ما مدى تاثير اجراءات السيسي على ارتفاع نسبة "التطرف"؟

ما مدى تاثير اجراءات السيسي على ارتفاع نسبة
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٥٤ بتوقيت غرينتش

الفترة الرئاسية الثانية لعبد الفتاح السيسي شهدت مزيدًا من قمع حرية التعبير، وكذلك إقرار البرلمان لقانون الجريمة الإلكترونية الذي يعد بمثابة تقنين للرقابة على الإنترنت، وأيضًا مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي يُعدّ ضربةً جديدةً لحرية الإعلام.

العالم-مصر 

واحالت محكمة جنايات القاهرة في الايام الاخيرة ملفات خمسة وسبعين شخصا الى المفتي تمهيدا لاعلان الحكم باعدامِهم. وحُكِم المتهمون في قضية ما يُعرف بفض اعتصام رابعة عام الفين وثلاثة عَشَر والتي اودت بحياة مئات الاشخاص بعد عزل محمد مرسي من الرئاسة.

وقد تكون قضية اعتصام رابعة العدوية في شمال شرق العاصمة المصرية القاهرة القضية الاكبر والعنوان الابرز لحقبة ما بعد عزل محمد مرسي.


ويوم امس أعلن محمد محسوب، المعارض المصري البارز، والوزير السابق بعهد الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، احتجازه من قبل السلطات الإيطالية، بطلب من نظيرتها المصرية.
وكان يشغل منصب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، لعدة أشهر قبل أن يستقيل في نهاية 2012، وكان عضوًا بالهيئة العليا لحزب الوسط (المعارض).
من جانب اخر قال محام مصري إن محكمة عسكرية مصرية قضت سجن الشاعر جلال البحيري لمدة 3 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة والتطاول على الجيش وذلك بعدما اكتسب شهرة بسبب أغنية ساخرة تنتقد الحكومة.


الى ذلك تشهد السجون المصرية تدهور الحالة الصحية لمئات المعتقلين، من بينهم العديد من النشطاء السياسيين من مختلف الانتماءات، حتى أن بعضهم أعلن الإضراب عن الطعام؛ اعتراضا على سوء المعاملة، ومنعهم من تلقي العلاج اللازم لهم.
وحول الانتقادات التي توجه للنظام من جمعيات حقوقية محلية ودولية، قال احد الناشط الحقوقي أحمد عبد الحميد :إن النظام لا يكترث بمثل هذه الانتقادات؛ لأنه يشعر أنه في مأمن من أي ضغط دولي حقيقي؛ بسبب تحالفه مع الأنظمة الغربية والإقليمية التي تغض الطرف عن كل الانتهاكات التي يرتكبها.

اذا وضعنا كل هذه الاخبار جنبا الى جنب يجب ان نسأل على الرغم كل هذه التدابير القاسية من جانب حكومة السيسي كيف تنمو ظاهرة التطرف اكثر فاكثر في مصر تحت حكم عبد الفتاح السيسي؟


ان"لمصر تاريخا طويلا مع الإرهاب والعنف السياسي، الذي بدأ في بداية السبعينيات من القرن الماضي، واستمر حتى نهاية التسعينيات، لكنها اليوم وصلت إلى مستويات لم تشهد على مدى عقدين، فمنذ أن تسلم السيسي الرئاسة عام 2014، قام الإرهابيون بتفجير بنايات الأمن، واغتالوا مسؤولين كبارا وجنودا، ودمروا عربات عسكرية، واختطفوا وقتلوا مدنيين وعسكريين، فبحسب تقارير مختلفة وموثقة، فإن عدد الهجمات والضحايا ارتفع بشكل كبير على مدى عامين، وبحسب مؤشر الارهاب العالمي، فإن مستوى الإرهاب في مصر هو الأعلى منذ عام 2000، ففي عام 2015، كان هناك 662 قتيلا، وهذه زيادة بنسبة 260% عن 2014، وعلى خلاف السنوات من 2000 وحتى 2012، حيث كان أكبر عدد قتلى سجل في عام واحد هو 92 شخصا، وكان ذلك عام 2005".

ان "قمع السيسي غير المسبوق وفر للمعارضة السلمية بيئة خصبة لنمو المتطرفين وللأفكار الراديكالية، مثل (ولاية سيناء) المرتبطة بتنظيم داعش".

"مع أنه لا توجد أرقام رسمية لأعداد الأشخاص الذين انجرفوا نحو التطرف وانضموا لتلك المجموعات، إلا أن الهمجمات المعقدة، التي وصلت إلى معدل 100 هجمة في الشهر، بحسب بعض التقارير، تشير إلى أن المشكلة لا تزال تطارد النظام، وعلى غير شاكلة التنظيمات الراديكالية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي، التي كانت منظمات هرمية وقائمة على هياكل وتسلسل في آليه الأوامر والقيادة، فإن أكثر هذه المجموعات الجديدة مبهمة وذكية، وهذا ما تحتاجه لتتفوق على النظام". 

 

استراتيجية تولد الإرهاب

و"بحسب تقرير نشرته صحيفة (الشروق) في شهر نيسان/ أبريل الماضي، قالت فيه إن سجن طرة سيئ السمعة أصبح (المركز الحكومي للتجنيد في تنظيم داعش)، حيث تعلم قوات الأمن وإدارة السجن هذه الحقيقة، بل تيسرها بالسماح للمتطرفين بالاختلاط بالوافدين الجدد للسجن، وبحسب أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، فإن هذا التكتيك يساعد النظام على تصوير السجناء على أنهم (إرهابيون) لتبرير سجنهم".

"لذلك، فإن حرب السيسي على الإرهاب تولد المزيد من الإرهاب، بالإضافة إلى أنها تعطي مصداقية لرواية معارضيه المتطرفين، بأن النظام يشجع على التطرف ليبرر سياساته القمعية، ومع وجود آلاف الإسلاميين المسجونين، سيستطيع المتطرفون بالتأكيد تجنيد مئات العناصر الجدد".

"لدى مصر مشكلة أمنية كبيرة، وعلى حكومة السيسي فعل شيء لمحاربتها، لكن كان بإمكان السيسي موازنة حربه على الإرهاب ضد المجموعات ذات الفكر المتطرف، مثل تنظيم داعش، مع وجود إصلاحات سياسية ومؤسساتية تستوعب المجموعات السياسية، مثل حركة 6 ابريل والإسلاميين المسالمين واليساريين، فمثلا، وبدلا من إضاعة مليارات الدولارات في مشاريع ضخمة مشكوك بجدواها، كان بإمكان السيسي تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لملايين المصريين، الذين يناضلون لسد حاجتهم الأساسية، وبدلا من إنفاق ملايين الدولارات على بناء سجون جديدة، كان بإمكانه إيجاد آلاف الوظائف للشباب المصريين، الذين يشعرون بالغربة والإهمال بشكل متزايد، وبدلا من تحسين الإمبراطورية الاقتصادية للجيش، كان بإمكانه تشجيع المستثمرين المصريين ورجال الأعمال الشباب للعمل والنجاح".

ان "أكثرية الشباب المصري، الذين أسقطوا حسني مبارك عام 2011، يريدون حرية كلمة ووظائف، ويريدون حياة أفضل, معظمهم أصبح يشعر بالمرارة والتهميش تحت حكم السيسي، وهو ما يصب في مصلحة الراديكاليين والمتطرفين".

ان "آثار سياسة السيسي الاستبدادية تصل إلى أبعد من حدود مصر، وتتسبب بمخاطر إقليمية وعالمية، ففي خريف عام 2016 أسقطت (ولاية سيناء) طائرة روسية فوق صحراء سيناء، وقتلت 224 شخصا على متنها، بالإضافة إلى أنها تبنت تفجير القنصلية الإيطالية في مصر في تموز/ يوليو 2011، الذي قتل فيه شخص واحد على الأقل، وأشارت السلطات المصرية مؤخرا إلى أن آثار متفجرات وجدت على جثامين المسافرين على طائرة مصر للطيران رحلة رقم 804، التي سقطت في البحر الأبيض المتوسط في تاريخ 19 أيار/ مايو 2015، وقتل 66 راكبا على متنها، ولم تعلن أي منظمة إرهابية مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، لكن ليس من المستبعد أن يكون سقوطها بسبب عمل إرهابي".