الحريري يناور و تكليف رئيس للحكومة عالق في بيت الوسط

الحريري يناور و تكليف رئيس للحكومة عالق في بيت الوسط
السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٨:٤٤ بتوقيت غرينتش

تنصل سعد الحريري من تفاهماته مع الثلاثي المفاوض يقطع الطريق على استشارات ملزمة. والاوساط المتابعة ترى ان بيت الوسط يناور لغاية في نفس يعقوب.

ارخى مشهد التكليف والتاليف لحكومة جديدة بثقله على الساحة اللبنانية بعد بث كمية كبيرة من التفاؤل حول تفاهم حصلته جولة المشاورات بين سعد الحريري من جهة. وحزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر من جهة اخرى. ما لبث ان تلاشى بفعل تنصل رئيس الحكومة المستقيلة من الاتفاق المبدئي على تسمية الوزير السابق محمد الصفدي لتشكيل حكومة مرحلة معالجة التزمة الراهنة.
وترى المصادر المطلعة ان انكفاء الحريري نحو التنصل مما جرى الاتفاق عليه كان بالاصل بالون اختبار اراده الاخير ليستطلع من خلاله آفاق مرحلة لم يعد لسعد الحريري دورا بها بفعل تشابك ملف الازمة وتجاوزه المحلي الى الخارجي وهذا ما كان يخطط له منذ الايام الاولى لحراك الشارع وما سبق وتلى استقالة الحريري.
فالحريري تقول المصادر يسلك مسار تفاوض لتحسين شروطه ومرشحه الوحيد رغم اعلانه المغلف عن الا عتذار بالتكليف هوى سعد الحريري وليس سواه. علما ان ثلاثي الاطراف السياسية المفاوضة بقيت لاخر لحظة وربما ما زالت تفضل بقائه ولكن دون املا وفرض شروطه سيما وان مرحلة استثنائية تستوجب عملا متقدا ودقيقا في مقاربة الازمة في ظل النتوءات التي باتت تظهر على المستويين الامني والسياسي في المنطقة حسب المصادر .
ولكن ماذا حدث وماذا في التفاصيل تقول المصادر انه بعدما
أثمرت المشاورات الجارية في الكواليس المُعلن عنها أو تلك السرية، تسمية الوزير والنائب السابق محمد الصفدي لتأليف الحكومة الجديدة قبل الدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة التي تفضي الى تسميته بحسب ما يقول به الدستور، توسعت السيناريوات التي تحاكي الظروف الضاغطة التي ولد فيها الاتفاق وما أراد أطرافه منه والمرحلة المقبلة. وبمعزل عن كل ما يجري في الشارع وما هو متداول في الأروقة السياسية والدبلوماسية، تجرّأ أحد الأقوياء بعد اتفاق بين أطرافهم الأربعة «حزب الله» وحركة «أمل» و«تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، مُستظلّاً عباءة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على الإعلان ليل الخميس عن التفاهم على تسمية الصفدي لتأليف الحكومة، قبل أن يوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة التي تفضي دستورياً الى تسمية الرئيس الذي يؤلف الحكومة بعد جوجلة نتائجها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وتتابع المصادر وقياساً بسلسلة المواصفات التي وضعت لمواكبة عملية التكليف والتأليف، اختير الصفدي من خارج أعضاء مجلس النواب لمنع الإزدواجية بين الموقعين الوزاري والنيابي، ولتأكيد الفصل بينهما ومن أجل تشكيل حكومة تكنو- سياسية أصرّ عليها ثلاثة من أطراف الإتفاق الرباعي، بعدما عجز الطرف الرابع بفِعل حجم الضغوط التي مورست عن تغليب رؤيته لحكومة انقاذ تحدث الصدمة الكبيرة المطلوبة في الشارع المنتفض على كل ما هو تقليدي. ومن أجل حكومة تضمّ مجموعة من التكنوقراط غير المُسيّسين وتقوم بمهمة صعبة لاستعادة ما فقد من الثقة بالدولة ومؤسساتها، في مهلة يمكن برمجتها على مدى الأشهر الستة المقبلة.
وعلى هذه الخلفيات، كشفت المعلومات المتداولة أنّ اسم الصفدي - ورغم التسريبات غير المعروفة المصدر التي تتحدث عن وضعه الصحي وعجزه عن القيام بمهماته - كان مطروحاً بقوة منذ فترة اعقبت استقالة الحريري في 29 تشرين الأول الماضي الى جانب أسماء أخرى منها من لم يتحقق التفاهم عليه بينما رفض آخرون العرض. وقد سبق للصفدي - حسب مصادر «بيت الوسط» - ان زار القصر الجمهوري أكثر من مرة قبل زيارته الأخيرة قبل ايام قليلة للتشاور في آفاق المرحلة، بعد تعثّر التفاهم مع الحريري على صيغة ترضي الجميع وما يمكن ان تكون عليه التطورات المتصلة بالتفاهم المعلن عنه.
وتقول المصادر انطلاقاً من القراءة الموضوعية لِما آل اليه التفاهم حتى الآن - ورغم تبرؤ البعض منه - فقد تعدّدت الروايات حول من كان وراء التسمية. وتزامناً مع حضوره منذ اللحظة التي تلت استقالة الحريري، حاول البعض الإيحاء أنّ الحريري كان أوّل من طرحه.
وبعد التنصل من جانبه، قيل انّ حركة موفدي الثنائي الشيعي أمس الأول بين «بيت الوسط «ومرجعياتهما والوزير باسيل، انتهت الى طرح باسيل بالتكافل والتضامن معهما اسم الصفدي على الحريري، الذي ردّ بنفي وجود اي مشكلة طالما أنّ التفاهم جرى بينهم على التسمية. فهو كان واضحاً ولن يشارك أو يذكّي حكومة تكنو - سياسية تثير الشارع، خصوصاً إذا بقي باسيل مطروحاً بين اعضائها ومعه الوزير علي حسن خليل، فهو متيقّن أنّ بعبدا والشالوحي لم يغيّرا رأيهما في عضوية باسيل للحكومة أيّاً يكن الثمن. كما بالنسبة الى تسمية الوزير فنيش ممثلاً لـ«حزب الله» فيها فهو لم يعد نائباً.
على هذه الصورة انتهت خريطة المواقف ليل الخميس - الجمعة، وما ان تسرّب التفاهم على الصفدي عن قصد ومن مصدر غير بعيد من بيت الوسط حتى انفجر الشارع مجدداً. علماً أنه لم تكن قد مرّت أيام قليلة على الاعتصام في أملاك الصفدي في «الزيتونة باي» ولا في إشارة المحتجّين الى المخالفات البحرية المرتكبة في تمدد املاكه الخاصة في البحر على شاطىء البربارة، منذ أن كان وزيراً للأشغال العامة قبل عقد ونيّف من الزمن.وعليه، رفعت نسبة الشكوك من اعتبار الكشف عن مثل هذا الإتفاق قبَيل منتصف الليل فخاً أو أنه محاولة لجس نبض الشارع بطرح اسم الصفدي لاستفزازه ولتشجيعه على المضي مشتعلاً. وترى المصادر المطلعة ان قرار حازم متخذ في بعبدا والضاحية الجنوبية بعدم الإعتراف بما فعلته الإنتفاضة في الشوارع والساحات من متغيرات حكومية بدأت بوادرها باستقالة الحريري. وبتأكيد أهل الحكم الرافضين لأيّ تغييرات محتملة، وانّ الكتل النيابية الممثلة في المجلس النيابي هي التي تسمّي الرئيس المكلف وليس الشارع أيّاً يكن حجمه.
وتختم المصادر المراقبة أن الاستنتاج من كل هذه القراءة وما رافقها من سيناريوات متناقضة أنّ أحداً لا يسلم بان هناك من ادخل لبنان في خارطة طريق خارجية او اقله يحاول ذلك وبالتالي ما الموقف الذي يبديه الحريري سوى تحسين لشروط يريدها خارج التفاهم ولكن لمصلحة من .

حسين عز الدين