وسط صخب إعلامي مفتعل..

التجربة الصاروخية الإيرانية الناجحة تخرس الأبواق المأجورة

التجربة الصاروخية الإيرانية الناجحة تخرس الأبواق المأجورة
الإثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٩ - ١٠:٢٦ بتوقيت غرينتش

عندما بدأت ايران مناوراتها البحرية تحت عنوان "الولاية 97"، عمدت وسائل الإعلام المأجورة وكعادتها التطبيل والتهويل لما تسميه الخطر الإيراني المزعوم، وراحت تغطي بإعلامها المعادي على جوهر وحقيقة المناورات التي تعد الأولى من نوعها من عدة جهات.

العالم- تقاریر- ایران

وكلما اعلنت ايران ان هذه المناورات لم تكن كسابقاتها، وانها تختلف عنها من حيث المساحة والقوات المشاركة والأجهزة والمعدات المستخدمة فيها، إلا أن وسائل الإعلام المعلومة الحالة كانت تواصل آذانها وتتعامل مع الواقع كالصم والعمي والبكم، حتى اصمت آذانها هدير الصواريخ المنطلقة من الغواصات الإيرانية الصنع، وأعمت عيونها النيران الكثيفة المنبعثة من تدمير الأهداف المحددة لتلك الصواريخ الإيرانية التصميم والصنع.

واجرت القوة البحرية الايرانية مناورات "الولاية 97" الكبرى، بأكثر من 100 قطعة بحرية شملت بوارج هجومية ومدمرات، وعوامات وغواصات بأنواعها الثلاثة غدير وطارق وفاتح، لتزين كل واحدة منها أجواء المناورات بصاروخ كروز ينطلق من أعماق البحر، وتبقى العيون التي لا ترضى التطور لإيران وبحرية جيشها، مشبوحة للصواريخ وحابسة أنفاسها، منذ انطلاق زئيرها من تخوم بحر عمان وشمال المحيط الهندي، حتى تظهر على السطح، وتحلق عاليا في أجواء المنطقة، إلى أن تنقض كالصواعق على أهدافها المحددة سلفا، وهي لاتصدق ما ترى بأم عيونها.

لقد قامت الغواصة الإيرانية "غدير" و"طارق" و"فاتح" وللمرة الاولى باطلاق صواريخ كروز من أعماق البحر، لتدمر اهدافها المحددة بنجاح، في اطار مناورات القوة البحرية للجيش، وتتبعها بإطلاق صواريخ بحر سطح، ويتزامن الإطلاق مع إطلاق صواريخ اخرى من فئة بحر بحر وجو بحر، لتصبح منطقة المناورات أشبه بـ"شاشة الأفلام السينمائية" للذين لايصدقون أن الجمهورية الاسلامية الايرانية بلغت هذا المستوى من التطور في صناعاتها الصاروخية الرادعة.

وبعيدا عن كمية ونوع العتاد المستخدم في هذه المناورات، فإن كيفية استخدامه وتوقيت الإستخدام حمل اكثر من رسالة لأعداء ايران، فيما أثلج صدور أصدقائها في المنطقة والعالم.

فمن أم المواضيع التي ضاعفت التشكيك وعدم قبول ما يشاهد بأم العين، يمكن الإشارة الى ثلاث نقاط ركزت عليها ايران منذ انطلاق المناورات نحاول الإشارة اليها حسب ما يسمح المقام.

اولا- في ظل الصخب الإعلامي المضلل كان يبدو للكثير من المراقبين امكانية إجراء اي تجرب صاروخية لإيران بعد كل ذلك الصخب الإعلامي حول البرنامج الصاروخي الايراني، حيث أوشكت وسائل الإعلامية الأمريكية وحليفاتها الإقليميات تضفي طابع اليأس على أي نشاط صاروخي لإيران، لدى الرأي العام.

إلا أن المناورات الايرانية التي استمرت ثلاثة أيام، وإطلاق الصواريخ الباليستية من الغواصات الإيرانية شطبت وبخط عريض أحمر على كل تلك التخرصات والمزاعم التي لاتمت لأي صلة وعلاقة بإيران وقدراتها الدفاعية.

فالمناورات التي أعلنت ايران أنها تجري على مساحة أكثر من مليون متر مربع شرق مضيق هرمز والمياه الدولية لبحر عمان وشمال المحيط الهندي، جاءت في وقت بلغت فيها المهاترات الأمريكية ضد ايران ذروتها، خاصة وان ايران تعرضت لهجوم ارهابي بالأمس القريب من جنوب شرقها وبالتحديد من باكستان، قدمت خلالها ثمانية وعشرين شابا من أروع شبابها لدى عودتهم من مهمة حراسة ثغور البلاد، ليكونوا قرابين لإستمرار إستقلال ايران وحريتها اللتين نالتهما بفضل استقرار نظام الجمهورية الاسلامية قبل اربعة عقود. وهذا ما يزيد من حساسية المناورات التي جاءت بالقرب من مناطق تسلل الإرهابيين، لتوجه لهم ولداعميهم الإقليميين والدوليين أكثر من رسالة.

ثانيا- ان عملية اطلاق الصواريخ جاءت من على سطح الغواصات الإيرانية وبمختلف أحجامها، غدير وطارق وفاتح، ما قد يثير التساؤل المراقبين، لماذا من أعماق البحر؟ ولماذا كل هذا التستر على مناورات تم الإعلان عنها قبل ثلاثة أيام من اطلاق الصواريخ؟ ...

إلا أن واقعة المنطقة هو الذي يؤكد ضرورة التستر على محل اطلاق الصواريخ وموعدها، لكثرة العيون الخبيثة، وغير الأمينة التي قد تكشف منصات الإنطلاق، ويستغل أعداء ايران لحظات الإطلاق ويستهدفون القطعات الايرانية لا لشئ سوى أنهم يقولون للعالم أننا تمكنا من ردع ايران وعدم السماح لها من إختبار قدراتها الصاروخية!!!. هذه الحنكة الايرانية يرى المراقبون انها ان لم تكن العامل الرئيس في نجاح المهام والتجارب، فمما لاشك فيه انها من أهم عوامل نجاح التجربة الإيرانية التي لم يسبق لها مثيل خلال المناورات السابقة.

ثالثا- لم تقتصر التجارب الصاروخية الإيرانية هذه المرة على الصواريخ البالستية فقط، فقد شاركت القطع البحرية والعوامات المشاركة معها في المناورات بتجربة اسلحة ومعدات اخرى، منها القوات الجوية التابعة للبحرية الإيرانية والتي جربت اطلاق صواريخ جو بحر، وتبعتها القطع البحرية بإطلاق صواريخ بحر بحر، لتكتمل الدفاع الصاروخي البحري للقوات الإيرانية، متوجة بإطلاق صواريخ يتم التحكم بها إلكترونيا من الغواصات المشاركة في المناورات.

وبإطلاق المدمرات والبوارج الحربية صواريخ بمديات تراوحت بين 250 و300 كيلومتر، باتت البحرية الإيرانية مزودة بتقنية إطلاق صواريخ كروز البحرية، اضافة الى صواريخ جو بحر التي اطلقتها مروحية SH، والذي جاء مكملا لصاروخ مارك 46 الذي اطلقته الغواصات الإيرانية من الأعماق للسطح والسواحل البحرية.

هذه التجربة الإيرانية دفعت خصوم ايران للحد عن مزاعمهم والدخول في متاهات تحاول التقليل من أهمية نجاح التجربة الإيرانية وإظهارها بأقل مما سجلت من أهداف، تجعل ايران في مقدمة الدول الأكثر تطورا في الصناعات العسكرية الرادعة، ان لم تكن الأول على مستوى محيطها الإقليمي. الأمر الذي من شأنه أن يجبر الأعداء من تغيير لغة التخاطب مع ايران، والأيام بيننا.

*عبدالهادی الضیغمی / العالم