مع ظهور بوادرها في الافق..

اول رد عسكري على عمليات تحرير ادلب المرتقبة

اول رد عسكري على عمليات تحرير ادلب المرتقبة
الأربعاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٥٢ بتوقيت غرينتش

الهجمات الصاروخية للكيان الاسرائيلي على منطقة "وادي عيون حماة" السورية يوم امس، تعتبر اول رد عسكري على العمليات المرتقبة لتحرير ادلب من الإرهابيين، لكن السؤوال الذي يطرح نفسه في مثل هذه الاوقات الحرجة، هو لماذا جازف الكيان الاسرائيلي بقبول هذه المبادرة؟

العالم- قضية اليوم

وللرد على هذا التساؤل يجب الإهتمام قليلا بما صدر من تصريحات للمسؤولين المعنيين في الآونة الاخيرة، فالمندوب الاممي لسوريا "استيفان ديمستورا"، بعد جمعه لبعض التكهنات حول اقتراب موعد عمليات الجيش العربي السوري لتحرير ادلب وتطهيرها من الارهابيين، بادر لتحديد مهلة أقصاها العاشر من ايلول سبتمبر الجاري، مؤكدا انها ستكون الفرصة الاخيرة التي تمنحها الحكومة السورية للإرهابيين، للإستسلام او الخروج من ادلب، او قبول المواجهة العسكرية. 

الأمر الذي دفع بالكيان الإسرائيلي المحتل ليُمطر "وادي عيون حماة" بصواريخه المدمرة، معلنا من جهة استيائه من العمليات المرتقبة، ودعمه للإرهابيين الذين يبلغ عددهم الـ 70.000 إرهابي، ضد القوات السورية وحلفائها من جهة اخرى.

وبعيدا عن مدى تأثير هذا التحذير الاسرائيلي لسوريا وحلفائها بشأن ادلب، لابد أن تؤخذ النقاط التالية بنظر الإعتبار.

أولا: بالرغم من ان التاريخ الذي اعلنه ديمستورا كان مبتنيا على بعض المعلومات المسموعة، لكنه بما أنه يأتي بعد إنعقاد القمة التركية الروسية الايرانية المرتقبة يوم الجمعة القادم بطهران، يرتبط بمصير ادلب ومستقبل الارهابيين في سوريا، ويمكن إعتباره تنبؤا أو إعلانا صوريا على أبعد الإحتمالات.

لكن مما لاشك فيه ان البدء بعمليات تحرير ادلب يعتبر امرا مفروغا منه، خاصة وان الحكومة السورية، وحلفاءها مصممون على تطهير سوريا من آخر مواقع الارهابيين.

ثانيا: مما لاشك فيه ان مناطق اخرى، أمثال ريف اللاذقية وشمال حماة وغرب حلب، مازال بعض الارهابيين يعبثون فيها ولابد من تطهيرها، وبالرغم من ان عمليات تطهيرها بدأت في الأيام الاخيرة، الا أن الواقع يؤكد أن الأيام القادمة ستكون هذه العمليات أكثر جدية.

فالهجمات الصاروخية للكيان الاسرائيلي المحتل على منطقة "وادي عيون حماة" يبدو أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه القضية.

ثالثا: المناورات البحرية – الجوية الواسعة التي اجرتها روسيا في البحر الابيض المتوسط وبالقرب من السواحل السورية في الايام الأخيرة، حملت أكثر من رسالة تؤكد أن موسكو مستعدة للرد على أي هجوم صاروخي محتمل على سوريا، اضف الى ذلك، أن عدم استمرار تركيا لإرهابيي الزمرة الإرهابية التي تطلق على نفسها اسم "هيئة تحرير الشام"، والى جانب ذلك زيارة وزيري الدفاع والخارجية الايرانيين لسوريا في الايام الاخيرة، وقبيل قمة طهران المزمع عقدها الجمعة القادمة، كل ذلك يؤكد ان طهران وحلفاءها جادون في مواصلة دعم سوريا في مكافحتها للإرهاب، اي ان قضية تحرير حلب باتت أمرا واقعا ولن تفصلنا عن بدئها فترة طويلة.

رابعا: إن نشاطات ديمستورا الاخيرة المتزايدة، تعكس مدى حرصه في الحفاظ على مصالح الدول الاوروبية واميركا قبل سكان ادلب والشعب السوري. لأنه يعلم جيدا أن عمليات تحرير ادلب ستضر بالدول الغربية قبل أن تضر بسوريا وشعبها، لانها ستتسبب بنزوح الإرهابيين بعد فشلهم الذريع والمؤكد أمام الجيش السوري، ومما لاشك فيه ستكون وجهتهم اوروبا والغرب، عندها على تلك الدول التي كانت تتبناهم بالأمس، وأضحت تعاديهم اليوم، عليها ان تدفع ثمن استقبالهم.

لكن تقليل ديمستورا من عددهم وتأكيده بأنه لايفوق العشرة ألاف إرهابي، هو في الاصل تحجيم لهم، ليبقى ثمن ما أطلق عليه بـ "حمام الدم" اذا ما بدأت عمليات تحرير ادلب، عاملا في تأجيل هذه العمليات.

خامسا: إن تنامي المساعي لتأجيل عمليات تحریر ادلب في الحقيقة هي إعطاء فرصة أكثر لأميركا. فأميركا بشرائها للوقت تحاول فرض أمر واقع في تأسيس "منطقة حظر" في الشمال السوري، لتكون مهمتها الاولى إبقاء الإرهابيين في سوريا، من جهة ومن جهة اخرى تبقى سدا يحمي المصالح الاميركية في الشمال السوري المفعم بالثروات الطبيعية.

وإن مزاعم وتحذيرات واشنطن وباريس ولندن بإحتمال استخدام الحكومة السورية الاسلحة الكيمياوية في معركة ادلب القادمة، تتجلى في هذا الإطار.

وبالتالي يبدو ان أعداء سوريا سيتخذون شعار الدفاع عن المدنيين درعا أمام عمليات تحرير ادلب المرتقبة، كما ان من المحتمل أيضا أن الإرهابيين سيتبعون سياسة الأرض المحروقة في المعركة القادمة. وهذا لا ينفي تكرار الإسطوانة المشروخة التي إبتدعوها في معركتي تحرير حلب والموصل من الارهابيين، والتي أضحت عقبة في تحقيق أهداف عمليتي التحرير في اوقاتها المحددة، وأدت الى حدوث حرب شوارع، بل مواجهات بالسلاح الأبيض أحيانا حتى تم تحرير تلك المدينتين.

ومن أجل ذلك يبدو أن معظم جهود الحكومة السورية وحلفائها يرتكز على التخطيط الدقيق لهذه العمليات، ما يعني أن أي عمليات جانبية مثل هجمات يوم أمس الصاروخية للكيان الاسرائيلي على حماة السورية لن تؤثر على مصير عمليات تحرير ادلب المرتقبة.

ابورضا صالح