هل تنجح محادثات جوبا في تحقيق سلام شامل بالسودان؟

هل تنجح محادثات جوبا في تحقيق سلام شامل بالسودان؟
الأربعاء ١١ سبتمبر ٢٠١٩ - ١٢:٠٦ بتوقيت غرينتش

تشهد جوبا، عاصمة جنوب السودان، مشاورات سلام بين وفد المجلس الانتقالي السوداني وقادة الحركات المسلحة المنضوية في "الجبهة الثورية". وفيما أعلن المجلس الانتقالي أن الطرفين اتفقا حول معظم القضايا العالقة واقتربا الى التوصل إلى سلام شامل، يرى كثيرون أن اجتماعات جوبا ما هي الا بداية للحوار واجراءات لبناء الثقة بين الطرفين.

العالم - تقارير

أفاد المجلس السيادي الانتقالي بأن الحكومة السودانية توصلت إلى اتفاق مع "الجبهة الثورية"، خلال محادثات السلام الجارية في جوبا، عاصمة جنوب السودان.

وأوضح إعلام المجلس السيادي أن الطرفين اتفقا حول "معظم القضايا العالقة بينهما".

وكان رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، قد دعا في الجلسة الافتتاحية لبدء إجراءات محادثات السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في جوبا، الأطراف السودانية، إلى العمل من أجل تحقيق السلام في بلادهم، وحث المتفاوضين على عدم التشدد، وضرورة تقديم التنازلات، معتبراً أن نظام الرئيس السابق عمر البشير كان وراء الانفصال. وقال سلفاكير، إنه يشكر جميع الأطراف، لتلبيتهم الدعوة بالحضور إلى عاصمة بلاده، وأن ذلك يؤكد رغبتهم في تحقيق السلام في بلدهم.

ويشارك في مشاورات جوبا، وفد المجلس السيادي الانتقالي السوداني بقيادة الفريق أول، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وقادة الحركات المسلحة المنضوية في "الجبهة الثورية"، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال" بقيادة عبد العزيز آدم الحلو.

بدوره أكد توت قلواك مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الامنية، اقتراب توصل الطرفين إلى سلام شامل، موضحا انخراطهما في مناقشات جادة خاطبت جذور المشكلة واستمرت ليومين في عاصمة جنوب السودان، بعد وصول وفد مجلس السيادة الانتقالي بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو.

وقال توت قلواك إن الاتفاق المنتظر توقيعه سيشكل ورقة مشتركة للتفاوض مع "الحركة الشعبية - قطاع الشمال" بقيادة عبد العزيز الحلو.

وأكد المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان أنه سيتم إعلان اتفاق المبادئ بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة.

ونقلت روسيا اليوم عن مصدر مطلع، أن إعلان المبادئ يتصل بالخطوات الضرورية لتهيئة المناخ والمتصلة بوصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من الحرب بجانب إطلاق أسرى الحرب وإلغاء أحكام الإعدام في مواجهة قادة الحركات المسلحة، بجانب قضايا تتصل بالسلام من خلال تحديد مكانه وزمانه وأطرافه والمسهلين من المجتمع الدولي والإقليمي.

من جهته، أعرب حميدتي، نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي، عن تفاؤله بشأن مستقبل محادثات جوبا، مؤكدا أن اللقاءات مع الحركات المسلحة تهدف لوضع أسس لإعلان مبادئ وخارطة طريق للتفاوض، مضيفا: إذا تواصل الحوار مع قادة الحركات المسلحة سنصل إلى سلام عاجل قبل انقضاء فترة الستة أشهر المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.

وأكد حميدتي أنه من دون سلام لن يتحقق الاستقرار والأمن والتنمية، وأن البلدين يحتاجان إلى تحقيق السلام العادل والعاجل. وأضاف أن الحركات المسلحة شركاء أساسيون في الثورة وجزء من قوى الحرية والتغيير، وسنضع الأمور في نصابها للوصول إلى سلام عادل وشامل في السودان وجنوب السودان.

من جانبه، قال رئيس "الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال" عبد العزيز الحلو، إن السودانيين ظلوا في نزاعات داخلية مستمرة، وتنتقل أطراف النزاع من منبر إلى آخر في عواصم دول الجوار والإقليم، موجهاً رسالة إلى عضو مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه، وقال: "لا بد من تقديم تنازلات ضرورية للحفاظ على وحدة السودان على أسس عادلة وسلام دائم وسودان جديد يسع الجميع"، وتابع: "أرجو أن ننتهز هذه الفرصة لنقول نتمنى أن يكون هذا آخر منبر للتفاوض بين السودانيين، وعلينا ألا نضيع هذه الفرصة".

نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، ياسر عرمان، أكد هو الآخر أن الاجتماعات الملتئمة في عاصمة جنوب السودان بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة هي للتشاور حول الجوانب الإجرائية لمحادثات السلام وتنفيذ إجراءات بناء الثقة الواردة في الوثيقة الدستورية وليست مفاوضات.

وفي السياق، دعا رئيس تحالف "الجبهة الثورية" التي تضم الحركات المسلحة، التي تقاتل الحكومة السودانية في النيل الأزرق ودارفور، الهادي إدريس يحيى، دول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج)، والاتحاد الأفريقي، ومصر، وإثيوبيا، وتشاد، والخليج الفارسي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إلى العمل المشترك وتوحيد الجهود لإنجاح العملية السلمية في السودان، وقال: "الذين جربوا الحرب يدركون معنى السلام... السلام الذي نبحث عنه ليس للوظائف وإرضاء النخب، نحن نريد السلام الذي يخدم ضحايا الحروب. إنه السلام الذي صنعته الثورة السودانية، ويجب أن يتحقق سلام يشبه هذه الثورة"، مشدداً على أن التحالف لا يسعى إلى عقد صفقة محاصصة بين القيادات، وأعرب يحيى عن أمله في أن تنتهي الحروب في السودان دون عودة.

وكان وزير الإعلام السوداني فيصل صالح، قد أعلن، الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الجديد عبد الله حمدوك سيتوجه إلى جنوب السودان للانضمام الى محادثات السلام بين المجلس السيادي وقادة الحركات المسلحة في جوبا.

وأضاف صالح للصحفيين بعد أول اجتماع لمجلس الوزراء أن حمدوك سينضم، في أول زيارة خارجية له، إلى خمسة من أعضاء مجلس السيادة الحاكم في محادثات جوبا عاصمة جنوب السودان.

وصنع السلام مع الحركات المسلحة المنضوية في "الجبهة الثورية"، التي تقاتل قوات الحكومة السودانية هو أحد أولويات حكومة السودان الانتقالية، إذ أنه أحد الشروط الرئيسية التي تضعها واشنطن لرفع السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب. ويبدو أن الأرضية للوصول الى اتفاق سلام شامل باتت مهيئة، في ظل الرغبة التي أبدتها الأطراف الاساسية للأزمة والإتفاق حول الأطر التي يمكن من خلالها بدء مفاوضات السلام الأساسية التي سيتم فيها مناقشة القضايا السياسية.