فيما تفرض أشد أنواع الحظر على ايران

واشنطن تتباكى على منكوبي السيول وتزعم نيتها مساعدتهم

واشنطن تتباكى على منكوبي السيول وتزعم نيتها مساعدتهم
الأربعاء ٠٣ أبريل ٢٠١٩ - ٠٩:٤٦ بتوقيت غرينتش

قديما قيل ان "المتجبرين يقتلون مناوئيهم ويمشون في جنائزهم"، وما اصدق هذه المقولة على سماسرة البيت الأبيض، الذين يتباهون ويعلنون أكثر من مرة أنهم فرضوا عقوبات لم يشهد لها التاريخ مثيلا على ايران ومؤسساتها وحتى اشخاص من أبناء شعبها، واليوم يذرفون دموع التماسيح على منكوبي السيول التي تعصف بمعظم محافظات البلاد منذ اكثر من اسبوعين.

العالم-تقارير

ومن المعروف ان الإنسان قد يتمكن من التغلب على المتاعب والمشاكل التي قد تعتري حياته بين الحين والآخر، خاصة المشاكل التي تكون من صنع بني الأنسان والتي قد تُعقِّد حياته مثل الزحمة المرورية، أو التخلص من المدن المزدحمة ومشاكلها، لكنه لايمكن ان يدعي أحد بأنه يتمكن من الصمود أمام الكوارث الطبيعية التي لايعلم ساعة وقوعها ولا فترة استمرارها.

ولم تكن ايران البلد الوحيد، او اول بلد يتعرض لعواصف رعدية، تليها هطول أمطار موسمية غزيرة تؤدي الى وقوع سيول جارفة، تأتي على الأخضر واليابس.

وصحيح أن كل ذلك من المقدرات التي يجب أن تحدث، لكن من أفضل ميزات الحياة الإجتماعية للإنسان، هي انه يتعاون مع أبناء جلدته كلما حدثت لهم حادثة، أو حلت بهم كارثة طبيعية كانت او مفروضة عليهم ممن يكنون لهم العداء.

وبدورها امريكا لم تكف عن العداء ومخاصمة ايران منذ انتصار ثورتها الاسلامية حيث مارست كل أنواع الضغوط عليها سعيا منها لإعادتها الى بيت الطاعة والإذلال الأمريكي.

وما يلفت الإنتباه ويكشف نفاق وزيف مزاعم السماسرة المهيمنين على البيت الأبيض، مباهاتهم بالعقوبات التي أضافوها على مثيلاتها السابقات على بعض المؤسسات و17 شخصية ايرانية، متذرعين انها على صلة بالإرهاب أو ممن يتعامل مع الإرهابيين، بالرغم من انهم يزعمون أنها تمس النظام دون أن تؤثر على حياة الشعب الإيراني.

أما الشعب الايراني الذي إعتاد على مقاومة الصعاب وتوحيد الصف في المواقف الحرجة، فقد هب هبة رجل واحد، ليساعد أبناء الشعب الإيراني اخوانه المتضررين بالسيول التي تعصف بمعظم محافظات شمال وغرب وجنوب غرب البلاد، ولن تألو جهدا في تقديم العون والمساعدات المالية والعينية للمتضررين.

وبدورها نزلت الحكومة بكل ثقلها ورجالاتها من وزراء ومعاونين وقوات الجيش وحرس الثورة الإسلامية وقوات التعبئة ومعداتها لتخفف من آلام السيول التي ضربت المدن، وعطلت الحياة في وقت كانت فيه البلاد تمر في عطلة رسمية أساسا.

وفي اول فرصة نزل الرئيس الإيراني حسن روحاني بكل طاقم حكومته الى المناطق التي غطت فيها مياه السيول المدن الشمالية والغربية والجنوبية الغربية، وأبقى وزيري الطاقة والداخلية اللذين يتحملا العبء الأكبر من الإهتمام بحل المشاكل الناجمة عن السيول، التي تعرقل حياة المواطنين، أبقاهما في محافظة خوزستان ليشرفا مباشرة على سير الأعمال، فيما عين رئيس أركان القوات المسلحة اللواء باقري، احد كبار مساعديه، قائد البحرية الإبرانية السابق العميد بحري حبيب الله سياري ليقود العمليات الميدانية لعمليات الإنقاذ والإمداد والإسعاف.

اما قائد الثورة الإسلامية لدى استقباله كبار المسؤولين المعنيين بمعالجة الموقف، إعتبر الهبة الشعبية لمساعدة المنكوبين بالسيول الأخيرة نهضة شعبية، وبارك للعاملين الجهود والمعنويات التعبوية في إسعاف إخوانهم المواطنين.

وفي هذه الأحيان التي أضحت ايران فيها كخلية نحل لا تعرف الليل من النهار في تقديم الخدمات، أطل على الإعلام الأمريكي وزير خارجية سمسار البيت الأبيض ليزعم أنه وحكومة السماسرة العنصريين على استعداد لتقديم العون لمنكوبي السيول الأخيرة في ايران. كلام لم يعد يصدقه حتى أكثر السفهاء سفاهة.

وهو كلام كذب مافوقه كذب، ويمكن إعتباره "كذبة نيسان" كما يقول المثل السائد، ونفاق لايعلوه نفاق. فلو كان يفهم مايك بومبيو ما صرح به لوسائل الإعلام لكان أول من يخجل من مزاعمه التي لايصدقها أقرب المقربين لديه.

ومن حق المرء ان يتساءل من وزير خارجية البيت الأسود، كيف يمكن تصديق مزاعم حكومة تواصل فرض الحظر على بلد منذ أربعين عام، بل وانها وبالامس القريب زعمت انها أضافت عقوبات حصرية على عقوباتها التي فرضتها في وقت سابق على الشعب الإيراني، وكيف تزعم اليوم بأنها تريد مساعدة هذا الشعب؟

فلو كان بومبيو وسيد بيته الأوسخ، يفهمان معنى المساعدات، لما منعوا الشعب الإيراني من الحصول على أمواله التي يحصل عليها مقابل بيع جزءا من ثرواته نفطية كانت أو صناعية، بسبب الحظر الذي تفرضه واشنطن عليه.

وأكبر دليل على تفاهة مزاعم واشنطن وسماسرة بيتها الأبخس، هو إدراج جمعية الهلال الأحمر الإيرانية ضمن المؤسسات المرتبطة بـ "الإرهاب" وفرض حظر صارم عليها، على حد زعمهم.

دموع التماسيح هذه التي ذرفها بومبيو على منكوبي السيول في ايران كانت الخارجية الإيرانية لها بالمرصاد، حيث اكد امير ها، الدكتور محمد جواد ظريف وفی تغریدة له(مساء أمس الثلاثاء) عبر حسابه على تویتر، ان مزاعم السید بومبیو بشأن استعداد الولایات المتحدة لدعم الاتحاد الدولي للصلیب الاحمر والهلال الاحمر الذي بإمكانه ایصال الاموال الى جمعیة الهلال الاحمر الایرانیة'.

وتساءل ظريف كيف تستلم جمعیة الهلال الاحمر الایرانیة المبالغ وهي محرومة من إستلام مبالغها ومبالغ الإیرانيين المقيمين خارج البلاد لمساعدة إخوانهم وهي تحت وطأة الحظر الامریكی الجائر؟ مشيرا الى ان هذه المؤامرات الأمريكية هي ضرب من الإرهاب وعلى الولایات المتحدة ان تقر بالمسؤولیة قبال ارههابها الاقتصادی'.

أما المتحدث باسم الخارجیة بدوره هو الآخر اكد أن أمیركا أغلقت كافة الطرق لإرسال المساعدات الي المنكوبین بالفیضانات، بحيث حتى الحسابات المصرفیة لجمعیة الهلال الأحمر الإیرانیة لم تسلم من الحظر و المنع من التعامل مع المؤسسات المالية الاخرى!!!...، فكيف يمكن أن تستلم المساعدات من الدول الأخرى للمنكوبین بالفیضانات؟

علما أن مؤسسات إغاثیة كالصلیب الأحمر والهلال الأحمر أعلنت خلال الأیام الأخیرة بأنها لا تستطیع إرسال مساعداتها الى نظيرتها الإيرانية بسبب الحظر الأمریكي عليها وإستمرار محاولات أمیركا منع إرسال المساعدات الإنسانیة للمنكوبین بالفيضانات.

وبدوره دعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسيم المجتمع الدولی والمنظمات الدولیة المعنیة بالإغاثة لمواجهة هذا الإجراء الوحشي، مؤكدا أن هذا الإجراء الأمیركي، جاء علي أعتاب الذكري السنویة لإنسحابها من الإتفاق النووی، ما یعكس التوجه ضد الشعبی لساسة هذا البلد وذلك علي الرغم من شعاراتهم ومزاعمهم الساخرة، حیث یقولون 'ان الحظر لیس ضد الشعب الإیرانی بل هو لصالحهم'.

وأضاف قاسمی، انه حتي خلال الظروف الصعبة والطارئة لا یتم عادة إغلاق جمیع المنظومات المصرفیة ویتم توفیر إمكانیة إرسال المساعدات الإنسانیة الي الناس عن طریق مؤسسات كالصلیب الأحمر والهلال الأحمر، لكن أمیركا ومن خلال تبنی نهج لا إنسانی جائر، قامت بإغلاق كافة طرق تقدیم المساعدات الي أهالی المدن المنكوبة بالفیضانات.
وتابع قاسمي، ان المؤسسات الإغاثیة كالصلیب الأحمر والهلال الأحمر أعلنت خلال الأیام الأخیرة بأنها لا تستطیع إرسال مساعداتها الي جمعیة الهلال الأحمر فی الجمهوریة الإسلامیة ویبدو أن أمیركا تحاول منع إرسال المساعدات الإنسانیة الي المنكوبین.

كل هذا لم يمنع الجيش وحرس الثورة الإسلامية من تكريس كل الأجهزة والمعدات لخدمة المناطق التي غطتها أمطار السيول، حتى اصبحت الأوضاع تحت السيطرة، لتبدأ الجرافات وساحبات المياه بكري الأنهار والروافد خاصة تلك التي تمر من وسط المدن او في محيطها، فيما تبقى المروحيات وكافة اجهزة ومعدات الجيش وحرس الثورة بتقديم الخدمات لسكان المناطق التي عصف بها الأمطار الموسمية، ونقلهم الى أماكن أكثر أمنا واستقرارا.

وأخر ما نقلته قوات الجيش والحرس من اجهزة للمناطق المنكوبة بالسيول، مضخات عملاقة تقوم بسحب الطمأ والترسبات من قعر الأنهار والروافد، وتفتح الممرات المائية، لتساعد على انتقال المياه السائبة الى الروافد التي تنقلها للأنهار القريبة منها لتتخلص المدن وسكانها من وطأة المياه وتعود الحياة الى مجاريها، رغم جرائم البيت الاسود على الشعب الإيراني والمتمثلة بفرض الحظر غير الشرعي و الظالم على ايران حكومة وشعبا و مؤسسات، حتى في وقت يقف العالم بأسره ليمد يد العون للشعب الإيراني، ليبقى الخزي والعار يزينان سماسرة البيت الأسود.

عبدالهادي الضيغمي