سيف المليارات السعودية في حرب المنافسة مع إيران للوصول إلى قلوب العراقيين..

سيف المليارات السعودية في حرب المنافسة مع إيران للوصول إلى قلوب العراقيين..
الجمعة ٠٥ أبريل ٢٠١٩ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

تشهد العاصمة العراقية بغداد هذه الأيام "غزواً" اقتصاديا سعوديا غير مسبوق، حيث حط الرحال فيها الخميس وفد من مئة شخص يضم تسعة وزراء برئاسة الدكتور ماجد القصبي، وزير الاقتصاد والاستثمار السعودي، الذي أعلن عن منحة مالية من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مقدارها مليار دولار، ستشمل إقامة مدينة رياضية لأبناء العراق كهدية منه، وإقامة منطقة تجارية حرة عند معبر عرر الحدودي بين البلدين.

العالم - مقالات وتحلیلات

هذا الحراك السعودي المدعوم باتفاقات وتفاهمات تجارية ضخمة يأتي في إطار التنافس السعودي الإيراني للفوز بقلوب العراقيين، واستمالة دولتهم، وفي إطار استراتيجية سعودية جديدة تريد تصحيح أخطاء أخرى سابقة كانت تتبنى سياسة الابتعاد عن العراق، باعتباره دولة "غير صديقة" ومن الصعب كسب ودها بحكم قربها من إيران أولاً، وتغلغل النفوذ الإيراني فيها ثانياً، واعتناق الغالبية من أبنائها من المذهب الإسلامي الشيعي ثالثاً.

الصراع بين إيران والسعودية على أرض العراق سيكون أيديولوجيا أمنيا من الجانب الأول (إيران) وماليا طائفيا من الجانب الثاني (السعودية)، إيران تستخدم الورقة المذهبية الشيعية والسعودية تلوح بالورقة السنية، واختارت سلاح الاستثمارات الذي لا يملكه خصومها في طهران التي تواجه حصاراً أميركيا خانقاً، انعكس سلبيا على اقتصادها وعضلاتها المالية.

التمهيد لهذا التحرك السعودي الإنفتاحي على العراق تعزز عبر عقد قمة ثلاثية في القاهرة بين زعماء الأردن والعراق برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وزيارة العاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيس وزرائه عمر الرزاز للعاصمة العراقية قبل شهر.

زيارة السيد عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي، إلى الرياض في الأيام القليلة القادمة والحفاوة التي سيحظى بها، واتفاقات الاستثمار والتبادل التجاري التي سيوقعها، ستكون ذروة هذا الانفتاح السعودي، فالسيد عبد المهدي يوصف بالبراغماتية والرغبة في التركيز على مصالح العراق الاقتصادية بالدرجة الأولى.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ليس حول الدولة التي ستخرج رابحة من هذا التنافس السعودي الإيراني؟ وما إذا كان هذا الاستثمار المالي السعودي سيعطي ثماره أم لا؟ وإنما كيف سيكون الوضع في حال تصاعدت حدة التوتر بين البلدين، أي السعودية وإيران، في حال قررت الأولى الوقوف في الخندق الأميركي في أي مواجهة أميركية إيرانية، خاصةً في ظل اقتراب شهر أيار (مايو) المقبل حيث ستبدأ المرحلة الثانية من تطبيق العقوبات الأميركية على إيران وجوهرها منع الصادرات النفطية كليا؟

لا نملك إجابات على هذه الأسئلة، ولكن حدوث انقسام داخل العراق حول النفوذ الإيراني بين مؤيد ومعارض ومحايد سيكون الثغرة التي ستحاول الأذرع المالية السعودية النفاذ منها إلى قلوب العراقيين، أي استخدام "القوة الناعمة" وتخفيف نهج المعايير الطائفية القديم الذي أعطى نتائج عكسية.

إيران ستشعر بالقلق حتماً من أي محاولات اختراق سعودية لحديقتها العراقية الخلفية، أما كيف ستعبر عن هذا القلق فهو ما سنشاهده في الأشهر المقبلة.. والله أعلم.

* "رأي اليوم"