خلافات ترامب والقضاء الاميركي تظهر إلى العلن

خلافات ترامب والقضاء الاميركي تظهر إلى العلن
الخميس ٢٢ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٥١ بتوقيت غرينتش

بعد أن أوقف القاض الاتحادي ألامريكي "جون تيجار"، الأمر الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب لمنع المهاجرين الذين يعبرون حدود البلاد بصورة غير قانونية من التقدم بطلبات لجوء إلى الولايات المتحدة، وأصدر الحكم المؤقت خلافا لاوامر ترامب، بدأت الخلافات تلوح بالافق بين الاخير والقضاء الامريكي.

العالم - تقاریر

القصة بدأت عندما هاجم الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشدة، الثلاثاء الفائت، قاضي المحكمة الجزئية الأميركية، "جون تيجار"( الذي كان قد عينه الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما)، والذي عرقل الاثنين، بصفة مؤقتة أمرا أصدره الرئيس بعدم منح اللجوء للمهاجرين الذين يدخلون البلاد من المكسيك بطريق غير مشروع. وغرد ترامب ردا على خطوة تيجار: "هذا قاض من قضاة أوباما... وأقول لكم شيئا.. لن يحدث شيء كهذا مرة أخرى".

انتقاد ترامب للقضاة هجوم على حكم القانون

بدوره، دافع رئيس المحكمة الأميركية العليا، "جون روبرتس"، عن استقلال القضاء الاتحادي في الولايات المتحدة، وذلك بعد يوم من تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب وصف فيها قاضي أصدر حكما ضد سياسته التي تحرم مهاجرين معينين من اللجوء للولايات المتحدة بأنه "قاض من قضاة أوباما".

والتصريحات التي أدلى بها روبرتس، الأربعاء، هي أول رد فعل يبديه إزاء انتقادات ترامب للمحاكم الاتحادية. ووصف معارضو ترامب انتقاده للقضاة بأنه هجوم على حكم القانون في الولايات المتحدة.

وقال روبرتس،( الذي عينه الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو. بوش)، في بيان نشرته المحكمة العليا ردا على استفسار إعلامي: "ليس لدينا لا قضاة أوباما ولا قضاة ترامب، ولا قضاة بوش ولا قضاة كلينتون".

وأضاف في البيان: "بل لدينا مجموعة فذة من القضاة المخلصين يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق العدالة بين الماثلين أمامهم. ذلك القضاء المستقل شيء ينبغي أن نفخر به جميعا".

ومن غير المألوف أن يصدر رئيس المحكمة الأميركية العليا، التي تضم تسعة قضاة، بيانا كهذا ردا على رئيس البلاد. ويعتبر الدستور الأميركي القضاء الاتحادي فرعا مساويا للحكومة في إطار نظام يفرض على السلطة قيودا وتوازنات. ويرشح رؤساء البلاد القضاة الاتحاديين، ويصدق مجلس الشيوخ على هذه الترشيحات.

وعلق إيليا سومين، أستاذ القانون في جامعة جورج ميسون بولاية فرجينيا، "إن رئيس المحكمة العليا تجنب الرد على الانتقاد لفترة طويلة، وأعتقد أنه قرر في مرحلة ما أن هذا يكفي، وأن عليه أن يقول شيئا".

ترامب يرد على بيان جون روبرتس

وردا على ذلك كتب ترامب على "تويتر": "عذرا أيها المستشار جون روبرتس، لكنكم لديكم بالفعل "قضاة أوباما"، وأولئك لديهم وجهة نظر مخالفة كثيرا لوجهة نظر المكلفين بأمن بلدنا".

ماذا قال القاضي جون تيجار؟

قال القاضي تيجار في حيثيات قراره إن التشريع الحالي يسمح لأي شخص قادم للولايات المتحدة، سواء عبر نقاط العبور المحددة من قبل السلطات أو خلاف ذلك، بتقديم طلب لجوء.

وأضاف أن إعلان ترامب في التاسع من نوفمبر/تشرين ثاني يخالف بشكل صارخ النهج السابق في التعامل مع أوضاع مماثلة.

وأضاف القاضي أنه "مهما كان مجال سلطة الرئيس فهي لا تخوله بإعادة كتابة قوانين الهجرة من أجل فرض وضع منعه الكونغرس".

وكان القاضي يعلق على قضية رفعها اتحاد الحريات المدنية الأمريكي والمركز القانوني "فقر الجنوب" ومركز الحقوق الدستورية، الذين ادعوا أن سلوك الرئيس غير قانوني.

ويدخل قرار القاضي حيز التنفيذ حال صدوره، ويبقى ساري المفعول حتى يطرح أمام إحدى المحاكم في شهر ديسمبر/كانون الأول القادم.

جدل نادر بين ترامب ورئيس المحكمة العليا

وعبر الرئيس الأميركي الأربعاء في خطوة تصعيدية ضد القضاء، عن استيائه من وجود قضاء مسيس في الولايات المتحدة، مطلقا بذلك جدلا غير عادي مع رئيس المحكمة العليا جون روبرتس.

واتهم ترامب خصوصا الهيئة القضائية الفدرالية التاسعة لمحاكم الاستئناف الأميركية، التي تشمل كاليفورنيا باتخاذ قرارات "خطيرة وغير مثمرة".

وفي الواقع، الخلافات ظهرت بعد أن قرر قاض كاليفورني الاثنين تعليق مرسوم رئاسي ينص على رفض آلي لطلبات اللجوء التي يتقدم بها مهاجرون عبروا الحدود بطريقة غير قانونية.

ردا على القرار كتب ترامب الذي نجحت طلبات طعن عديدة في التصدي لسياسته في مجال الهجرة، الثلاثاء "إنه عار!". وأضاف "إنه قاض موال لأوباما وهذا لن يتكرر بعد اليوم"، مدينا المحكمة التي قال إنها تميل إلى معارضيه السياسيين.

وتابع رئيس أعلى هيئة للقضاء في الولايات المتحدة تضم تسعة أعضاء بينهم خمسة قضاة محافظين "علينا جميعا أن نشعر بالامتنان لتمكننا من الاستفادة من قضاء مستقل".

والمحكمة العليا مهمتها السهر على دستورية القوانين عبر حسم القضايا الكبرى في المجتمع الأميركي.

من النادر جدا أن تشهد الولايات المتحدة خلافا علنيا بين رئيس السلطة التنفيذية ورئيس أعلى قاض في النظام القضائي الفدرالي الأميركي، وخصوصا عشية عيد الشكر التي تعد مناسبة لتهدئة وتوافق وطني.

ورأى القاضي الفدرالي لسان فرانسيسكو جون تيغار الاثنين أن المرسوم الذي وقعه ترامب في التاسع من نوفمبر يخالف القانون الذي ينص على أن حق طلب اللجوء ينطبق على "كل أجنبي يصل إلى الولايات المتحدة، بمعزل عن وضعه". وسيصدر قرار حول فحوى القضية في 19 دجنبر.

ويهدف القرار إلى ردع آلاف المهاجرين من أميركا الوسطى الذين يتجمعون حاليا على الحدود الأميركية، في تحرك وصفه ترامب ب"الغزو".

وأكد ترامب أنه سيحقق انتصارا قضائيا نهائيا في المحكمة العليا.

وصول المهاجرين الى الحدود

وأعلنت سلطات تيخوانا الواقعة في شمال غرب المكسيك الأربعاء أن أكثر من أربعة آلاف مهاجر وصلوا إلى هذه المدينة الحدودية القريبة من مدينة سان دييغو في كاليفورنيا، موضحة أن مراكز الإيواء باتت ممتلئة.

ووصل مئات من المهاجرين من دول في أميركا الوسطى بحافلات صباح الأربعاء إلى المدينة قادمين من ميكسيكالي التي تبعد نحو 180 كلم، بينما يصل آخرون سيرا على الأقدام.

وذكر مراسل لوكالة فرانس برس أن الواصلين الجدد لم يعودوا يجدون أماكن في مراكز الإيواء وبدأت مخيمات تقام على عجل في المحيط. وكان المهاجرون ينتظرون في صفوف الأربعاء للحصول على مواد غذائية يوزعها ناشطون أو جمعيات دينية.

وقالت السلطات البلدية أن أكثر من 400 طفل تم إحصاؤهم بين أربعة آلاف مهاجر تم إيواؤهم في المدينة.

وتوفي شاب في السابعة عشرة من العمر قادم من هندوراس مساء الثلاثاء على الطريق بين ميكسيكالي وتيخوانا بعدما دهسته آلية لاذ سائقها بالفرار. وكان مهجر آخر لقي حتفه في أكتوبر بعدما سقط من آلية في جنوب البلاد.

في ولاية شياباس (جنوب) أوقفت قوات حفظ النظام الأربعاء حوالى 300 مهاجر من أميركا الوسطى دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية بعدما عبروا نهر تاباشولا الذي يفصل غواتيمالا عن المكسيك.

ونقل المهاجرون الذين كانوا يرفعون أعلام السلفادور وهوندرواس بحافلة إلى تاباشولا حيث يمكنهم تقديم طلبات لجوء إلى المكسيك. وإذا لم يرغبوا في ذلك فيمكن أن تتم إعادتهم إلى دولهم.

وفي تيخوانا ينوي العديد من المهاجرين تقديم طلبات لجوء إلى الولايات المتحدة، لكنهم قد ينتظرون أكثر من سنة دراسة ملفاتهم.

وكانت هذه القافلة الهائلة من المهاجرين غادرت هندوراس في 13 أكتوبر هربا من العنف والفقر، وقطعت أكثر من أربعة آلاف كيلومتر سيرا على الأقدام أو بسيارات، للوصول إلى الحدود الأميركية.

السماح للجيش باستخدام القوة لحماية الحدود الأمريكية

وذكرت صحيفة ميليتاري تايمز الأمريكية، أمس الأربعاء، أن البيت الأبيض وقّع مذكرة تسمح للقوات المحتشدة في الحدود الجنوبية للبلاد، باستخدام القوة المميتة مع المهاجرين غير النظاميين.

وأفادت الصحيفة المتخصصة في الشؤون العسكرية، بأن المذكرة وقعها كبير موظفي البيت الأبيض، جون كيلي، وليس الرئيس دونالد ترامب.

وأضافت أن هذه الخطوة تسمح للأفراد العسكريين باتخاذ الإجراءات التي يقرر وزير الدفاع بأنها ضرورية لحماية حراس الحدود، بما في ذلك استخدام القوة المميتة حال الضرورة.

وتابعت أن المذكرة تنص أيضا على إجراءات أخرى، بينها تفريق الحشود، والسيطرة عليها، والاعتقال المؤقت.

ووفق المصدر نفسه، يجري، حاليا، نشر نحو 5 آلاف و900 جندي من القوات العاملة، وألفين من حرس الحدود، على الحدود الأمريكية المكسيكية.

ويأتي ذلك بالتزامن مع محاولة قافلة مهاجرين غير نظاميين، تضم نحو 7 آلاف مهاجر غير نظامي من هندوراس وغواتيمالا والسلفادور، دخول الولايات المتحدة عبر المكسيك.
وحتى الساعة (18.00 ت. غ)، لم يصدر البيت الأبيض، أي بيان تعقيبا عما أوردته الصحيفة.

وفي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وقّع ترامب، مرسوما يقضي بحرمان المهاجرين غير النظاميين من حق اللجوء في البلاد.

وقال ترامب، حينها، إنه يريد أن يصل المهاجرون إلى بلاده بطرق قانونية، على حد قوله.