في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الى اين وصلت قضية خاشقجي؟

في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الى اين وصلت قضية خاشقجي؟
الجمعة ٠٣ مايو ٢٠١٩ - ٠٥:٥٦ بتوقيت غرينتش

شغلت جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي من قبل النظام السعودي العالم كله، وعول عليها صحافيون عرب وأجانب ببدء حقبة جديدة تضمن حقهم في قول الحقيقة والتعبير عن آرائهم لكن "اليوم العالمي لحرية الصحافة" يحل اليوم الجمعة وسط تراجع التفاؤل إزاء مستقبل العاملين في هذا القطاع، وإمكانية ضمان سلامتهم وحرية ممارستهم للمهنة.

العالم - السعودية

وفي الثاني من تشرين الأول الماضي 2018، دخل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، حيث انتظره أكثر من اثني عشر عميلا سعوديا مدرّبين قتلوه، وقطّعوا جسده بوحشية، ثم هربوا من تركيا.

وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، اليوم الجمعة، أن نائبين في الكونغرس الأمريكي، وصفا عملية اغتيال وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي من قبل النظام السعودي بـ"الوحشية".

وجاءت تصريحات النائبين الأمريكيان ستيف شابوت (جمهوري من ولاية أوهايو) وآدم شيف (من كاليفورنيا) وهما رئيسان مشاركان لجمعية حرية الصحافة بالكونغرس، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الثالث من أيار.

ونقلت صحيفة (واشنطن بوست) عن النائبين القول: في 3 يار نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة مهمة تلف النظر للدور الذي يلعبه الصحفيون في المجتمعات الديمقراطية، اضافة الى لفت الانتباه إلى مئات الصحفيين في جميع أنحاء العالم الموجودين في زنزانات السجون، أو الذين تعرضوا للهجوم أو الجرح أو القتل بسبب نشرهم الحقيقة.

وأضاف النائبان: نرى ذلك في عملية الاغتيال الوحشية بحق جمال خاشقجي ، كاتب العمود في صحيفة "بوست"، والذي اغتيل على أيدي عملاء من الحكومة السعودية بسبب انتقاده لولي العهد والمملكة.

وبحسب الصحيفة، فأنه من المتوقع أن يكون اغتيال خاشقجي بسبب العمود الأخير لصحيفة "ذا بوست"، عرض فيه خاشقجي نداء ودعوة لإحياء الديمقراطية والتعبير الحر في العالم العربي عموما وفي السعودية تحديداً .

وأشار النائبان في الكونغرس الأمريكي الى أن "أولئك الذين يسعون إلى السلطة المطلقة، والذين يسعون لإثراء أنفسهم من خلال الفساد، والذين يستخدمون الخوف والعنف كوسيلة لتحقيق هذه الغايات يخشون حرية الصحافة - وكذلك ينبغي عليهم".

وقد وصل جون أبي زيد، سفير الولايات المتحدة الجديد لدى السعودية الخميس، إلى العاصمة الرياض، لتسلُّم مهام منصبه بعد شغور المنصب لأكثر من عامين، وينتمي أبي زيد إلى أصول لبنانية، وتولى عدة مناصب عسكرية سابقة من بينها قيادة القيادة المركزية الأمريكية خلال حرب العراق.

ومن أبرز تصريحات أبي زيد أمام الكونغرس وصف واقعة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بأنها "عملية قتل خرقاء" وفق شبكة CNN الأمريكية، موكداً أنه سيواصل الضغط على الحكومة السعودية من أجل محاسبة المسؤولين عن هذه العملية.

وظل منصب السفير الأمريكي لدى الرياض شاغراً منذ أن غادره السفير السابق جوزيف ويستفال في يناير/كانون الثاني 2017.

من جانب اخر تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورة للواء ركن أحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات السابق، والمتهم بقضية مقتل خاشقجي، داخل قنصلية بلده في اسطنبول.

وظهر عسيري بالزي السعودي التقليدي، داخل منزله رفقة ابن شقيقه، عمر عسيري، بمناسبة تخرج الأخير من كلية عسكرية برتبة ملازم.

وأثار ظهور عسيري داخل منزله جدلا واسعا، لا سيما أن السلطات السعودية زعمت إيقاف جميع المتورطين في قضية قتل خاشقجي. وقال ناشطون إنه ثبت "كذب" ادعاء السلطات السعودية، بأنها تقيم محاكمات عادلة للمتورطين بقتل خاشقجي.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اتّهم المدعي العام 11 شخصا بعملية القتل، من دون أن يسميهم، مطالبا بالإعدام لخمسة منهم، وبسجن الآخرين.

إلا أن مسؤولين غربيين، كشفوا قبل أيام، أن المستشار المقال من الديوان الملكي، سعود القحطاني، لا يحاكم بالقضية.

ويقول سعوديون إن المستشار السابق لا يزال يتمتع بالقدرة على التأثير بعيدا عن الأضواء، بينما يشير آخرون إلى أنه فضّل الابتعاد إلى حين اضمحلال ردود الفعل الغاضبة في العواصم الكبرى.

وكانت النيابة العامة السعودية أعلنت في 15 نوفمبر 2018 توجيه التهم إلى 11 شخصاً من الموقوفين في قضية مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي. وأبعدت النيابة العامة السعودية في ذلك الوقت الشبهات عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي محمّلة مسؤولين آخرين مسؤولية الجريمة.

ويثير عدم إفصاح السلطات السعودية عن أسماء ومصير المحتجزين، علامات استفهام كبيرة حول مصيرهم، خاصة بعد أن أعلنت النيابة العامة التحقيق مع 21 شخصاً، وتوجيه التهم إلى 11 شخصاً، وطالبت بإعدام مَن أمر بجريمة قتل خاشقجي ومَن نفَّذها، وعددهم 5 أشخاص.

ويحل "اليوم العالمي لحرية الصحافة" يحلّ اليوم وسط تراجع التفاؤل إزاء مستقبل العاملين في هذا القطاع، وإمكانية ضمان سلامتهم وحرية ممارستهم للمهنة. فهل كان الاتكال على قضية خاشقجي مبالغاً فيه؟ وماذا يميز هذه الجريمة عن أخرى تلاحق الصحافيين يومياً وتسلبهم حريتهم أو حياتهم؟

وبدت الصحافة العالمية في حملتها هذه كأنها لا تدافع عن زميل فقط، بل تحاول إلى حد ما مراجعة نفسها والتكفير عن ذنبها، بعدما شاركت هي نفسها في الترويج للأمير "الشاب" و"خطواته الإصلاحية". فالانبهار الإعلامي الأميركي والأوروبي الذي رافق صعود ولي العهد تزعزع حين شنّ النظام السعودي حملة اعتقالات كبرى، في سبتمبر/أيلول عام 2017، طاولت أكاديميين واقتصاديين وكتّاباً وصحافيين وشعراء وروائيين ومفكرين ودعاة إسلاميين، بالرغم من أن منابر عدة وضعته في إطار "مكافحة الفساد". لكنه انهار كاملاً بعد تصفية خاشقجي.

لكن ماذا تغير فعلاً؟ بعد أيام من مقتل خاشقجي، قالت صحيفة "ميرور" البريطانية إن الصحافي السعودي، تركي بن عبد العزيز الجاسر، قتل في السجون السعودية تحت التعذيب، لأنه أنشأ حساباً سرياً على موقع "تويتر" كشف فيه عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المسؤولين وأفراد العائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية. لم نعرف أي تفاصيل أخرى إضافية عما حصل.

حملة اعتقالات الكتاب والمثقفين، في إبريل/نيسان الماضي، أكدت أن المملكة مستمرة في تنفيذ مشروع ولي العهد محمد بن سلمان بعدم السماح ببقاء أي شخص غير موالٍ له تماماً خارج السجن. وقد طاولت هذه الحملة الكاتب والباحث ثمر المرزوقي وزوجته خديجة الحربي، والطبيب والباحث بدر الإبراهيم ومحمد الصادق، وفهد أبا الخيل وعبد الله الدحيلان ومقبل الصقار ويزيد الفيفي، بالإضافة إلى صلاح الحيدر، نجل الناشطة النسوية المفرج عنها أخيراً عزيزة اليوسف، ويحمل الحيدر بالإضافة إلى الإبراهيم الجنسيتين الأميركية والسعودية.

وفي السياق نفسه، أكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" أخيراً أن المناطق "الآمنة" للصحافيين تصبح نادرة. وقالت المنظّمة، في تقريرها للعام 2019، إنّ "وتيرة الكراهية ضد الصحافيين قد تصاعدت إلى درجة جعلتها تبلغ حد العنف، الأمر الذي أدى إلى تنامي الشعور بالخوف".

واعتبرت "مراسلون بلا حدود" أن "جريمة اغتيال الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي، بدم بارد، داخل قنصلية بلاده في تركيا، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت رسالة فظيعة إلى الصحافيين والمراسلين في جميع أنحاء العالم، وليس فقط داخل حدود المملكة العربية السعودية. علماً أن العديد من الصحافيين في المنطقة استسلموا للرقابة الذاتية أو توقفوا عن الكتابة، خوفًا على حياتهم".