤه، وليس معنى هذا إجابة كلّ مضطر، وكثيراً ما كان من أصناف المضطرين والعجزة والموالي والمحبّين في أيّام حضور الحجج في مكة والمدينة والكوفة يسألون قضاء حوائجهم، فلم تقض ولم تُجَبْ، ولم يُقدّر إجابة دعاء كل عاجز وقضائها في أيّ زمان ومهما كانت.

فانّ في هذا اختلال النظام، ورفع الأجر والثواب العظيم الجزيل لأصحاب البلاء والمصاب، فانّهم إذا رأوا ثوابهم يوم القيامة تمنّوا أن تتقطّع لحومهم بالمقاريض في الدنيا كي يصلوا إلى ثواب أكثر وأجر أوفر، ولكن الله تعالى مع قدرته الكاملة، وغنائه المطلق، وعلمه المحيط بذرّات وأجزاء الموجودات لم يؤاخذ خلقه بمثل ذلك.

120