السودان تحت وطأة الاحتجاجات.. الى متى تستمر الازمة؟

السودان تحت وطأة الاحتجاجات.. الى متى تستمر الازمة؟
الخميس ١٠ يناير ٢٠١٩ - ١٢:٢٥ بتوقيت غرينتش

لا يبدو ان الازمة في السودان تتجه نحو الحلحلة في القريب العاجل مع اصرار المتظاهرين على رحيل النظام فيما يؤكد الرئيس عمر البشير على استمرار بقائه في السلطة حتى الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2020 معتبرا الاحتجاجات المناهضة للحكومة هي نتيجة مؤامرات تحاك ضد بلاده مع تقديمه بعض التنازلات.

العالم- السودان

انطلقت الاربعاء تظاهرات احتجاجية دعا لها تجمع المهنيين السودانيين انطلاقا من ميدان الشهداء في أم درمان صوب مقر البرلمان في الخرطوم، كان بلا تصريح، بسبب معرفة المعارضة المسبقة برفض منح تصاريح الاحتجاج. ويتهم المعارضون السلطات -حكومات المحليات أو الشرطة والأمن- برفض طلبات قوى المعارضة بتنظيم الاحتجاجات السلمية حتى تجد مبررا في تفريقها.

وهذا ما حدث بالفعل، فقد فرقت الشرطة التظاهرات مما ادى الى وقوع ثلاث حالات وفاة وبعض الإصابات، في حين ادعت منظمة هيومن رايتس ووتش أن عدد القتلى بلغ أربعين منذ بداية الاحتجاجات.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن المتحدث باسم الشرطة اللواء هاشم علي عبد الرحيم قوله إن أم درمان شهدت أحداث شغب وتجمعات غير مشروعة متفرقة تعاملت معها الشرطة والأجهزة الأمنية بموجب القانون وتم تفريقها باستخدام الغاز المدمع.

بينما قالت مصادر اعلامية ان الشرطة وجهاز الأمن تصدا للتظاهرات باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، وسط أنباء عن استخدام الرصاص الحي و لهذا تفرق المحتجون داخل أحياء الموردة وبانت وحي أحياء ود نوباوي والملازمين.

وفي وقت سابق، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية (مستقلة) ومصدر طبي مقتل متظاهرين اثنين خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة أم درمان.

وقال المصدر الطبي إن وفاة المتظاهرين الاثنين جاء نتيجة تعرضهما لإصابات بالرصاص الحي خلال الاحتجاجات.

من جهتها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن السودانية تستخدم الذخيرة الحية وغيرها من أشكال القوة المفرطة ضد المتظاهرين وتحتجزهم تعسفا.

وأشارت المنظمة إلى أن عدد القتلى بلغ أربعين -بينهم أطفال- وفقا لتقديرات نشطاء سودانيين وعاملين في القطاع الطبي، وذلك منذ بدء الاحتجاجات في التاسع عشر من الشهر الماضي.

وأضافت المنظمة أن على السلطات السودانية التحقيق في جميع حالات القتل والإصابات.

وتداول الناشطون تسجيلات مصورة تظهر إصابة عدد من المتظاهرين جراء استهداف قوات الأمن لها ونزيف لعدد منهم.

هذا فيما فرضت قوات الامن طوقا كبيرا على مقر البرلمان السوداني بالمدينة.

وانطلقت تظاهرات ام درمان بعد وقت قصير من خطاب ألقاه الرئيس البشير أمام أنصاره بالساحة الخضراء في الخرطوم. فبينما كانت الضفة الغربية تضج باصوات المتظاهرين ضد الحكومة السودانية احتشد انصار الرئيس السوداني في الساحة الخضراء جنوبي وسط الخرطوم الواقعة على الضفة الشرقية للنيل التي اسست بعد وصول البشير إلى السلطة في يونيو/حزيران 1989، وكانت دائما مستقرا لمسيرات التأييد والعروض العسكرية.

واتهم الرئيس السوداني عمر البشير في خطاب امام انصاره من وصفهم بالمتآمرين بالوقوف وراء أعمال العنف التي رافقت الاحتجاجات الشعبية في البلاد.

وقال البشير: "الناس يتآمرون ضد السودان، وبكل أسف زرعوا وسطنا بعض العملاء وبعض الخونة. الناس تبني وتشيد وكل يوم يعملون مشاريع جديدة وهناك من يريد تدمير هذه المشاريع وتخريبها وحرقها. قالوا ليستلم السلطة الجيش، لايوجد مانع اذا جاء أحد كأخ لنا، والله ليس لدينا مانع".

ويبدو ان البشير مازال يتمتع بحماية من الحزب الحاكم رغم التظاهرات الاحتجاجية حيث استبعد نائب رئيس القطاع السياسي، في حزب المؤتمر الوطني في السودان، محمد مصطفى الضوء، أن يخطو الحزب لسحب ترشح الرئيس، عمر البشير في انتخابات الرئاسة 2020، مشيرا إلى، أن مثل هذه القرارات، تخص مؤسسات الحزب وحده.
هذا وهدد علي عثمان محمد طه القيادي البارز في الحزب الحاكم ونائب الرئيس الأسبق في مقابلة تلفزيونية، المعارضين بما أسماه "كتائب الظل"، فضلا عن ان خطاب للرئيس البشير أمام الجيش لم يخلو من التهديد أيضا.

ودافع طه، مساء اول الثلاثاء في قناة "سودانية 24"، بشراسة عن الحكومة ونظام "الإنقاذ"، وقال إن "كتائب ظل" تحميه ومستعدة للدفاع عنه بأرواحها. كما انتقد طه دعوات تدخل الجيش وعدّه عجزا من المعارضة عن الوصول إلى هدفها وعدم إيمانها بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، حسب تعبيره.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل المظاهرات المؤيدة للبشير والوعود التي يطلقها للشعب ستحميه فعلا من هبة الاحتجاجات الشعبية التي تقودها احزاب المعارضة؟ وهل يتحمل السودان المنهك اقتصاديا هذه الاحتجاجات المتفاقمة والى متى؟