السودان .. عيد بنكهة الدم

السودان .. عيد بنكهة الدم
الإثنين ٠٣ يونيو ٢٠١٩ - ٠١:٢٢ بتوقيت غرينتش

في السادس من ابريل- نيسان الماضي كان يوم مفصلي في تاريخ الثورة السودانية التي انطلقت شرارتها في ديسمبر –كانون الثاني من العام المنصرم .

العالم - قضية اليوم

اراد منظمو الاحتجاجات تكرار سيناريو السادس من ابريل من العام الف وتسعمائمة وخمسة وثمانين ،حیث وقف الجیش حينها حقيقة الى جانب الشعب وانحاز الى خياره وسلم السلطة الى حكومة انتقالية ومن ثم تم تنظيم انتخابات ديمقراطية .

الفارق بين الحدثين ان قيادة الجيش السوداني في الحقبتين الزمانيتين قد اختلفتا تماما واصبح البون بينهما شاسعا . ففي القرن الماضي كان الجيش وطني وهمه الاول والاخير حماية الوطن وصون كرامة مواطنه . اما الجيش في قرننا هذا فقد اختلفت اجنداته وتقاطعت خطوط قياداته وتضاربت مصالحهم

هذا الجيش قد تم مسخ هويته في خلال مايزيد عن 30 عاما من حكم الأنقاذ وأصبح ولاءه يتمركز حول الفرد أو تكتل أفراد ذات توجهات برغماتيه لم يتورع هذا التكتل من الأطاحه برأس هرم السلطة ليحافظ على بقية الهرم الذي تعددت رؤوسه وهذا أمر ينبيء بأن هناك صراع قادم حتى وأن حسمت المسألة لصالح العسكر .

أسقاط البشير تم بضوء أخضر من دول أقليمية ذات نفوذ تقليدي في السودان،البشير وبسبب علاقاته مع قطر وتركيا أصبح غير مرغوب فيه.

هذا ماحصل في السودان فالبديل كان جاهزا ومتأهبا لتنفيذ توجيهات أسياده في أبوظبي والرياض، لكن النقطة الهامة من الذي دفع بهذا البديل للواجهه وطرحه كمخلص ، اللافت في الأمر أن من طرح الجيش السوداني كمنقذ كانوا هم أنفسهم من ثار على الرئيس المخلوع وقد أوهموا أنفسهم بأن الجيش السوداني هو جيش الشعب .

الان لم يعد هناك خيار بعد فص اعتصام القيادة وسقوط المئات بين شهيد وجريح الا تصحيح المسار واقناع الواهمين من قوى المعارضة والمراهنين على العسكر باللاجدوى من تجريب المجرب. الاتحاد وتوحيد الصفوف واعلان حالة العصيان المدني الشامل التي بدأت بالفعل بوادرها تلوح في الافق، فالخرطوم اليوم تعيش حالة هدوء لم تعهده منذ شهور ، وتفعيل دور اللجان الثورية ولجان الاحياء التي كان لها دور كبير في اشعال فتيل الثورة في مراحلها الاولى .

الرهان اليوم على الشعب السوداني فهل سينجح في فرض ارادته وتفويت الفرصة على المتربصين بثورته من دول الاقليم التي لاتريد له الخير وتعلم جيدا ان نجاح هذه الثورة السلمية وتحقيق كافة اهدافها يعني بدء عملية العد التنازلي لاسقاط عروشها المتهالكة.

* اسامة الشيخ - اعلامي سوداني