لبنان يطالب بضمانات لترسيم الحدود مع كيان الاحتلال

لبنان يطالب بضمانات لترسيم الحدود مع كيان الاحتلال
الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٩ - ٠٥:٠٠ بتوقيت غرينتش

قطعَ مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد شوطاً كبيراً في مهمته التي تدفع باتجاه إطلاق مفاوضات برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية، لترسيم الحدود البحرية والبرية بينَ لبنان وفلسطين المُحتلة.

العالم- لبنان

ومع وصول ساترفيلد الى لبنان حاملا وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي، سادَ ترقب لما حمله الزائر الأميركي معه من تل أبيب، بعد زيارته لها، رداً على المقترحات اللبنانية بشأن آلية التفاوض وترسيم الحدود.

وهي الآلية التي عكسها الموقف اللبناني الموحد، والتي تقوم على قاعدة إحياء اللجنة الثلاثية، بحضور وسيط أميركي.

وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية، نقلا عن مصادر مطلعة على اللقاءات التي عقدها ساترفيلد مع مسؤولين لبنانيين (رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل) أكدت أن ما نقله المبعوث الأميركي يحمِل تقدماً كبيراً لجهة «موافقة تل أبيب على بعض النقاط التي سبقَ أن عارضتها سابقاً».

وقالت المصادر «نحن في مرحلة دقيقة جداً من إنجاز الاتفاق على التفاوض، لكن ما يحصل هو إيجابي إذ تمّت الموافقة على ثبات التفاوض برعاية الأمم المتحدة، وحضور الوسيط الأميركي، والتلازم بين البرّ والبحرّ، بالإضافة الى مكان التفاوض في مكاتب الأمم المتحدة في الناقورة».

لكن «يبقى هناك بعض التفاصيل البسيطة، لكنها أساسية، لأن كل شيء مع الجانب الإسرائيلي يجب أن يكون مُحكماً».

هذه التفاصيل يجري التكتم عليها «منعاً لأي مفاجآت سلبية»، لكن «هناك إصرار لبناني على الحصول على ضمانات من أجل استكمال التفاوض حتى اللحظة الأخيرة للوصول الى النتائج المرجوة التي تحفظ حق لبنان في البرّ والبحر».

ولمّحت المصادر إلى أن «الجانب اللبناني يطلب ضمانات من واشنطن كي لا يكون أمام تل ابيب أي تبرير فيما بعد لإفشال التفاوض، في حال لم تكن النتيجة لمصلحتها».

وهذه الملاحظات سيحملها ساترفيلد ويعود بها إلى الأراضي المحتلة للعودة بجواب من أجل إطلاق مسار التفاوض.

هذا وفي رؤية لبنان الرسمي، ومعه حزب الله، أن الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني استجابتا لمطالبة مزمنة، وأن واشنطن بعد رفض طويل لدور الأمم المتحدة في الترسيم البحري، عادت وقبلت بهذا الدور، ما يعني في حد ذاته «انتصاراً معنوياً ومادياً» للبنان.

فمنذ أن بدأ ساترفيلد جولاته المكوكية بين بيروت وتل أبيب، سمع رواية واحدة، من المسؤولين السياسيين والأمنيين اللبنانيين على السواء، وموقفاً واحداً متمسكاً - كما يردد الرئيس نبيه بري - بعدم التفريط بكوب ماء واحد من بحر لبنان، في مقابل تمسك واشنطن بخط هوف.

على مدى أشهر التفاوض، طرح لبنان موضوع الأمم المتحدة كطرف تُجرى تحت رعايته المفاوضات، فرفضت واشنطن، رغم أن العرض اللبناني تضمن قبولاً بدور واشنطن كمراقب أو مشارك.

وفي الوقت ذاته عرض لبنان أيضاً دخول واشنطن على خط التفاوض مع قبرص، التي عقدت اتفاقاً مع تل أبيب في شأن البحر، من دون إعلام لبنان، خلافاً لما يجب فعله وفق المعاهدة المعقودة بينهما. علماً أنه يحق للبنان رفع سقف موقفه الرافض للتصرف القبرصي إلى الأمم المتحدة. رفضت واشنطن وحصرت مهمتها في التنسيق مع الكيان الصهيوني ونقل الرسائل لإقناع لبنان بخط هوف وحده بلا بدائل.

وأتى تطور الموقف الأميركي وخلفه الإسرائيلي، بعدما تبلغ لبنان سلفاً وقبل وصول ساترفيلد الأسبوع الماضي، جواً إيجابياً حول المنحى التفاوضي الجديد، في توقيت إقليمي ضاغط.

يفاوض لبنان اليوم على تلازم البر والبحر، وهذا يعني أن لا ترسيم بحرياً من دون الاتفاق على النقاط المختلف عليها براً، والتي لا يزال يحتاج لبنان و"إسرائيل" إلى مفاوضات برعاية الأمم المتحدة للبتّ بها، والانطلاق من نقطة b1 الصخرية في الناقورة التي يتمسك بها لبنان منطلقاً للترسيم البري، وإذا لم يحل الخلاف على الترسيم البري لن ينطلق الترسيم البحري.

علماً أن لبنان، بعد أخطاء وقع فيها سابقاً بتحديد المساحة الكاملة التي يحق له بها براً والتي أفقدته جزءاً مهماً من البحر اللبناني، بات أكثر دقة في التعامل مع عمليات الترسيم، وحريصاً على التمعن بكافة النقاط موضع الجدل، لأن الملف بات أكثر جدية مع تقدم الموقف الأميركي.

هذا التفاوض يطرح بنوداً تحتاج وقتاً لبلورتها: أين ستُجرى المفاوضات، في الناقورة استكمالاً لمهمة الأمم المتحدة في لبنان، ما يستلزم تغييراً في مهمتها قانوناً، أم ينقل الملف برمته إلى الأمم المتحدة في نيويورك، ويفترض منحىً آخر من التفاوض؟

وكيف تُعدَّل مهمة اللجنة الثلاثية المكلفة حتى الآن التنسيق بشأن الحدود الجنوبية، وما هي حدود الدور الأميركي في أي لجنة موسعة؟ علماً أن الفقرة التنفيذية 10 من القرار 1701 تلحظ الترسيم الحدودي، بالقول: «يطالب الأمين العام بتطوير - بالتنسيق مع فاعلين دوليين أساسيين والأطراف المعنية - اقتراحات لتطبيق بنود اتفاق الطائف ذات الصلة، والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، تتضمن نزع السلاح، وترسيم حدود لبنان الدولية، خصوصاً في تلك المناطق، حيث هناك نزاع أو التباس، بما في ذلك معالجة مسألة مزارع شبعا».

وهنا يكمن بعض اللغط حول التزامن بين الترسيم البحري وعودة النقاش مجدداً في مسألة مزارع شبعا ولبنانيتها، في توقيت واحد، علماً أن الأجهزة اللبنانية بدأت تعد ملفاتها حول شبعا والغجر، تزامناً مع فتح ملف الحدود البحرية والبرية.