الاحتجاجات في لبنان .. بين غياب القيادة وتدخلات الخارج

الاحتجاجات في لبنان .. بين غياب القيادة وتدخلات الخارج
السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٣:٢٠ بتوقيت غرينتش

من المتفق عليه ان الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ اكثر من شهر تبنت مطالب محقة تتعلق بمحاربة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة واقرار قانون من اين لك هذا.

العالم - يقال ان

لكن وبعد اكثر من سبعة وثلاثين يوما من الاحتجاجات لا يمكن اغفال نقاط عدة..

اولا

رغم ان المطالب كانت محقة الا انها دخلت في متاهات المصالح الخاصة باطراف اصبحت تتحكم بجزء كبير من الحراك في الشارع ولا يمكن انكار انها تمكنت من توجيهه بحسب اجنداتها سواء الداخلية او الخارجية. وضياع بوصلة المطالب سمح بتمرير شعارات واسقاطات تميزت بانها مدفوعة بخلافات وخصومات شخصية، حيث نسي الشارع في احيان كثيرة المطالب المحقة وصوب على تشويه سمعة هذا المسؤول او ذاك.

ثانيا

رغم ان المبادرات التي قدمتها السلطات من خلال الورقة الاصلاحية التي اعلنت عنها حكومة الرئيس سعد الحريري لم ترق الى مستوى المطالب، الا انها شكلت في مكان ما اساسا يمكن البناء عليه للوصول الى صيغة توافقية لوضع ورقة بطروحات افضل.

غير ان غياب القيادة الواضحة والموثوقة للحراك الشعبي افقدت هذه المبادرة اي قيمة واي فائدة بالنسبة للناس. وفي هذا السياق اتت دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لاختيار قيادة للاحتجاجات تجري حوارا مع السلطة للوصول الى حل يلبي مطالب الناس.

ثالثا

منذ البداية كان الخطأ الاكبر هو تسمية ما يحصل بالثورة، وربما هذه التسمية كانت مدروسة لتمرير شعارات فوق سقف الممكن، مثل اسقاط النظام. وهذا المطلب يعرف الكل انه سيؤدي الى فراغ كبير في ظل غياب اي رؤية بديلة للحراك وبقاء المطالب ضمن اطار المطالب العفوية. وهنا وجدت بعض الاطراف فرصة لتمرير مطالبها التي تؤدي بطبيعة الحال الى ضرب الاستقرار واحداث فراغ. والكل يعرف ان الاحزاب الموجودة في السلطة لديها تاييد في الشارع وبالتالي اي تغييب كلي ومفاجئ لها سيدفع باتجاه شارع وشارع مقابل وهو ما لا يحتمله لبنان في هذه المرحلة.

بناء على كل ذلك كانت الارضية الخصبة لتدخل خارجي لم يغب يوما عن لبنان، ومع سكوت اطراف دولية عديدة مع بداية الحراك الا انها بدات تخرج ببيانات وتحذيرات وتوجيهات في الايام الاخيرة، وابرز هذه الاطراف الولايات المتحدة التي تسعى لعدم الظهور بالمهتم بالوضع اللبناني الا انها توليه اهتماما بالغا، والسبب القديم الجديد ضرب حزب الله من خلال احداث فراغ بعنوان مطلب اسقاط النظام وحل البرلمان واسقاط الحكومة الدعوة الى انتخابات جديدة الكل يعرف انها لن تحدث لان الفراغ يخدم رؤية واشنطن للوضع.

في ضوء هذه المستجدات، بات من الضروري تشكيل حكومة تلبي مطالب الناس وتعطيعهم الامان بالنسبة لتغيير الوضع القائم من حيث محاربة الفساد، اضافة الى التحضير لاجراء انتخابات مضمونة الحصول وتكون الفرصة فيها متاحة للجميع للمشاركة. والبدء بتنفيذ الاجراءات الاصلاحية لطمانة الناس واراحتهم.

كل ذلك سيساهم بتخفيف التوتر وسيقطع الطريق امام اطراف بدات تستغل الشارع لترويج اجنداتها التي يتضح انها ترتبط بمشاريع خارجية وهو ما يبدو واضحا من متابعة بسيطة لمسار الامور في لبنان.