وزير دفاع جزائري أسبق يحرض الجيش على التمرد

وزير دفاع جزائري أسبق يحرض الجيش على التمرد
السبت ١٠ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٤:٥٤ بتوقيت غرينتش

لاقت الكلمة المصورة لخالد نزار وزير الدفاع الجزائري الأسبق، استهجانا كبيرا في البلاد، بعد أن حرّض علانية إطارات الجيش على التمرد على خصمه رئيس أركان الجيش الحالي الفريق أحمد قايد صالح.

العالم-الجزائر

وخاطب نزار في الكلمة المصورة بموقع مجهول حيث يقيم بعد فراره خارج البلاد، من وصفهم بـ"رفاقه في الجيش" بعدم القبول بالوضع الشاذ الذي يفرضه قايد صالح دون أن يذكره بالاسم.

وقال في إحدى المقاطع: "إن المدني هو الذي ينبغي أن يتخذ القرارات الكبرى المتعلقة بالسلم والحرب، بينما يتولى العسكري تنفيذ معظم القرارات؟ كيف يمكننا أن نقبل بالوضع الشاذ الذي نعيشه؟ نائب وزير يلغي الوزراء والوزير الأول ورئيس الدولة المؤقت.. إننا نعيش في عالم مقلوب حقا".

وتابع نزار يناشد إطارات الجيش بتغيير الوضع الحالي الذي يقود للهاوية حسب زعمه، قائلا: "لا بد من إزاحة الكهنة المبتدئين الذين يعتقدون أنهم يملكون ناصية العلم باستعمال الوسائل السلمية والملائمة، فهؤلاء يحركهم طموحهم المفرط وغرورهم بأنفسهم وتكبرهم وعصبيتهم".

العامل الخارجي

واللافت في كلام نزار تركيزه كثيرا على البعد الدولي في كلمته واستشهاده بلقاءات أجراها مع ضباط سامين في دول أوربية وانقلاب العقيدة العسكرية الأوربية من معاداة روسيا إلى معاداة المغرب العربي وشمال إفريقيا.

ويخشى ناصر جابي أستاذ علم الاجتماع السياسي والناشط في الحراك الشعبي، أن تؤدي هذه المواجهة المفتوحة بين ضباط سامين في المؤسسة العسكرية إلى خطر دخول العامل الأجنبي على خط الأزمة الجزائرية التي بقيت محافظة على طابعها الداخلي المحض.

وتوقع جابي في حديثه لـ"عربي21" أن لا يتوقف خالد نزار عند هذا الحدّ، خصوصا بعد أن هدّد بإخراج ملفات تخص فترة المواجهة بين الجيش والجماعات الإرهابية سنوات التسعينات وفتحها أمام قضاء دول أجنبية.

والغريب وفق قراءة ناصر جابي أن هذا السلوك يأتي من رجل زاول أكبر المناصب ويفترض أنه لديه حس رجل الدولة ولا ينساق وراء هذه الدعوات الخطيرة في أول مواجهة له من يراهم خصومه.

"تأثير محدود على الجيش"

ويعدّ نزار من صقور المؤسسة العسكرية سنوات التسعينات، حيث كان يشغل منصب وزير الدفاع إلى غاية سنة 1993، وكان وراء أغلب القرارات التي أعقبتها أحداث عنف، وفي مقدمتها إلغاء الانتخابات التشريعية التي فازت في دورها الأول الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية كاسحة في نهاية سنة 1991 وكذلك دفع الرئيس الشاذلي بن جديد إلى الاستقالة سنة 1992.

وقلّل جابي من تأثير خطاب نزار على ضباط المؤسسة العسكرية، بالنظر إلى سمعته غير الجيدة وسوابقه داخل المؤسسة العسكرية بالإضافة إلى انقطاعه عن المؤسسة العسكرية مدة طويلة بعد أن غادرها منذ قرابة 26 سنة، الأمر الذي يجعله غريبا عن الجيل الجديد من الضباط داخل الجيش.

وأضاف أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن نزار ينتمي إلى جيل أصبح كله اليوم في صفوف التقاعد، وبالتالي هو خارج اللعبة ولا يمكنه أن يقلب الموازين بمجرد خطاب يلقيه من الخارج.

إبعاد الجيش عن السياسة

وتفاعل الجزائريون بشدة مع كلمة نزار على مواقع التواصل الاجتماعي من زوايا مختلفة، بعضها حذّر من خطورة ما قيل عن المؤسسة العسكرية، وبعضها الآخر سخر منه ومن لغته العربية الركيكة، وجزء منها دعا للاعتبار من انقلاب حال نزار الذي كان أحد أقوى رجالات الجزائر في التسعينات وتحول إلى ضابط فار يلقي الخطابات من الخارج.

ويرى سعيد صالحي نائب رئيس الرابط الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن تصريحات خالد نزار خطيرة كونها تمس انسجام الجيش، وهو ما يؤكد ضرورة انسحاب الجيش من السياسة وعدم جعله عرضة لمثل هذه المزايدات.

ويحمل صالحي في حديثه مع "عربي21" رئيس أركان الجيش، جزءا من المشكلة، كون تدخله في الشأن السياسي، أصبح يعرض ليس فقط الجيش وإنما البلاد كلها لخطر الانفجار.

وأبرز صالحي أن الجزائر تحتاج إلى جيش قوي يكون في خدمة الدولة لحمايتها من الأخطار الداخلية والخارجية، مشيرا إلى أنه ليس هناك أبدا داع للتدخل في الحراك الشعبي ومحاولة توجيهه لأنه بقي محافظا على سلميته وطابعه الوطني.

وختم الناشط في الحراك الشعبي، بأن على قادة الجيش الحاليين والسابقين أن ينسحبوا من المشهد ويتركوا الشعب يختار طريقه ويمارس بكل حرية سيادته.

"ملهاة جديدة"

وكانت محكمة عسكرية بالجزائر، قد أصدرت الأسبوع الماضي، أمرا دوليا بالقبض على نزار، عقب تغريداته المعادية لقائد الجيش الحالي على حسابه بموقع "تويتر" منذ منتصف شهر يوليو الماضي والتي اعتبره فيها خطرا على مستقبل البلاد.

وكتب نزار الذي يرجح بأنه فوق التراب الإسباني، في أولى تغريداته يقول بأن الجزائر حاليا رهينة شخص فظ فرض العهدة الرابعة وكان وراء العهدة الخامسة، ينبغي أن يوضع له حد لأن البلاد في خطر.

ووفق زوبيدة عسول رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، فإن تصريحات نزار تدخل في إطار العصب داخل النظام ولا تعني الشعب من قريب ولا من بعيد.

وأوضحت عسول في حديثها مع "عربي21"، أن الجزائر تحتاج اليوم إلى لغة العقل والبحث عن حلول لأزمتها السياسية وليس إدخالها في متاهات جديدة تزيد من تعقيد الوضع.

وقالت إن هذا الصراع لا ينبغي أن يشغلنا عن الحراك ومطالبه التي تؤكد على ضرورة رحيل "العصابة" الموجودة في الواجهة المدنية للحكم ومن ثم الذهاب إلى انتخابات وفق الضمانات التي يطلبها الشعب.