ما هي اسباب بطء محرك تأليف الحكومة اللبنانية؟

ما هي اسباب بطء محرك تأليف الحكومة اللبنانية؟
الأحد ٠١ يوليو ٢٠١٨ - ٠٧:١٠ بتوقيت غرينتش

مضى اربعون يوما على تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية، ولم تظهر لحد الان اي مؤشرات على تقديم قائمة باعضاء الحكومة الى البرلمان. ويعزو البعض هذا التاخير الى صراع الحصص بين الافرقاء الداخليين دون تجاهل الدور السعودي البارز في هذا المجال.

العالم - قضية اليوم

الانتخابات البرلمانية اللبنانية اجريت في ظل مساع حثيثة للدول الاجنبية وعلى راسها السعودية للتأثير على نتائجها، ولكن ما افرزت عنه الانتخابات ورغم الضعوط الممارسة هو ان الشعب اللبناني منح صوته وعلى نطاق واسع لمحور المقاومة ليحصل على غالبية مقاعد البرلمان.

نظرة اجمالية على نتائج الانتخابات تظهر ان ذروة الاقبال كانت لحزب الله، وهذا يعني بناء على الفهم اللبناني وقوانين البلد ان نواب حزب الله حصلوا على الثلث المعطل بمفردهم دون الحاجة الى التيارات الاخرى.

وبعبارة اخرى ان الشعب اللبناني منح افضليته وثقته لمحور المقاومة لاسيما حزب الله باعتباره المدافع الرئيس عن مصالح اللبنانيين لكي يتخطى سائر منافسيه.

بعد هذا الفوز اللافت والتاريخي اكد محور المقاومة كما هو ديدنه على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية معززا قوله بالفعل من خلال ابداء دعمه لترشيح سعد الحريري الى منصب رئاسة الوزراء وتاليف الحكومة للمرة الثالثة وهو ما جعل الحريري يحصل على 111 صوتا لتشكيل الحكومة.

مشاورات تاليف الحكومة بدات منذ 24 ايار/مايو اي منذ تكيلف الحريري بتاليف الحكومة، ولكن رغم مضي 40 يوما على هذا التكليف لم يتم للاسف تحقيق اي تقدم يذكر على هذا الصعيد.

ويعزو المحللون الأسباب التي تعرقل تشكيل الحكومة الى سببين رئيسين مفاعيلها داخلية وخارجية، على الصعيد الداخلي ورغم ان الانتخابات اللبنانية تمخضت عن فوز حاسم لمحور المقاومة، غير ان البعض يحاول القفز على نتائج الانتخابات والمطالبة بحصص اكبر من حجمه للتعويض عن فشله في الانتخابات وعلى راس هؤلاء حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع.

تكتل القوات الذي حقق نتائج طيبة مقارنة بالاحزاب اللبنانية الاخرى باستثناء محور المقاومة وحصل على 15 مقعدا، يدعي احقيته بالحصول على خمس حقائب وزارية الى جانب منصب نائب رئيس الوزراء على ان تكون احدى الوزارات سيادية، المطلب الذي لا يبدو مقبولا لا بناءا على الحقائق الموجودة ولا على اساس نتائج الانتخابات.

الى جانب هذه الشروط غير الواقعية على صعيد المحاصصة فان مطالبة زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي زعيم الدروز في لبنان وليد جنبلاط - عشرة مقاعد في البرلمان- بثلاث حقائب وزارية تزيد من الطين بلة.

هذا فضلا عن ان الضغوط التي تمارس من قبل بعض التيارات للحصول على حصص مماثلة لما كانت لها سابقا قبل تعديل قانون الانتخابات مستدلين بوحدة الدين والطائفة للفائزين بالمقاعد البرلمانية تزيد من تعقيد المهمة. 

الحقيقة التي تكمن خلف هذه النظرة الانتفاعية هي ان دعاة المحاصصة هؤلاء يبعثون برسالة مضمرة مفادها انهم وان كانوا يتطلعون الى التسريع في تاليف الحكومة، الا انه يجب الرضوخ لمطالبنا التي تتعارض مع القانون.

الى جانب هذه المسالة التي يمكن حلها عبر الرجوع الى قانون الانتخابات ولا يمكنها ان تشكل عقبة تذكر امام تاليف الحكومة، نرى ان العراقيل والعقبات المرتبطة بالتدخلات الاجنبية هي اكثر جدية من سابقاتها. في الظروف الراهنة حيث تشعر السعودية باستياء شديد حيال نتائج الانتخابات اللبنانية، فانها وبناء على قراءتها لاوضاع المنطقة لصالحها تحاول من خلال عرقلة عملية تاليف الحكومة وشراء الوقت تمهيد الارضية الى وصول حكومة ذات ميول سعودية الى سدة الحكم في لبنان.

من منظار السعودية فان اوضاع اليمن وسوريا والعراق تسير لصالحها وان المتضرر الاكبر من هذه الاوضاع هي الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحور المقاومة في لبنان.

كما ان انسحاب اميركا من الاتفاق النووي والتقارب منقطع النظير بين ترامب وابن سلمان ليس فقط ستؤدي الى اضعاف ايران بل الى اضعاف حزب الله ايضا، وبالتالي فان تشكيل حكومة ذات ميول سعودية لن يكون مطلبا بعيد المنال.

لكن ما يثير الكثير من الشكوك حول ترجمة هذه الاحلام الصبيانية على ارض الواقع هو اليد الطولى للرئيس السوري بشار الاسد في مواجهة الجماعات الارهابية المدعومة سعوديا، والمقاومة الصلبة لليمنيين على الحدود السعودية، واخير العلاقات المتينة القائمة بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وسائر التيارات الفائزة في الانتخابات البرلمانية العراقية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية.

ابو رضا صالح