العقوبات الامريكية الجديدة وسيناريوهات الرد الروسي

العقوبات الامريكية الجديدة وسيناريوهات الرد الروسي
الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٤٨ بتوقيت غرينتش

بدأت الولايات المتحدة فرض العقوبات على روسيا في إطار قانون "مواجهة أعداء أمريكا" اعتبارا من 29 يناير/كانون الثاني الماضي.

العالم - اوروبا

وكان الكونغرس قد أقر، في وقت سابق، قانون حول "المواجهة مع أعداء أمريكا من خلال العقوبات" (كاتسا)، الأمر الذى يتطلب من الإدارة تقديم تقارير حول العقوبات المحتملة ضد روسيا.

وبناء عليه، كان على البيت الأبيض أن يعرض على الكونغرس قبل 29 كانون الثاني / يناير "قائمة عقوبات الكرملين" حول رجال أعمال مقربين من السلطات الروسية يمكن فرض عقوبات عليهم.

ووفقا للتعليمات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية والخاصة باستخدام هذا القانون سيكون بإمكان الولايات المتحدة بعد انتهاء فترة 180 يوما أي في أواخر كانون الثاني/يناير عام 2018، القيام بفرض العقوبات خارج حدودها الدولية وضد الأفراد والشخصيات الاعتبارية بما في ذلك الدول الأخرى التي تتعاون مع مؤسسات روسية تعمل في مجالات الدفاع والأمن والمخابرات وتم إدراجها في قائمة قامت الإدارة الأمريكية بإعدادها خصيصا لهذا الشأن. وتضم هذه القائمة كلا من جهاز الأمن الفدرالي الروسي وهيئة المخابرات الخارجية الروسية وإدارة الإستخبارات العامة بالإضافة إلى 33 شركة ومؤسسة وهيئة، من بينها شركات "روس أوبورون أكسبورت" و"إجماش" و"كلاشنيكوف" و"روستيخ" و"ميغ" و"سوخوي" و"توبوليف".

وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة حذرت حكومات وشركات البلدان التي تقوم بعمليات تجارية مع روسيا، حول إمكانية فرض عقوبات ضدهم، مؤكدة أنه "تم إخطار الحكومات الأجنبية وشركات القطاع الخاص علنا وبشكل خاص، كبار مسؤولي وزارة الخارجية ومسؤولين حكوميين أمريكيين آخرين، أن المعاملات الهامة مع المؤسسات الروسية المدرجة في قائمة (العقوبات) ستؤدي إلى عقوبات ضدهم".

وأوضحت، أن الحكومة الأمريكية تفرض عقوبات ضد روسيا "للضغط عليها لمعالجة المشكلات التي تثير مخاوفنا بشأن الأزمة في أوكرانيا والتدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى وانتهاكات حقوق الإنسان".

الكونغرس ينشر مشروع قانون عقوبات جديدة ضد روسيا

نشر الكونغرس الأمريكي على موقعه الإلكتروني، الثلاثاء 14 اغسطس، مشروع قانون الإجراءات المناهضة لروسيا، الذي يشمل فرض عقوبات على الدين العام الجديد لروسيا وعلى المصارف الحكومية الروسية.

وعند تقديم مشروع القانون هذا إلى الكونغرس، في أوائل أغسطس الجاري، سرعان ما حصلت وسائل الإعلام الأمريكية، على النص الكامل لهذا المشروع. وأشار الخبراء الذين قابلتهم وكالة نوفوستي الروسية، إلى أن نص العقوبات ضد بنوك الدولة الروسية، جاء في الوثيقة الأولية مبهما وغامضا، بحيث يمكن أن تؤدي العقوبات إلى فرض قيود على الحسابات بالدولار، الأمر الذي سيكون مؤلماً للغاية بالنسبة للبنوك وسعر صرف الروبل.. في الوقت نفسه، أشاروا إلى أنه لا يزال من الممكن تعديل مشروع القانون بشكل خطير أو حتى عدم اعتماده على الإطلاق.

واشنطن تطالب بإدراج شركات وسفن روسية على اللائحة السوداء

طلبت الولايات المتحدة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إدراج شركتي شحن روسيتين وست سفن ترفع علم روسيا على اللائحة السوداء لانتهاكها العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، بحسب ما أعلن دبلوماسيون.

ويشكل الطلب ثالث محاولة أميركية في غضون شهرين لزيادة الضغوط على كوريا الشمالية من أجل تفكيك برنامجيها النووي والصاروخي.

وفي طلبها الأخير، طالبت الولايات المتحدة بتجميد أصول شركتي الشحن الروسيتين “بريموريي ماريتيم لوجيستيكس″ و”غودزون شيبينغ” اللتين تتهمهما بالتعامل مع كوريا الشمالية وبإدراجهما على اللائحة السوداء.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الشركتين تملكان ناقلة النفط “إم/في باتريوت” التي قامت مرتين بنقل حمولتها النفطية إلى ناقلتي نفط من كوريا الشمالية هذا العام.

مشروع "التيار الشمالي2"  ضد العقوبات

فيما تحث لندن على تشديد العقوبات ضد روسيا جاء مشروع "التيار الشمالي2"  كصفعة اليمة في وجه ترامب وعقوباته ضد روسيا. أعلن السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، اتفقا في الإجتماع، أثناء تطرقهم لإحتمالية فرض عقوبات تتعلق بتنفيذ "التيار الشمالي2" على أنه مشروع مربح ومنافس وقابل للتطبيق ويجب حمايته من الهجمات.

يتضمن مشروع نورد ستريم -2 بناء خطين لخطوط أنابيب الغاز بقدرة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً من الساحل الروسي عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا. ومن المخطط بناء خط الأنابيب الجديد بجوار "التيار الشمالي" وقد وافقت الحكومة السويدية في وقت سابق، على طلب شركة "نورد ستريم 2 إي جي" بناء "التيار الشمالي-2" في المنطقة الاقتصادية للبلاد في بحر البلطيق.

ومن المخطط بناء "التيار الشمالي-2" عبر المناطق الاقتصادية الإقليمية و/ أو الاقتصادية الحصرية في العديد من البلدان على طول شواطئ بحر البلطيق، ومن بينها روسيا وفنلندا والسويد والدانمارك وألمانيا، ومن بين البلدان المدرجة في القائمة، تنتظر "نورد ستريم 2 إيه جي"، مشغل خط أنابيب غاز "التيار الشمالي-2"، الحصول على تصاريح البناء فقط من الدنمارك وروسيا.

والجدير بالذكر أن شركة "غازبروم" تمتلك 100 بالمئة من أسهم شركة " نورد ستريم-2 إي جي"، مشغل المشروع، وتعهد الشركاء الأوروبيون في المشروع — "شل" و"أو أم في" و "إينجي" و"يونيبر" و"فينترسهال" تغطية 50 بالمئة من كلفة المشروع عن طريق استثمار كل شركة مبلغ 950 مليون يورو إجمالي 4.75 مليار يورو، أما النصف الثاني من إجمالي حجم الاستثمار المطلوب 4.75 مليار يورو فستوفره "غازبروم".

"نورد ستريم".. كابوس أميركا في سوق الطاقة

رمت الولايات المتحدة بكل ثقلها وسعت بكل ما أوتيت منذ فترة طويلة، لمنع بناء خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي-2" بين روسيا وألمانيا، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل حتى الآن على الأقل.

وتطالب أميركا التي تحاول السيطرة علي سوق الطاقة العالمي، حلفاءها من الدول الأوروبية بالتوقف عن المشاركة في مشروع "السيل الشمالي-2" وتهدد بفرض عقوبات على أولئك الذين لا يقبلون بمطالبها. وفي مقابل الاستغناء عن الغاز الروسي، تروج الولايات المتحدة للغاز الطبيعي المسال الذي تنتجه وتعرض بناء محطات لإعادة تحويل الغاز في أوروبا.

ترامب وميركل اجتمعا قبل شهرين على هامش قمة اعضاء الحلف الاطلسي (الناتو) في بروكسل واثر ذلك غير الرئيس الاميركي لهجته ضد ألمانيا وزعيمتها تماما مؤكدا انه يرتبط ب"علاقات جيدة جدا" مع المستشارة الالمانية.

ووصف ترامب قبل القمة ألمانيا بانها "أسيرة روسيا" على خلفية بناء خط "السيل الشمالي-2".

وقال ترامب انه بحث مع ميركل مشروع خط انابيب الغاز نورث ستريم، لكنه رفض الخوض في تفاصيل الاجتماع.

وكان الرئيس الاميركي ندد عدة مرات بمشروع انبوب الغاز "نورث ستريم" الذي سيربط مباشرة روسيا بالمانيا وطالب بالتخلي عنه.

مدفيديف: العقوبات بمثابة إعلان حرب اقتصادية وسنرد عليها بكل الوسائل

اعتبر رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، أن تشديد العقوبات ضد روسيا هو بمثابة إعلان حرب اقتصادية، من الضروري الرد عليها إذا لزم الأمر بوسائل أخرى، ويجب أن يفهم الأمريكيون هذا.

وقال مدفيديف في اجتماع مع موظفي محمية كرونوتسكي الحكومية اليوم، ردا على سؤال حول العقوبات الأخرى التي يمكن لأمريكا اتخاذها ضد روسيا وكيف يمكن أن تؤثر على اقتصاد البلاد؟: "لا أود أن أعلق على العقوبات المستقبلية، لكن يمكنني أن أقول شيئا واحدا: إذا حدث شيء مثل حظر أنشطة البنوك أو منع تحويل النقود أو غير ذلك، فهذا يمكن اعتباره بشكل مباشر تماماً، كإعلان حرب اقتصادية. وسيكون من الضروري الرد على هذه الحرب، بالطرق الاقتصادية، وبالطرق السياسية، وإذا لزم الأمر من خلال وسائل أخرى. ويجب أن يفهم أصدقاؤنا الأمريكيون هذا".

* خطوة ذكية من بوتين لمواجهة العقوبات الأميريكة

ذكرت وكالة "بلومبرغ"، نقلا عن بيانات صندوق النقد الدولي، أن المركزي الروسي اشترى 26.1 طن خلال الشهر الماضي ليصل إجمالي احتياطي روسيا من الذهب إلى 2170 طنا.

وزادت روسيا في الآونة الأخيرة من وتيرة شرائها الذهب، ففي يونيو الماضي وحده ضافت إلى احتياطاتها 26.1 طن من المعدن النفيس، وهو أعلى معدل شهري تسجله خلال العام الجاري.

ووفقا لموقع المركزي الروسي فإن قيمة احتياطات الذهب الروسية قد بلغت مطلع أغسطس 77.4 مليار دولار ضمن احتياطات روسيا الدولية، التي بلغت في اليوم المذكور 458 مليار دولار.

وتترافق زيادة احتياطات الذهب في روسيا مع تخلي موسكو عن سندات وأذون الخزانة الأمريكية، ففي أبريل ومايو تخلت روسيا عن زهاء 80% من سنداتها وسط تكهنات بأنها بدأت بالتخلي عن الأصول الأمريكية لحماية نفسها من مخاطر العقوبات.

واعتبر النائب الأول لرئيس البنك المركزي الروسي، ديمتري تولين، أن الذهب هو "ضمان بنسبة 100% من المخاطر الجيوسياسية".

من جهته، لمس جيم ريكاردز مؤلف كتاب "حروب العملات" الشهير في توجه روسيا نحو شراء الذهب "خطوة ذكية للغاية من بوتين".

* ريابكوف يدعو للتخلص من الدولار

هذا وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، اليوم الجمعة، أن الرد الروسي على العقوبات الأمريكية الجديدة قد لا يكون بالمثل، نظرا لعدم قدرة بلاده على منافسة الولايات المتحدة في الاقتصاد حيث تنتمي كل منهما إلى ما وصفه بالفئة الوزنية المختلفة.

وقال ريابكوف، في حديث لصحيفة "ميجدونارودنايا جيزن" (الحياة الدولية): "ليس من الضروري أبدا المعاملة بالمثل 100%، نحن لا يمكننا منافسة الولايات المتحدة في المجال الاقتصادي، نظرا لأننا نقع في فئات وزن مختلفة. نحن نتعمد الحفاظ على عدم التحديد في مسألة كيفية ردنا، لأننا إذا بدأنا قبل الأوان بإعلان شيء ما، فهذا سيعني إضعاف مواقفنا".

وأضاف ريابكوف، أن الأوان قد آن لروسيا لتبدأ عمليا بالتخلص من الدولار كوسيلة للحسابات المتبادلة والبحث عن سبل بديلة.

وتابع "أعتقد أن يجب أن نحمي أنفسنا عبر خفض دور الدولار والنظام المالي الأمريكي في الاقتصاد العالمي. آن اللحظة التي علينا فيها أن ننتقل من الكلمات إلى العمل، والتخلص من الدولار كوسيلة للحسابات المتبادلة، والعمل على البحث عن سبل أخرى، هذا يحدث ونحن سنحث هذا العمل".

وكان ريابكوف قد صرح في وقت سابق، بأن الرد الروسي على العقوبات الأمريكية، يجب أن يزيد قوة تحمل اقتصاد روسيا ويحررها من الإعتماد على الدولار الأمريكي.