بعد تفاقم الأزمة واضطراب الأمن

ماذا ينتظر السودان بعد حل الحكومة وعزم البشير على التخلي عن السلطة؟

ماذا ينتظر السودان بعد حل الحكومة وعزم البشير على التخلي عن السلطة؟
السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٩ - ٠٨:٥٣ بتوقيت غرينتش

تناقلت وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية نبأ إصدار الرئيس السوداني اليوم السبت قرارا يقضي بحل الحكومة الإتحادية ويعين حكومة تصريف أعمال، إضافة إلى تعيين ولاة جدد كلهم ينتمون للأجهزة النظامية من شرطة وجيش وأمن، ويتوج قراره بعزمه ترك السلطة بعد عام.

العالم-السودان

القرار الذي كشفت عنه رئاسة الجمهورية، لم يكن غريبا علن الساحة العربية، وكأنه يشبه البيانات العسكرية التي كانت تبشر بالإنقلاب على الحكومات الجاثمة على صدور البلدان العربية منذ الستينيات من القرن الماضي، خاصة وان البشير، وبدلا من ان ينتظر الإنقلاب عليه، سبق الإنقلابيين، ببيان يشبه البيانات رقم واحد العسكرية، رغم إبقائه على ستة وزراء في حكومة تصريف الأعمال الجديدة.

إلا أن الغريب على الساحة العربية، ان عمر حسن البشير الذي جثم على العرش قبل ثلاثة عقود، باغت الرأي العربي بأنه سيتنحى عن السلطة بعد عام، حيث تنتهي فترته الرئاسية بحلول عام 2020، بعد أن أمر بتعطيل نظر البرلمان في تعديلات دستورية كانت من المقرر أن تسمح له بالترشح مرة اخرى لرئاسة البلاد.

لكن المراقبين لا يعتبرون قرار البشير هذا، قرار جديدا على الساحة العربية، فما أكثر الوعود التي قطعها الحكام الذين يرون في أنفسهم ولاة بل أوصياء بـ "النص" على الشعوب، ولم يطرأ جديد على الساحة.

على صعيد آخر يأتي قرار البشير في وقت كادت معظم أحياء العاصمة الخرطوم تغط في الإحتجاجات اليوميه، لتندد بمحاولات المساس بالدستور، ما حملت البشير للإعلان عن أنه سمع صدى ثورة الشعب، المطالبة بمطالبه المشروعة، لكنه زعم أن مخربين يحاولون ركوب الموجة، والإيقاع بالبلاد في مجاري الفتن والهوان، حتى لجأ إلى طرح مشروع الحوار الهادئ والجلوس تحت سقف الوطن مع كل من يؤمن بالمطالب الموضوعية التي يكفلها الدستور للمحافظة على النظام العام والممتلكات العامة.

هذا المنحى اكده البشير بقوله: "نثق أن من ساهم في تشييد الصروح والمشروعات من أبناء الوطن، لن يكون معولا لهدمها، وسنفتح الباب مشرعا للشباب لتقدم تجاربها المتنوعة".

صحيح ان البشير قام بخطوة لإستعطاف قوى المعارضة السياسية، وإستدراجها لوثيقة الحوار، لكن تبقى تساؤلات كثيرة تبحث عن إجابات قد لاترضي المعارضة وخاصة تلك التي لجأت لحمل السلاح بوجه البشير وأعوانه، بعد كل عمليات القمع والكبت التي مارستها قواته ضد المحتجين، والتي اعترف السلطات بمقتل أكثر من ثلاثين شخصا من المحتجين فيما تؤكد المصادر الشعبية مقتل اكثر من ستين شخصا وجرح المئات وإعتقال عشرات آخرين خلال الأشهر الثلاثة من إضطراب الأوضاع في السودان.

كما يعطي المراقبون الحق للمعارضة وغالبية الشعب السوداني التحفظ على خطوة البشير هذه، لأنه أكد بقاءه في الحكم حتى نهاية ولايته الحالية اي حتى عام 2020، وهي فترة ليست بالقليلة، فكيف إذا كان هو الحاكم المطلق فيها، والشعب يعتبره مصداقا للمثل القائل: "فيك الخصام وانت الخصم والحكم".

وما يرجحه المراقبون أن يبقى الشعب السوداني حاضرا في الساحة، ويراقب عن كثب كل خطوات حكومة تصريف الأعمال التي أرسى دعائمها البشير بأشخاص مقربين منه، ناهيك عن حكام الولايات الثمانية عشرة الأخرى الذين لم يكن أحد منهم من خارج سرب الرئيس نفسه، عسى أن يتمكن الشعب من التخلص من سطوة ظل يعض على جروحه فيها ثلاثين عاما.