قضية خاشقجي تلقي بظلالها القاتمة على علاقات اوروبا مع السعودية

قضية خاشقجي تلقي بظلالها القاتمة على علاقات اوروبا مع السعودية
الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٢٢ بتوقيت غرينتش

صدر عن ألمانيا وبريطانيا وفرنسا بيان مشترك، الأحد، جاء فيه أن الدول الثلاث ترى أنه "لا تزال هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث بالضبط في الثاني من تشرين الأول/اكتوبر (بحيث) يتخطى النظرية التي وردت حتى الآن في التحقيق السعودي والتي يجب أن تكون مدعومة بالوقائع لكي تُعتبر ذات مصداقية".

العالمتقارير

وأضاف البيان "لذلك فإننا نؤكد أن بذل مزيد من الجهود هو أمر ضروري ومتوقع لإثبات الحقيقة بشكل شامل وشفاف وموثوق به".

وتابع "في النهاية، سنخلص إلى حكمنا استنادا إلى مصداقية أي تفسيرات إضافية نتلقاها عما حدث، والى ثقتنا بأن مثل هذا الحدث المخزي لا يمكن أن يتكرر ولن يتكرر أبداً".

وبعد إنكارها طوال أسبوعين، أقرت السعودية السبت بأن الصحافي الذي كان يكتب مقالات رأي في واشنطن بوست وينتقد ولي العهد محمد بن سلمان قتل بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر.

لكن تفسيرها لمقتله خلال "شجار" قوبل بتشكيك من قبل الدول الكبرى التي طالبتها بإجابات ولا سيما بمعرفة ما حل بجثته.

مطالبات بطرد دبلوماسيين سعوديين في ألمانيا

في ضوء تداعيات مقتل جمال خاشقجي دعا رئيس لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان الألماني إلى نهج أكثر تشدداً في العلاقات مع السعودية، فيما طالب الحزب الاشتراكي بـ"مراجعة شاملة" لها، وسط دعوات لإيقاف صادرات الأسلحة.

كشف موقع مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن الائتلاف الحاكم بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل يناقش طبيعة الرد الألماني على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد مسؤولين سعوديين في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وفي هذا السياق دعا رئيس لجنة شؤون السياسة الخارجية بالبرلمان الألماني "بوندستاغ" إلى النظر في طرد دبلوماسيين سعوديين من ألمانيا في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول.

وقال نوربرت روتغن لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر يوم الأحد (21 تشرين الأول/ أكتوبر 2018) إنه لابد من وقف جميع توريدات الأسلحة للسعودية على الفور، بما فيها التي تم التعهد بها بالفعل، إذا لم يكن هناك عواقب حاسمة "على المدى القصير جداً" في الرياض.

وأكد روتغن أنه يتعين على الحكومة الاتحادية أيضاً الإصرار على المدى القصير على ألا يتم الاقتصار فحسب على تخلف ساسة ألمان عن المشاركة في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" المقرر في السعودية (25-23 تشرين أول/أكتوبر الجاري)، ولكن يتعين كذلك الإصرار على أن يتم اتخاذ الإجراء ذاته مع مسؤولين اقتصاديين رفيعي المستوى.

وقال السياسي الألماني البارز المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أنه يرى أنه يتعين على الحكومة الاتحادية التعاون مع الحكومات الأوروبية جميعاً والولايات المتحدة الأمريكية لتوضيح "أن الأمر يتعلق هنا بحالة اختبار مطلقة للدور القيادي الدولي المعنوي للولايات المتحدة الأمريكية".

وأضاف روتغن: "سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرقين الأوسط والأدنى بالتعويل تماماً على السعودية من أجل عزل إيران، سمحت بتشجيع ولي العهد السعودي على الاعتقاد أنه لم يعد هناك أي حدود بالنسبة له مطلقاً".

وفي سياق متصل طالبت زعيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني أندريا ناليس بمراجعة شاملة للعلاقات بين الرياض وبرلين. وأضافت ناليس لصحيفة "بيلد أم زونتاغ": "بعد حدث غير معقول من هذا النوع فإن علاقات ألمانيا بالسعودية باتت بحاجة لمراجعة جذرية"، معتبرة أن ذلك يشمل صادرات الأسلحة. وأضافت بالقول: "يجب أن تكون هناك عواقب ملموسة" لما جرى.

كما دعت ناليس مدير إدارة شركة سيمنس الألمانية العملاقة جو كايزر إلى عدم المشاركة في المؤتمر الاستثماري الذي تعتزم الرياض عقده الأسبوع المقبل، وقالت: "آمل أن يعيد جو كايزر النظر في قراره بالمشاركة مرة أخرى". يأتي ذلك في وقت أعلن فيه العديد من مدراء الشركات الأمريكية الكبرى مقاطعتهم لمؤتمر "دافوس الصحراء" في إطار ردود الفعل على مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول.

ميركل: صادرات الأسلحة للسعودية لا يمكن أن تتم في الظروف الحالية

قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن ألمانيا لن تصدر أسلحة للسعودية مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مصير الصحفي جمال خاشقجي.

شجبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشدة يوم الأحد (21 أكتوبر 2018) مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، معتبرة أنه لا يمكن " القيام بصادرات أسلحة في الوقت الحاضر"" إلى السعودية. ويتناغم موقف ميركل مع جميع الجهات التي تطالب منذ مدة بوقف صادرات الأسلحة إلى دول الخليج الفارسي. وقالت ميركل إن هناك حاجة ملحة لتوضيح الأمور من طرف الحكومة السعودية. كما أنه يجب تقديم المسؤولين عن مقتله إلى المحاسبة. وخلال حملة لحزبها في انتخابات محلية، كررت ميركل في مؤتمر صحفي إدانتها السابقة لمقتل خاشقجي بعد أن اعترفت السعودية بمقتله داخل قنصليتها في إسطنبول.

وقالت ميركل "أولا، ندين هذا العمل بأشد العبارات. ثانيا، هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث. نحن بعيدون عن استجلاء ما حدث ومحاسبة المسؤولين... فيما يتعلق بصادرات الأسلحة، لا يمكن أن تتم في الظروف الحالية".

وأكدت ميركل أن الحكومة الألمانية تتطلع إلى تنسيق دولي في التعامل مع الرياض في هذه القضية.

تصريحات ميركل تعكس تصريحات مماثلة لوزير خارجيتها هايكو ماس بالأمس ، قال فيها إنه لا ينبغي حاليا الموافقة على صادرات سلاح ألمانية إلى السعودية على خلفية مقتل الصحفي السعودي. وكانت ميركل قد رفضت أمس التفسير السعودي لمقتل خاشقجي في قنصلية السعودية في مدينة اسطنبول التركية بعد دخوله في الثاني من الشهر الجاري.

وتعتبر السعودية ثاني أكبر مستورد للسلاح الألماني في العام الجاري بعد الجزائر: حيث أصدرت الحكومة الألمانية حتى الثلاثين من أيلول/ سبتمبر الماضي موافقات على تصدير أسلحة للسعودية بمبلغ يصل إلى 416 مليون يورو.

وبعد نفي استمر أسابيع اعترفت السعودية بمقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وهي جريمة أثارت غضبا عالميا. 

كندا تمارس الضغط على السعودية من خلال صفقات السلاح

الى جانب الضغوط الأوروبية، كندا ايضا ركبت موجة الغضوط الدولية على السعودية حيث قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إنه لا يستبعد أن تلغي بلاده صفقة أسلحة ضخمة مع الرياض على خلفية قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وذلك بينما تمارس دول غربية ضغوطا على الرياض.

وقال ترودو إن بلاده تعتزم "الدفاع دوما عن حقوق الإنسان، بما في ذلك مع السعودية".

وردا على سؤال عما إذا كانت كندا ستبقي صفقة التسليح الضخمة المبرمة بينها وبين السعودية والتي تقضي بشراء الرياض مدرّعات خفيفة من أوتاوا بقيمة 9,9 مليارات يورو، قال ترودو إنه "في هذا العقد بنود يجب اتباعها في ما خص طريقة استخدام ما نبيعه لهم".

وأضاف "إذا لم يتّبعوا هذه البنود فمن المؤكد أننا سنلغي العقد".

وذكّر رئيس الوزراء الكندي بأن هذا العقد الذي انتقدته بشدة منظمات تدافع عن حقوق الإنسان لم تبرمه حكومته بل الحكومة المحافظة التي سبقتها.

وكانت أوتاوا عبرت العام الماضي عن خشيتها من أن تستخدم الرياض هذه المصفحات الخفيفة في عمليات قمع بشرق السعودية.

يشار إلى أن السعودية جمدت في أغسطس/آب الماضي علاقاتها مع كندا، عقب مطالبة أوتاوا للرياض بإطلاق ناشطين في مجال حقوق الإنسان مسجونين.

وفي الولايات المتحدة الأميركية تزايدت دعوات المشرعين الأميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لفرض عقوبات قاسية على السعودية وعلى ولي عهدها نفسه، على ضوء ما صدر من الرياض بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي.

وأكد مشرعون رفض إقامة أي علاقات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.