إضراب تونس.. بين الازمة الاقتصادية وخطة الاصلاح الحكومية

إضراب تونس.. بين الازمة الاقتصادية وخطة الاصلاح الحكومية
الخميس ٢٢ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٥٣ بتوقيت غرينتش

في تطور لافت على الساحة التونسية نظم الاتحاد العام للشغل اضرابا شاملا لقطاع "الوظيفة العمومية"، احتجاجا على رفض الحكومة رفع اجور الموظفين وتحسين المرافق العمومية. الإضراب الذي عمّ المدارس والجامعات والمستشفيات العامة إضافة للوزارات، قد يؤدي إلى تفاقم التوتر في ظل الأزمة السياسية الاخيرة التي شهدتها تونس على خلفية التعديل الحكومي.

العالم - تقارير

دخل حوالي 650 ألف موظف حكومي تونسي في إضراب عام وطني الخميس، أمام البرلمان في ساحة باردو في تونس العاصمة وأمام مقرات اتحادات الشغل في سائر المناطق فيما حافظت بعض الخدمات على الحد الأدنى لتسيير العمل.

واكد الأمين العام لإتحاد الشغل في تونس نورالدين الطبوبي ان الإضراب جاء بعد فشل كل المفاوضات مع حكومة يوسف الشاهد ورفضها القاطع لمطالبنا المتمثل في زيادة الأجور.

وأضاف ان القرار السيادي لم يعد بأيدي الحكومة وإنما في أيدي صندوق النقد الدولي، حسب قوله واعتبر رفض الحكومة زيادة أجور الموظفين قرارا غير سيادي "يملى عليها من وراء البحار".

واضاف الطبوبي أن العلاقة مع المقرضين الدوليين وتوقيع الحكومة لإتفاقيات دولية مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات عالمية آخرى "ترتهن" السيادة الوطنية وتفرض على تونس قرارات لا تصب في مصلحة الشعب التونسي.

وقد استبقت الحكومة الإضراب بالتأكيد في بيان على "احترام الحق في الإضراب والتظاهر السلمي" وفق ما يكفله الدستور والقوانين.

وترفض الحكومة التونسية مطالب الإتحاد التونسي للشغل وتمضي في نظريتها بأن حل الأزمة الإقتصادية ورفع عجز الموازنة العامة لن يتحقق الا بالإقتراض وتشديد الضغط الضرائبي (الذي يجري سنوياً) بالتزامن مع برنامج اصلاحي لمنع توظيف أي شخص في المؤسسات الحكومية وايضا خفض عدد العاملين الموجودين حالياً ورفع الدعم الحكومي من الطاقة.

وعشية الاضراب العام، دعت حركة النهضة الحكومة ومختلف الأطراف الاجتماعية إلى استئناف ومواصلة الحوار والتفاوض لضمان أفضل السبل للنهوض بالأوضاع الاجتماعية لمختلف القطاعات باعتبارها مسؤولية مشتركة ومطمحا لجميع الأطراف، مذكرة في السياق ذاته أن التفاوض نجح خلال الأشهر الأخيرة في التوصل للاتفاق حول نسب الزيادات بالقطاع الخاص وبقطاع المؤسسات العمومية.

من جهته طلب حزب نداء تونس من الحكومة عدم اغلاق باب التفاوض مع الإتحاد التونسي للشغل للوصول الى حل "تراعي التوازنات الماليّة العامّة للدّولة، وفي نفس الوقت تضمن للعمال والموظّفين القدرة على مواجهة التضخم".

وأعلنت عدة أحزاب سياسية كنداء تونس، وحزب الوطنيين الديمقراطيين، والجبهة الشعبية (تحالف يساري) في بيانات متفرقة دعمها للإضراب العمالي.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد ألغى الشهر الماضي إضرابا عاما كان مقرر، في 24 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في المؤسسات العمومية الاقتصادية، بعد التوصل إلى اتفاق مع الحكومة يقضي بزيادة في الأجور والتعهد بعدم خصخصة المؤسسات العمومية.

وتشهد تونس منذ الثورة الشعبية التي اطاحت بحكم زين العابدين بن علي في عام 2011، أزمة إقتصادية خانقة في ظل غياب اتفاق بين الأطراف السياسية، ولا تزال البطالة تحتل نسبة عالية في تونس ناهيك عن أزمة الديون الدولية وعجز الموازنات بشكل سنوي.

ويمثل الاضراب اختبارا حقيقيا لقدرة حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد على إدارة معركة قوية والمضي قدما في خطط الاصلاحات الاقتصاديةوتهدف الحكومة إلى خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020 من حوالي 15.5% الآن، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم حسب صندوق النقد.

واتفقت تونس مع صندوق النقد عام 2016 على برنامج قروض تبلغ قيمته نحو 2.8 مليار دولار لإصلاح اقتصادها المتدهور مع خطوات لخفض العجز المزمن وتقليص الخدمات العامة المتضخمة.