العالم - تقارير
القرار اثار موجة من التساؤلات بين المراقبين للشأن السعودي خاصة وانه ياتي في ظروف صعبة تشهدها المملكة بسبب والحروب باهظة الثمن التي اقحمت السعودية نفسها فيها ومنها حرب اليمن وتكاليفها الباهظة.
في حين يعتبر المراقبون ان تدخل السعودية المباشر لتخفيض قيمة النفط عالميا لصالح الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد اضر بالسعودية نفسها وجعل اقتصادها يترنح تحت اعباء ميزانية ثقيلة ومكلفة لاتستطيع عائدات النفط الحالية من سدادها.
وكعادة كل الوزراء والمسؤولين في المملكة تلقى وزير الطاقة السابق خالد بن عبد العزيز الفالح خبر اقالته بكثير من المديح واعلان الولاء للملك ولولي عهده عندما تلطفوا عليه بالمكوث في منصبه طوال الفترة الماضية وقال في اول تعليق على اقالته في تغريدة له عبر حسابه بـ "تويتر"، ليل السبت: "أشكر مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو سيدي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، على منحي فرصة خدمة وطننا الغالي، حيث توّج ذلك حياتي العملية بشرف عظيم".
قص اجنحة الوزير
وقبل قرار الفصل كان الفالح يشرف على أكثر من نصف الاقتصاد السعودي من خلال وزارته الضخمة، التي أُنشئت في 2016 للمساعدة في تنسيق الإصلاحات الجديدة.
وأُعفي الفالح أيضًا في الأسبوع الماضي من منصبه كرئيس لشركة أرامكو السعودية، وتم تعيين ياسر الرميان، رئيس صندوق الاستثمارات العامة – وهو صندوق الثروة السيادي للمملكة – رئيسًا جديدًا لأرامكو.
وبسبب المشاكل الكبرى التي تعاني منها السعودية على كافة الصعد السياسية والاقتصادية تحاول من خلال هذه التغييرات ان تجد متسعا للحل لمشاكلها، اضافة الى استخدام الاقالات الجديدة ومنها اقالة الفالح كوسيلة لتحميل المسؤولين الحاليين مسؤولية تردي الوضع في البلد.
ومن المرجح ان السلطات السعودية ستتخذ قرارات هامة ومصيرية بخصوص الطاقة والنفط تتطلب وجود وزير مقرب من الاسرة الحاكمة في هذا المنصب الحساس.
فهذه هي المرة الاولى التي يتولى هذا المنصب وزير من اسرة آل سعود الحاكمة فقد تولى حقيبة النفط خمسة وزراء منذ عام 1960 لم يكن أحد منهم من أفراد الأسرة الحاكمة.
كما تحدثت التقارير عن وجود خلاف سعودي صامت بشان الطاقة والوقود وحتى شركة ارامكو التي اقيل الفالح من قيادتها وأفاد تقرير نشر في موقع أويل برايس بداية الشهر الحالي مؤكدا : أن خفض رتبة وزير الطاقة خالد الفالح للمرة الثانية بعزله من مهامه رئيسا لمجلس إدارة أرامكو السعودية يشير إلى وجود مشاكل كبيرة.
وقال الكاتب سيريل ويدرشوفن في تقريره بالموقع إنه على الرغم من أن الفالح كان مدعومًا بالكامل من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فإن نفوذه تضاءل بشكل كبير عقب إحداث تعديلات في هياكل السلطة بالمملكة.
تصدعات في القرارات الكبرى
وأضاف أن تقسيم وزارة الطاقة -التي تمثّل مركز القوة الرئيسي للفالح- الذي حصل الأسبوع الماضي، كشف عن وجود تصدعات خلال فترة سلطته.
وقبل أيام استُبدل الفالح بياسر الرميان، وهو رئيس صندوق الثروة السيادية وأحد المقرّبين من محمد بن سلمان. وأكد كاتب التقرير أن ذلك التعيين يمثل خطوة لدعم عملية العرض العام الأوّلي لشركة أرامكو، والمشروع الذي يشكل العمود الفقري لرؤية بن سلمان لتنويع الاقتصاد.
وأفاد الكاتب بأنه خلال السنوات القليلة الماضية، كافح محمد بن سلمان للحصول على دعم موحد للعرض العام الأولي، لكن القوى المحافظة داخل الديوان الملكي ووزارة الطاقة وأرامكو تعارض بوضوح أي عملية عرض عام أوّلي متسرعة.
وقال الكاتب "كثرت الشائعات التي تفيد بأن الفالح وبعض الأطراف حذّروا محمد بن سلمان من إعادة النظر في العرض العام الأولي وأهدافه. في المقابل، ظلت هذه الخلافات تحت سيطرة القيادة السعودية".
وتابع الكاتب "سيكون كل من يعارض أو يقوّض الأهداف التي حددها ولي العهد أو حتى يهدد نجاح رؤية السعودية 2030 أو العرض العام الأولي لأرامكو، عرضة للإقصاء أو ستتم إزاحته كليا".
ومن المؤكد أن هذا التهميش سيتواصل خلال الأسبوعين المقبلين، حيث تتحضر المملكة لحقبة جديدة، في ظل مواصلة بن سلمان تعزيز مكانته والتصدي تدريجيا لأي معارضة محتملة، ينقل الكاتب في تقريره.
وكان المغرد السعودي الشهير "مجتهد" قد تحدث عن ثلاثة اسباب لاعفاء الفالح من منصبه في ادارة ارامكو هي نفسها تصلح كاساب لاقالته من وزارة النفط وقال "مجتهد" في سلسلة تغريدات على حسابه عبر "تويتر"
أن "السبب الأول أن ابن سلمان يريد بيع أرامكو بأي وسيلة، ولم يصدق أن البيع غير ممكن بقياس البورصات العالمية، وحمّل الفالح المسؤولية، فأتى بالرميان الذي يعتقد أنه سيهزم الموانع العالمية ويبيع أرامكو، وذلك لأنه أقرب له نفسيا، وأكثر قدرة على إقناعه بقدراته الخارقة"
وأضاف: "السبب الثاني أن ابن سلمان ينوي تضييق دائرة معلومات المال والاستثمار، فيكون ريع صادرات أرامكو أو دخل أسهمها المباعة (التي لن يمكن بيعها) تحت سلطة رجل واحد من خاصة خاصته، فيتلاعب كما يشاء في مئات المليارات، دون تسريب أي معلومة، ولا يوجد أفضل من ياسر الرميان لتلك المهمة".
وأشار الى أن "السبب الثالث أن الرميان من ضمن الشخصيات المفضلة عند ابن زايد، وقد رشحه لرئاسة أرامكو، و"رغبات ابن زايد عند ابن سلمان أوامر"، فلا يمكن إلا تعيينه، وهو السبب ذاته في تعيين بندر الخريب وزيرا للصناعة، فهو كذلك من مرشحي ابن زايد الذين ينطبق عليهم المصطلح الجديد "سعو-إماراتيين
وعلى هذا الاساس يعتقد ابن سلمان ان ازالة الفالح من منصب وزير النفط سيساعده على تحقيق رؤيته لمستقبل السعودية من خلال الاستيلاء على اقتصاد البلد وتسهيل بيع شركة ارامكو.
لكن المشكلة كيف سيحقق ابن سلمان رؤيته المستقبلية من دون مهندسها فخالد الفالح، يوصف بأنه أحد أبرز مهندسي رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المعروفة باسم "2030".