أحزاب تونسية تلوّح بإحياء تحالف الترويكا استعدادا للانتخابات

أحزاب تونسية تلوّح بإحياء تحالف الترويكا استعدادا للانتخابات
الإثنين ٠٤ مارس ٢٠١٩ - ١١:٣٠ بتوقيت غرينتش

يثير استحضار تحالف الترويكا قبيل الانتخابات التساؤلات بشأن وجود نوايا جدية لإحياء هذا التحالف الذي يرى كثيرون أن الزمن قد تجاوزه، غير مستبعدين أن تكون مجرد مناورة جديدة من مناورات النهضة للضغط على حليفها في الحكم يوسف الشاهد.

العالم - تونس

وبعثت حركة النهضة الإسلامية برسائل مفادها إمكانية إحياء تحالف الترويكا، الذي حكم عقب أول انتخابات جرت بعد سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

واجتمعت الأحزاب الثلاثة (حراك تونس الإرادة والتكتل الديمقراطي وحركة النهضة) في ندوة أثثتها مداخلات كل من الرئيس السابق المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة السابق علي لعريض والحبيب خضر المقرر العام لدستور 2014. كما حضرها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من النواب والسياسيين.

واعتبرت هذه الندوة التي تأتي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها في أكتوبر ونوفمبر القادمين، بمثابة لبنة أولى لتشكيل تحالف بين أصدقاء الأمس، استعدادا لتلك الاستحقاقات.

وعزّز هذا الاجتماع التوقّعات بشأن إمكانية دعم حركة النهضة للمنصف المرزوقي خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة وأنه يحتل مراتب متقدمة في نتائج سبر الآراء منذ سنوات. كما أن مصطفى بن جعفر شخصية وازنة في المشهد السياسي التونسي، من غير المستبعد أن يترشح للانتخابات الرئاسية.

وفي تصريحات اعتبرت مغازلة للنهضة قال المرزوقي، إن مسألة "التنظيم السري للنهضة"، مجرد قصة "افتعلتها غرفة عمليات أجنبية لتصفية الحركة والإسلام السياسي في البلاد".

ونهاية العام الماضي، قالت لجنة الدفاع عن القيادييْن اليسارييْن المغتاليْن في 2013، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إن حركة النهضة تمتلك "جهازا عسكريا سريا متورطا بالاغتيالات وتصفية الخصوم".

ويثير هذا الاجتماع تساؤلات بشأن مصير التحالف الحالي بين حركة "تحيا تونس" المحسوبة على رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحركة النهضة، خاصة وأن اصطفاف الحركة مع الشاهد أوحى بأنه سيكون حليفها بعد الانتخابات القادمة.

وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أعلن في سبتمبر الماضي فك تحالفه مع حركة النهضة، احتجاجا على دعمها للشاهد الذي طالب نداء تونس بإقالته.

في المقابل يقلل مراقبون من جدية هذا التحرك ويرون أنه ليس سوى محاولة من النهضة للضغط على يوسف الشاهد. ويعتقد المتابعون أن تحالف الترويكا تجاوزه الزمن ولا إمكانية لإحيائه بالنظر إلى حجم التنافر بين أقطابه.

ويرى هؤلاء أن النهضة ستتجه بعد الانتخابات إلى التحالف مع حركة "تحيا تونس"، وهو ما يؤكده تمسكها ببقاء هذه الحكومة رغم اتهامات لرئيسها باستخدام موارد الدولة من أجل أهداف انتخابية.

وجدد رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني الأحد، تمسك حزبه بالاستقرار الحكومي من أجل مصلحة البلاد.

وقال الهاروني في تصريحات إذاعية على هامش زيارته لعدد من المكاتب المحلية لحركة النهضة، إن الحركة وضعت شروطا لضمان الاستقرار الحكومي، وتحدث في ذلك مع يوسف الشاهد.

وأضاف أن "هذه الشروط تتمثل في ضرورة احترام حياد الإدارة ومؤسسات الدولة وأن تكون الحكومة حكومة الجميع ولا تكون حكومة حزب أو شخص ولا تنخرط في العملية الانتخابية".

وشدّد الهاروني على أن "النهضة تؤكد على ضرورة توفر شروط الاستقرار الحكومي وتكون الحكومة محايدة وتضمن إنجاح الاستحقاق الانتخابي، مشيرا إلى أنه إذا استوجب القيام بتغييرات من أجل الاستقرار الحكومي فسيتم ذلك لأن مصلحة البلاد فوق الأشخاص".

إلا أن تصريحات قيادات في حركة "تحيا تونس" تؤكد استحالة التحالف مع النهضة بعد الانتخابات، تشوش على توقعات استمرار التحالف بين الشاهد والنهضة.

وقبل نحو 8 أشهر من الانتخابات البرلمانية في تونس، بدأ الإعداد لائتلافات حزبية جديدة لخوض هذه الانتخابات بعضها اتضحت ملامحه والبعض الآخر مازال في طور التشكيل.

والعنوان الأبرز للدعوة لهذه الائتلافات هو "توحيد العائلة الوسطية والحداثية" وطخلق التوازن السياسيط، خاصة مع حركة النهضة التي تضعها أغلب مؤسسات سبر الآراء في مقدمة الأحزاب السياسية المرشحة بالفوز بالانتخابات القادمة. وتقود هذه الدعوات أحزاب سياسية وشخصيات سياسية تسعى إلى الحصول على موقع متقدّم في الانتخابات البرلمانية القادمة. ومن أبرز تلك الأحزاب طحركة تحيا تونسط، التي تقول إنها تقدّمت أشواطا في المشاورات مع ثلاثة أحزاب سياسية، في إطار ما سمته طالمسعى التوحيدي للعائلة الوسطيةط.

وتتم المشاورات مع كل من حركة مشروع تونس وحزب المبادرة (حزبان مشاركان في الحكومة الحالية) وحزب البديل التونسي، الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق المهدي جمعة. ويقول المنسق العام لحركة "تحيا تونس" سليم العزابي إن هذه المشاورات ستتوسع لتشمل أحزاب وشخصيات وأخرى دون أن يسمّيها.

وبدورها تستعد حركة النهضة لاستقطاب عدد من الشخصيات المستقلة التي فازت في الانتخابات المحلية، التي جرت في مايو الماضي وتصدّر المستقلون نتائجها. وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي، الأحد، إن أغلبية المستقلين ممن خاضوا تجربة الانتخابات البلدية 2018 يتجهون وبرغبة منهم للانخراط بالحركة، ولهم حظوظ وافرة في المؤتمرات المحلية للحركة التي تتواصل بكافة جهات الجمهورية والمؤتمرات الجهوية التي تعقبها لاحقا.

وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية عقب إشرافه على افتتاح المؤتمر المحلي لمكتب حركة النهضة بدوار هيشر (حي شعبي قرب العاصمة)، أن كل منخرط بالحركة يصبح عضوا، وبالتالي يمكنه المشاركة والترشح في هذه المؤتمرات المنعقدة بكافة معتمديات الجمهورية وعلى مدى ثلاثة أسابيع لتجديد القيادات المحلية من كتّاب عامّين محليين وأعضاء مكاتب.

ويقول المراقبون إن هذا التصريح الاتهامات التي وجهت للحركة خلال الانتخابات المحلية بالوقوف وراء أغلب القوائم المستقلة، كخطوة استباقية لاحتمال هزيمتها ولتعزيز سيطرتها على المجالس المحلية والبلديات.