ما هو مصير اتفاق ادلب، وما جديد موقف دمشق؟

ما هو مصير اتفاق ادلب، وما جديد موقف دمشق؟
الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٣٢ بتوقيت غرينتش

انقضى اليوم الأول ما بعد الموعد المحدد لإنشاء المنطقة «المنزوعة السلاح» من دون أي خروقات، وفق المتوقع. والتزمت الأطراف المتقابلة على خطوط التماس الهدنة على غرار الأيام السابقة، فيما بقيت التنظيمات المصنفة «إرهابية» من قبل راعيي «اتفاق سوتشي» منتشرة في جميع نقاطها داخل المنطقة «المنزوعة السلاح» المفترضة.

العالم - تقارير

أنقرة وموسكو التزمتا الصمت حيال انتهاء المهلة، ولم يصدر عنهما أي تصريح يوضح مجريات تنفيذ الاتفاق ولا الجدول الزمني المتوقع لتنفيذ بند «انسحاب الإرهابيين»، العالق إلى أجل غير معروف. ومن المؤكد أن هذا الصمت الديبلوماسي والميداني يعكس رغبة مشتركة في إنجاح الاتفاق، برغم العراقيل التي تعترض إنفاذه على الأرض. هذه الرغبة انعكست أيضاً في حديث دمشق، التي أكّد وزير خارجيتها وليد المعلم أنها تنتظر «رد الفعل الروسي على ما يجري في إدلب»، من دون إغفال الإشارة إلى أن قوات الجيش «جاهزة في محيط إدلب... إذا ما رفضت جبهة النصرة الارهابية الانصياع لهذا الاتفاق».

المقاربة السورية لـ«اتفاق إدلب»، تضع تركيا وباقي التنظيمات في كفة ميزان واحدة؛ إذ سبق أن أكد المعلم غيرة مرة العلاقة الجيدة التي تجمع الاستخبارات التركية بالتنظيمات التي تصنفها أنقرة «إرهابية»، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام». واليوم، بات أمام هذا التعاون الاستخباري والعسكري، تحدٍّ مهم، بعدما التزمت تركيا اتفاقاً يهدّد كيان «تحرير الشام». ومنذ دخول تركيا بشكل فاعل عبر «اتفاق أستانا»، وجدت «تحرير الشام» صيغاً للتماهي مع الخطط التركية من دون المخاطرة بنفوذها وسطوتها على باقي الفصائل. فبعد أن أمّنت دخول القوات التركية إلى نقاط المراقبة خلال الأشهر الماضية، أبدت تعاوناً في إطار التزام الهدنة الأخيرة وملف سحب السلاح الثقيل. غير أن تنفيذ البند المتعلق بانسحاب التنظيمات «الإرهابية» من منطقة «نزع السلاح» ليس بالسهولة نفسها، ولا سيما بوجود فصائل «جهادية» ترفض «اتفاق إدلب» بشكل واضح، وتتطلع إلى كسب مقاتلين ونفوذ على حساب «تحرير الشام». الموازنة بين المشي في ركاب أنقرة وبين منع انشقاقات صوب تلك الفصائل، سيكون محور نشاط «تحرير الشام» حالياً. ومن المؤكد أن إعلان كل من «حراس الدين» و«أنصار الإسلام» و«جبهة أنصار الدين» و«أنصار التوحيد»، تشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة تحت اسم «وحرّض المؤمنين»، للقيام بعمليات «هجومية» على الجيش السوري وحلفائه، سيزيد من الصعوبات على كل من تركيا و«تحرير الشام».

المعلم: إذا استمر الأكراد بالرهان على الوهم الأميركي، فعليهم دفع الثمن
وبينما بدا الموقفان الروسي والسوري متوافقين على إعطاء الوقت اللازم لأنقرة لتعمل على حلحلة عقد ملف إدلب، أكد وليد المعلم في معرض حديثه عن احتمالات تفاهمات لاحقة تشمل تركيا حول مناطق شرق الفرات، أن بلاده ما زالت تعتبر تركيا «دولة غازية محتلة... لذلك لا يمكن أن تشارك قواتنا المسلحة مع قواتها في أي عملية شرق الفرات». وفي الوقت نفسه، لفت إلى أن «موضوع شرق الفرات حيوي ولا يمكن أن نتنازل عنه، وقرار سوريا هو بسط سيادتها الوطنية على كامل الجغرافيا السورية»، مؤكداً أنه سيكون الهدف بعد إدلب. ورأى الوزير السوري أن على العشائر والأكراد في تلك المنطقة أن «يقرروا ماذا يريدون في المستقبل، لكن تحت شعار عودة السيادة»، موضحاً أن «الدولة لا تقبل أي (فيدرالية) في هذه المنطقة لأن هذا الأمر مخالف للدستور... وإذا أراد الأخوة الأكراد الاستمرار بالوعود والوهم الأميركي، فهذا شأنهم، وعليهم أن يدفعوا الثمن، أما اذا أرادوا العودة إلى حضن الوطن، فالطريق ممهَّد لهم، لكن دون أوهام».

تركيا تضع أمامها خيارات بما فيها استخدام القوة

تشير أنقرة إلى استعدادها لاستخدام القوة ضد فصائل عسكرية تعتبرها «إرهابية» بمحافظة إدلب السورية، على رأسها هيئة «تحرير الشام»، وذلك كجزء من اتفاق إدلب الذي أُبرِم مع موسكو، وضع الحكومة التركية تحت ضغطٍ للالتزام بالاتفاق.

وأشار إبراهيم قالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، في أثناء حديثه للصحافيين، إلى «استعداد تركيا لاستخدام القوة ضد الجماعات المتطرفة إذا لم توافق على مغادرة المنطقة منزوعة السلاح»، مضيفاً: «سنلجأ إلى محاولات الإقناع، وتهدئة الأوضاع، وأيّ إجراء لازم»

ويقول آيدن سِلجِن، الدبلوماسي التركي السابق: «إنَّ التحدُّث داخل غُرف القصور وإقامة مؤتمرات صحافية وما شابه شيءٌ، والقتال على الأرض شيءٌ آخر.  خصوصا بسبب هيئة تحرير الشام (الارهابية)، وهي قوة قتالية تتألَّف من 30 ألف مقاتل غربَ إدلب، وخصوصاً بالقرب من الحدود التركية وداخل مدينة إدلب ذاتها. ماذا سيقرِّرون؟ هل سيوافقون على هذا الحل؟ هذا هو السؤال».

 

ووضع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المزيد من الضغط على أنقرة، إذ قال في مؤتمر صحافي يوم الجمعة الفائت: «يجب على إرهابيِّي جبهة النصرة أن يتركوا المنطقة منزوعة السلاح، قبل منتصف أكتوبر/تشرين الأول، ويجب سحب كل أسلحتهم الثقيلة من هناك».

ويُصرُّ منتقدو اتفاق إدلب على «أنَّ موسكو أوقعت بأنقرة»، ودفعتها لإلزام نفسها باستئصال الجماعات المتطرفة من المنطقة منزوعة السلاح، وهو ما يُعرِّض تركيا إلى خطر التورُّط في صراع مع هؤلاء المقاتلين، إلا أن الاتفاق أيضاً يمنح تركيا فرصة لتعزيز قبضتها في سوريا.

حيث أن تركيا ستُزيد عدد قواتها العسكرية في إدلب، وتقوِّي نفوذها في سوريا. وأضاف أنه في المستقبل «سوف يصبح حضور تركيا العسكري جزءاً من عملية التفاوض مع روسيا. وقطعاً ستستغل تركيا الفرصة السانحة لإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى هناك، وإبقائها هناك وقتاً أطول».

وبموجب اتفاق سابق بين تركيا وإيران وروسيا، أسَّست أنقرة 12 نقطة مراقبة عسكرية في أنحاء إدلب. وكانت هذه النقاط جزءاً من اتفاق لإقامة منطقة خفض تصعيد لقوات المعارضة السورية وعائلاتهم. وقد دفع التهديد بشنِّ النظام هجوماً على المنطقة الجيشَ التركي إلى تعزيز وجوده حول تلك النقاط.

ويقترح المحلِّلون أنَّ تعزيز حضور الجيش التركي في إدلب، إضافةً إلى تحكُّم القوات التركية حالياً في رقعة كبيرة من شمالي سوريا، سيعزز مساعي أنقرة لتأمين أهدافها في سوريا.

ويقول "سنان أولجن"، رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية بإسطنبول (إيدام): «تريد تركيا أن تخلق موقفاً في سوريا، يمكِّن العناصر المؤيدة لتركيا من الاستمرار في السيطرة على المناطق المجاورة لها، وبالتالي منع أي تهديد عن تركيا».

وفي ظلِّ تحذير لافروف من أنَّ الاتفاق مجرد «خطوة انتقالية»، يحذِّر منتقدو اتفاق إدلب من أنَّه ربما يكون مجرد تأجيل لهجوم النظام على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة. وبما أنَّ أنقرة تبدو مستعدة لاستغلال الأسابيع القادمة لتعزيز حضورها العسكري في إدلب، سوف يزيد ذلك مخاطر حدوث مواجهة مع الفصائل المتشددة.

لكنَّ المحلِّلين يقولون أيضاً إنَّ حضوراً عسكرياً بارزاً كهذا، غالباً سيُعزِّز موقف أردوغان التفاوضي، حين يجلس المرَّةَ القادمة مع بوتين لمناقشة مستقبل إدلب.

الموقف السوري:

المقاربة السورية لـ«اتفاق إدلب»، تضع تركيا وباقي التنظيمات في كفة ميزان واحدة؛ إذ سبق أن أكد المعلم غيرة مرة العلاقة الجيدة التي تجمع الاستخبارات التركية بالتنظيمات التي تصنفها أنقرة «إرهابية»، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام». واليوم، بات أمام هذا التعاون الاستخباري والعسكري، تحدٍّ مهم، بعدما التزمت تركيا اتفاقاً يهدّد كيان «تحرير الشام». ومنذ دخول تركيا بشكل فاعل عبر «اتفاق أستانا»، وجدت «تحرير الشام» صيغاً للتماهي مع الخطط التركية من دون المخاطرة بنفوذها وسطوتها على باقي الفصائل. فبعد أن أمّنت دخول القوات التركية إلى نقاط المراقبة خلال الأشهر الماضية، أبدت تعاوناً في إطار التزام الهدنة الأخيرة وملف سحب السلاح الثقيل. غير أن تنفيذ البند المتعلق بانسحاب التنظيمات «الإرهابية» من منطقة «نزع السلاح» ليس بالسهولة نفسها، ولا سيما بوجود فصائل «جهادية» ترفض «اتفاق إدلب» بشكل واضح، وتتطلع إلى كسب مقاتلين ونفوذ على حساب «تحرير الشام». الموازنة بين المشي في ركاب أنقرة وبين منع انشقاقات صوب تلك الفصائل، سيكون محور نشاط «تحرير الشام» حالياً. ومن المؤكد أن إعلان كل من «حراس الدين» و«أنصار الإسلام» و«جبهة أنصار الدين» و«أنصار التوحيد»، تشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة تحت اسم «وحرّض المؤمنين»، للقيام بعمليات «هجومية» على الجيش السوري وحلفائه، سيزيد من الصعوبات على كل من تركيا و«تحرير الشام».

وبينما بدا الموقفان الروسي والسوري متوافقين على إعطاء الوقت اللازم لأنقرة لتعمل على حلحلة عقد ملف إدلب، أكد وليد المعلم في معرض حديثه عن احتمالات تفاهمات لاحقة تشمل تركيا حول مناطق شرق الفرات، أن بلاده ما زالت تعتبر تركيا «دولة غازية محتلة... لذلك لا يمكن أن تشارك قواتنا المسلحة مع قواتها في أي عملية شرق الفرات». وفي الوقت نفسه، لفت إلى أن «موضوع شرق الفرات حيوي ولا يمكن أن نتنازل عنه، وقرار سوريا هو بسط سيادتها الوطنية على كامل الجغرافيا السورية»، مؤكداً أنه سيكون الهدف بعد إدلب. ورأى الوزير السوري أن على العشائر والأكراد في تلك المنطقة أن «يقرروا ماذا يريدون في المستقبل، لكن تحت شعار عودة السيادة»، موضحاً أن «الدولة لا تقبل أي (فيدرالية) في هذه المنطقة لأن هذا الأمر مخالف للدستور... وإذا أراد الأخوة الأكراد الاستمرار بالوعود والوهم الأميركي، فهذا شأنهم، وعليهم أن يدفعوا الثمن، أما اذا أرادوا العودة إلى حضن الوطن، فالطريق ممهَّد لهم، لكن دون أوهام».