"حد السيف".. وكسر الصنم الاسرائيلي

السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:١٤ بتوقيت غرينتش

الانتصارات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في غزة مؤخرا تضع المنطقة امام معادلات جديدة وتجبر العدو الصهيوني على اعادة النظر بحساباته لان الانتصار الاخير لحركة حماس لم يكن عسكريا فقط بل كان اضافة الى ذلك نصرا مخابراتيا.

العالم - تقارير

محللون أمنيون ومختصون بالشأن الإسرائيلي قالوا إن المعلومات التي كشفت عنها كتائب القسام بشأن الوحدة الإسرائيلية الخاصة التي جرى الاشتباك معها في خانيونس تحمل دلالات أمنية واستخبارية "خطيرة".

وكانت "القسام" قد نشرت صورا لوجوه عناصر الوحدة والتمويه الذي استخدمه بعضهم عبر إطلاق لحيته لاكتساب ملامح فلسطينية فضلا عن عنصرين نسائيين ارتدتا غطاء الرأس فضلا عن صور أخذت من هويات شخصية فلسطينية مزورة ولقطتين للحافلات التي استخدمت لتحرك الوحدة الخاصة داخل غزة.

ولفتت كتائب القسام إلى أن "بحوزتها معدات وأجهزة اتصالات" أخرى تتعلق بالوحدة سيطرت عليها مشيرة إلى أن "التحقيقات لا تزال مستمرة بهذا الشأن وقاربت على الانتهاء".

وكانت مجموعة من مرابطي كتائب القسام في منطقة خانيوس وخلال تفقدهم الليلي اعترضوا حافلة مشبوهة في المنطقة ولدى محاولة التثبت من هويات من فيها وقع اشتباك عنيف تدخل طيران الاحتلال فيه لإنقاذ الوحدة الخاصة فاستشهد 7 مقاومين واعترف الاحتلال بمقتل قائد الوحدة وهو عربي درزي رفض الكشف عن هويته بسبب "سرية الأعمال التي قام بها".

الخبير الأمني الدكتور إبراهيم حبيب اعتبر ان الكشف عن صور المجموعة الاسرائيلية حمل دلالات خطيرة على الصعيدين الداخلي السياسي الإسرائيلي وأيضا على الصعيد العسكري والاستخباري للاحتلال.

وأوضح حبيب لـ"عربي21" إلى أن المعلومات التي خرجت تضع القيادة الإسرائيلية في "مأزق وحرج كبير" أمام جمهورها بعد وصفهم للعملية بالناجحة في حين أن صور عناصرها ومعداتهم وكافة تحركاتهم باتت منشورة على كافة وسائل الإعلام وبأدق التفاصيل.

ولفت حبيب إلى أن "الاحتلال ورغم كل محاولات التعتيم والتضليل للحفاظ على سرية وحدة سييرت ميتكال وهي نخبة النخبة إلا أن كشف صورهم بهذا الوضوح أحرق ورقتهم وبات يشكل خطرا على كل ما قام به بعض الأفراد في ساحات عربية وإقليمية".

وأكد أن المقاومة الفلسطينية اليوم دخلت في حالة مواجهة استخبارية وإلكترونية جديدة عبر نشر حسابات وخطوط آمنة تدعو الفلسطينيين من خلالها لتقديم معلومات عن عناصر الاحتلال بما يشكل خطرا على كافة العناصر المشتركة معهم في العمالة داخل قطاع غزة.

من جانبه قال المختص بالشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي إن المعلومات التي تم الكشف عنها تبعث بإشارة "خطر" لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن ساحة القطاع "باتت ساحة معقدة للجيش والقوات الخاصة".

وأشار الرفاتي للموقع إلى أننا اليوم بعد هذه المعلومات لا نتحدث عن مجرد اشتباك بل عن "كشف كنز استخباري كبير تحصلت عليه المقاومة فضلا عن تحركات الاستخبارات وشبكة علاقاتها والعملاء المتحركين على الأرض داخل حدود القطاع".

وتابع: "ما كشفته المقاومة قليل وهي تعتمد نظام القطّارة وتقديم المعلومات بشكل متدرج خاصة وأنها تمتلك الآن أجهزة اتصالات وأجهزة إلكترونية سيطرت عليها بعد الاشتباك ويجري تحليلها ومعرفة حقيقة ما كانت تقوم به الوحدة داخل غزة".

ورأى الرفاتي أن كشف وجوه عناصر الوحدات الإسرائيلية الخاصة "من أكبر الأخطار التي يخشى منها الاحتلال والأشخاص الظاهرون في بيان القسام ليسوا من المجندين الصغار بل أعمارهم تتراوح ما بين الـ 30 والـ40 عاما ومن الواضح أن لهم خبرات في هذه الأعمال داخل فلسطين وخارجها ربما".

وأضاف: "باتت ورقة هؤلاء الآن محروقه وغالبا سيخرجون عن الخدمة رغم خبرتهم، وبكل الأحوال خسارة كبيرة للاحتلال لأن هؤلاء أنفقت مبالغ طائلة على إعدادهم فضلا عن الجهود التي بذلوها في أعمال استخبارية باتت الآن في خطر انكشافها".

وتوقع الرفاتي أن يكون عدد القتلى الذي سقطوا في اشتباك خانيونس "أكبر مما أعلن عنه الاحتلال وقام بإخفاء هويات وأعداد قتلاه بغرض التمويه ولفداحة الخسارة وما تشكله من صدمة على المجتمع الإسرائيلي وهو ما ربما يكشف عنه القسام قريبا".

اما الخبير العسكري بصحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور  فهو يشير الى شرك نصبته حركة حماس لحكومة تل ابيب وقال إن "الرقابة العسكرية الإسرائيلية انطلقت في قرارها بعدم تعميم الصور التي نشرتها حماس لعناصر القوة الإسرائيلية من الوقوع في الشرك الذي نصبته حماس، وهو ما من شأنه إحراج (إسرائيل).

وأضاف في مقال أن "حماس أرادت من خطوتها هذه بنشر صور أفراد القوة الإسرائيلية أن تخوض حربا نفسية ضد (إسرائيل)، بحيث يتم التلاعب بالمعلومات التي قد تتوفر لها، وتحقق نتائج مأمولة، بجانب وجود جملة من أهداف الخطوة الحماسية".

ويقول الخبير الاسرائيلي ان حماس نجحت في الكشف عن "عملية كانت سرية وما كان مجهزا كي ينجح فقد فشل، من خلال التعرف على هويات المقاتلين الإسرائيليين، وتحويلهم من شخصيات ملاحِقة إلى أن يكونوا ملاحَقين، يخشون على مصيرهم".

أما الهدف الثاني، يقول الكاتب فهو "يتمثل في جمع المزيد من المعلومات الأمنية الصحيحة، مما يمنح حماس القدرة على توظيفها، وهي تأمل أن يقوم الإسرائيليون بالتعاون وكشف الأسماء، والهدف الطبيعي الفوري هو محاولة تشخيص هويات هؤلاء العناصر من خلال الحصول على أسمائهم، وأين يسكنون، ومن أصدقاؤهم، حماس تأمل أن تحصل من هذه الخطوة على تفاصيل شخصية تبني عليها في تحقيقاتها الأمنية الجارية منذ يوم الكشف عن تلك القوة قبل أسبوعين في خانيونس".

يواصل الكاتب أن "الهدف الثالث، والأهم مما تقدم، هو محاولة حماس معرفة ما الذي حصل بالضبط، ماذا فعلت القوة الخاصة في غزة؟ وهل كانت في بداية تنفيذ عمليتها أم نهايتها؟ وماذا كان هدفها الدقيق في ظل الشائعات العديدة المنتشرة في القطاع".

يختم الخبير الإسرائيلي حديثه بذكر الهدف الرابع ويتمثل"بتشويه صورة (إسرائيل) في عيون دول المنطقة، خاصة مصر وقطر، باعتبارها من ذهبت لجولة التصعيد الأخيرة، وكان يمكن لها تخريب جهود التهدئة".

فيما أشار يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت أن "هدف الرقابة العسكرية الإسرائيلية بإصدار قرارها عدم تعميم صور أفراد القوة الإسرائيلية التي دخلت غزة، يعود إلى رغبة المخابرات الإسرائيلية بالحفاظ على ما يمكن وصفه كنوزا أمنية واستخبارية وعملياتية غاية في الأهمية".

وأضاف في تقرير له أن "الرقابة العسكرية الإسرائيلية انطلقت في قرارها من المحافظة على حياة الإسرائيليين الذين سيشاركون في عمليات قتالية مستقبلية، ولذلك فقد عبرت عن قلقها من معرفة بعض الإسرائيليين لأصحاب هذه الصور، مما قد يعرض أمن (إسرائيل) للخطر".

النجاحات التي تحققها المقاومة الفلسطينية تحمل رسائل اخرى للبلدان العربية انها يجب ان تثق بقدراتها الشعبية وامكاناتها العسكرية ولاتتهيب القدرات الصهيونية التي يمكن تحقيق النصر عليها.

كما تحمل تلك الانتصارات دعوة للانظمة العربية بان تكف عن الهرولة وراء الحكومة الصهيونية فقد هاجم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في مؤتمر الوحدة الاسلامية بنسخته  الـ32  المنعقد في طهران الدول المطبعة مع العدو الاسرائيلي وقال "يجب العمل على منع تسلل كيان (اسرائيل) الغاصب إلى أمتنا الاسلامية".

كما طالب هنية خلال كلمته "بتجريم كل عمليات التطبيع الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية مع العدو الاسرائيلي" واكد بان العدو الصهيوني سيبقى هو العدو الرئيس للأمة الاسلامية والشعب الفلسطيني أينما وجد مشددا ان ترامب لايملك أن يعطي العدو أي شبر من فلسطين.

*محمد طاهر