ماذا وراء كواليس زيارة الوفد المصري الى غزة ؟

ماذا وراء كواليس زيارة الوفد المصري الى غزة ؟
السبت ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٣٦ بتوقيت غرينتش

في ظل الانقسام بين الفصائل الفلسطينية وتصاعد حدة مسيرات العودة في قطاع غزة، واستمرار المفاوضات لإجراء "صفقة ترامب"، هل يمكن أن ترى القضية الفلسطينية النور؟ وهل يمكن أن يحدث الوفد الأمني المصري الذي يزور غزة، أيّ اختراق جوهري في ملفي المصالحة الفلسطينية والتهدئة مع الاحتلال؟ وهل أرسلت مصر وفدها لضمان تهدئة موضوعية منعا لأي انفجار قادم؟

العالم-مصر

وصل وفد من المخابرات المصرية السبت، إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون (إيرز) شمال القطاع، لإجراء مباحثات مع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية.

وقال المكتب في بيان صحفي: إن الوفد يضم شخصيات هامة على علاقة بالملف الفلسطيني من الجانب المصري، منها اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات العامة، والمستشار مصطفى شحاتة القنصل المصري لدى السلطة الفلسطينية.

وكان قد غادر وفد من حركة "فتح" برئاسة عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، وعضوية كل من روحي فتوح وحسين الشيخ ومحمد اشتية، قبل يومين، مصر، بعد مباحثات بشأن المصالحة مع مسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، قبل أن يلتقي الوفد أيضا بوزير الخارجية المصري سامح شكري.

ماذا وراء زيارة الوفد الأمني المصري لغزة؟

استبعد محللون أن يحدث الوفد الأمني المصري الذي يزور قطاع غزة السبت، أيّ اختراق جوهري في ملفي المصالحة الفلسطينية والتهدئة مع الاحتلال، خاصة في ظل حالة الجمود المدفوعة بإصرار الأطراف المختلفة على شروطها.

وعزوا زيارة الوفد إلى سعي مصر لتثبيت حالة الهدوء في غزة، وضمان عدم تفجر الأوضاع مع بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، خاصة في ظل تصاعد حدة مسيرات العودة في غزة، إضافة إلى رغبة مصر في التأكيد على أنها الوسيط الحصري، والممسك الرئيسي بالملف الفلسطيني في إطار دورها التقليدي.

وفي وقت سابق، نفى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح البردويل، وجود أي تطورات جديدة في ملفي المصالحة والتهدئة، أو مواعيد محددة لزيارة حماس إلى القاهرة لبحث ملف المصالحة، واتهم السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بتبادل الأدوار في تشديد العقوبات على قطاع غزة.

في هذا السياق، الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله قال إنه: من غير المتوقع أن تحمل زيارة الوفد المصري لغزة أي جديد، فعلى صعيد ملف التهدئة توقف الحراك تماما، ولم تعد "إسرائيل" تتحدث عن هذا الملف، بينما وصلت المصالحة إلى حالة من الاستعصاء في ظل التصريحات والاتهامات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس.

وقال عطالله: "أعتقد أن الزيارة تهدف إلى منع الصدام مع "إسرائيل" خاصة بعد تصاعد حدة فعاليات مسيرات العودة، وفتح جبهات جديدة للاشتباك على الحدود مع غزة، ولهذا أرسلت مصر وفدها لضمان تهدئة موضوعية منعا لأي انفجار قادم".

واستبعد في الوقت ذاته حدوث أي انفراجة في ملفي المصالحة والتهدئة خلال الوقت المنظور قائلا: "المصالحة والتهدئة تراوح مكانها، وما يجري من تحركات هي عملية لإدارة الأزمة وليس حلها سعيا للحفاظ على الحالة القائمة دون مزيد من التصعيد".

أما أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم أبراش فقال إن الزيارة تأتي ضمن محاولات مصر وسعيها لتقريب وجهات النظر، لأنها لا تريد أن تقول إن جهود المصالحة وصلت إلى طريق مسدود. ولذلك تستمر في حراك متواصل لحل مشاكل جزئية، كضمان عدم التصعيد مع الاحتلال، أو محاولة تحسين الوضع الإنساني المتردي في غزة.

ومن جهة أخرى قال أبراش، إن مصر توصل رسالة عبر زيارة الوفد، بأنها لن تسمح لأطراف أخرى أن تدخل على خط المصالحة أو التهدئة، خاصة مع دخول أطراف أخرى في السابق كقطر وتركيا. لكنه استدرك قائلا: "يبدو أن مصر مكلفة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالتواصل مع الأطراف الفلسطينية ما يتعلق بصفقة القرن، وهناك حراك في هذا الاتجاه لكنه لن يؤدي إلى أي نتائج على الأرجح".

واستبعد أبراش أن يحدث أي تطور في ملفي المصالحة والتهدئة مردفا: "كان الحديث عن المصالحة يجري في السابق باعتبارها قضية فلسطينية، أي أن الحوارات كانت تجري بين الفصائل الفلسطينية، ولكن في الفترة الأخيرة اختلط ملف المصالحة، بملف التسوية السياسية وما يسمى بصفقة القرن، بحيث أصبح التقدم في ملف المصالحة مرتبط بما هو مطروح من تسويات سياسة، وكل طرف أصبح يربط موقفه بما يمكن أن يحققه من نصيب من هذه التوسيات المطروحة".

وأشار إلى أن هذا التداخل بين المصالحة والتسوية السياسية المطروحة أمريكيا؛ يجعل جميع الأطراف في حالة انتظار، ولا تستعجل حل الملفات العالقة، في انتظار الإعلان النهائي عن "صفقة القرن" وموقع كل الأطراف منها. باعتبار أن "إنهاء المصالحة لم يعد شأنا فلسطينيا داخليا بل أصبح أكبر من الحالة الفلسطينية" حسب قوله.

فتح: حماس باتت أداة تنفيذية لمؤامرة "صفقة القرن"

من جانب اخراتهمت حركة "فتح" قيادة "حماس" بالانحراف والسقوط في مربع الاحتلال والتبعية العمياء وتنفيذها لرغبات رؤوس المؤامرة الأمريكية - الإسرائيلية، حتى باتت أداة تنفيذ مؤامرة ما تسمى "صفقة القرن" (صفقة ترامب).

واعتبرت "فتح"، في بيان صدر عن مفوضية الإعلام والثقافة التابعة لها مساء يوم الجمعة، أن حملة قيادات "حماس" المبرمجة على الرئيس محمود عباس هي نسخة متطورة من العمليات التي كانت تنفذها "حماس" في عهد الرئيس الراحل ياسرعرفات، عند كل منعطف تاريخي تمر به القضية الفلسطينية، وعند كل إنجاز سياسي يتحقق بفضل صمود شعبنا.

وجاء في البيان  "إن حماس تبعث برسائل إلى إدارة ترامب ونظام نتنياهو الاستعماري الاحتلالي تؤكد فيها قبولها صفقة القرن على قاعدة دولة في غزة تحت سيطرتها وهدنة طويلة الأمد، على حساب قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وقضية عودة اللاجئين".

وأشارت الحركة إلى أن الرئيس الفلسطيني قد رفض المقترح الأمريكي-الإسرائيلي بشأن صفقة القرن باسم الشعب الفلسطيني، إلا أن قيادات "حماس" تعمل على إرسال إشارات بالاستعداد لقبولها.

ورأت "فتح" أن "حماس" تنفذ مؤامرتها "مستغلة انشغال الجماهير بمعارك الصمود والثبات على الأرض في القدس والخان الأحمر وفي كل مواقع التصدي للاستيطان والاحتلال".

عباس يلتقي اولمرت 

وتأتي اتهامات حركة "فتح، في حال التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت مساء الجمعة، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالعاصمة الفرنسية باريس.

وقال أولمرت في تصريح لتلفزيون فلسطين التابع للسلطة، عقب لقائه عباس، إن "على كل واحد في أمريكا وأوروبا وبالتأكيد في "إسرائيل"، أن يفهم أمرين، الأول أنه لا بديل عن حل الدولتين لحل الصراع التاريخي الفلسطيني الإسرائيلي، والثاني أن هذا الحل ممكن".

وتابع بأن "الشيء الثالث وربما الأول أن الرئيس محمود عباس هو الوحيد القادر على إنجاز حل الدولتين، والذي أثبت في الماضي أنه ملتزم في تحقيقه، ولهذا أنا أحترمه كثيرا، فهو الشخص الأكثر ذي صلة لهذه العملية في المستقبل"، وفق تعبيره.

وأردف أولمرت قائلا إن "هذا الأمر سيفهمه ليس فقط شعب الولايات المتحدة وفرنسا وأوروبا، وإنما الفلسطينيون سيفهمون ذلك، كما أنه مهم جدا أن يفهم ذلك "الشعب الإسرائيلي"، مؤكدا أن "عباس هو الرجل القادر على فعل ذلك وهو يريد تحقيقه، ويحارب ضد الإرهاب لأن ذلك جزء من التزامه لتحقيق السلام".

القرعاوي: أولمرت إرهابي قاتل والإشادة به إساءة لشعبنا

من جهته ندد النائب عن مدينة طولكرم فتحي القرعاوي بلقاء رئيس السلطة محمود عباس مع رئيس وزراء الاحتلال السابق إيهود أولمرت في فرنسا، أمس الجمعة.

ووصف القرعاوي في تصريحٍ له اليوم السبت، أولمرت "بالقاتل والإرهابي الذي لا يستحق اللقاء والإشادة فيه"، مذكراً بجرائمه في حرب غزة عام 2008 وحملة الاستيطان المسعورة التي شنها في الضفة مدّة تولية رئاسة الحكومة.

وعدّ القرعاوي ثناء عباس على أولمرت إساءة لدماء مئات الشهداء وآلاف الجرحى ممن كانوا ضحية جرائم أولمرت وعصابته الإرهابية.

وأكد قرعاوي أن اللقاء مع قيادات الفصائل الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية أولى وأهم من اللقاء "بشخصية إرهابية ارتكبت مذابح بحق شعبنا الفلسطيني".

وبين النائب في التشريعي أن استعداد قيادة السلطة العودة للمفاوضات السرية والعلنية مع الاحتلال خارج عن إجماع الصف الوطني، خاصة في ظل ما جناه شعبنا من ويلات المفاوضات التي ضيعت المقدسات والأراضي وغاب بسببها أي أفق للحل مع هذا المحتل.

والتقى عباس، مساء الجمعة، في مقر إقامته بالعاصمة الفرنسية باريس، رئيس حكومة الاحتلال السابق "إيهود أولمرت".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" عن أولمرت قوله لعباس: "أنا سعيد جدا للقاء الرئيس عباس، حيث إننا لم نلتق منذ وقت طويل".

وأضاف أولمرت، في تصريح لتلفزيون فلسطين، عقب اللقاء، "الرئيس عباس هو الرجل القادر على فعل السلام، وهو يريد تحقيقه، فهو يحارب ضد الإرهاب لأن ذلك جزء من التزامه لتحقيق السلام".

وأثنى أولمرت على عباس قائلا: "أنا أعدّه صديقا لي منذ أن كنا نعمل معاً، كنت معجباً بتفانيه والتزامه نحو تحقيق السلام، إنني أؤمن مثله بأن السلام يمكن تحقيقه، وأن السلام أمر يمكن التوصل إليه".

"حماس" تحذر عباس من ارتكاب "حماقات" جديدة بحق غزة

وفي هذا السياق حذرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، "فريق سلطة المقاطعة ورئيسه من مغبة ارتكاب أي حماقة جديدة بحق قطاع غزة"، مشددة على أن ذلك سيدشن لمرحلة جديدة "ستتجاوز حدود تفكيرهم وتخطيطهم".

وقالت الحركة على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم: إن تهديدات "عباس" وفريقه لغزة تجاوز لكل حدود القيم والمبادئ والأخلاق وتقاطع واضح مع العدو الإسرائيلي في استهداف أهلنا في القطاع ومقومات صمودهم ومقاومتهم الباسلة.

وقال برهوم: "ارتكاب أي حماقات بحق غزة الثائرة لعب بالنار وسيكون لها ما بعدها، وستدشن لمرحلة جديدة ستتجاوز حدود تفكيرهم وتخطيطهم".

وأضاف: "شعبنا الثائر منحهم مساحة كافية من الوقت للتصرف بحكمة ومسئولية؛ لكن يبدو أنهم اختاروا الاصطفاف مع العدو في مواجهة ثورة شعبنا العارمة".

وتترافق تهديدات السلطة بفرض عقوبات جديدة ضد غزة، مع تهديدات أمريكية بتصفية قضية اللاجئين وتمرير صفقة القرن التي بدأت باعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال.

وتأتي التطورات، في حين شهدت جميع مناطق غزة الشرقية القريبة من السياج الفاصل خلال الأيام الماضية، مواجهات ليلية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تشرف عليها وحدة "الإرباك الليلي" التابعة للهيئة الوطنية.

واستشهد فلسطيني، وأصيب عدد من المواطنين في قطاع غزة، يوم الجمعة، عقب انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار، بعد استهداف قوات الاحتلال للمتظاهرين على طول الخط الفاصل بالرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل للدموع.

وانطلقت مسيرات العودة في قطاع غزة يوم 30 آذار/ مارس الماضي، تزامنا مع ذكرى "يوم الأرض"، وتم إقامة خمسة مخيمات مؤقتة على مقربة من الخط العازل الذي يفصل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.