مسلسل 'ممالك النار' الإماراتي بين التهويل والتهوين

مسلسل 'ممالك النار' الإماراتي بين التهويل والتهوين
الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش

أثار المسلسل الإماراتي "ممالك النار" الذي بدأت قنوات "ام بي سي" السعودية عرضه في 17 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري جدلا واسعا في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيدين ومعارضين، فالفئة الاولى اعتبرته مسلسلا تاريخيا ضخما كشف جانبا من التاريخ "الدموي" للدولة العثمانية، بينما رأت الفئة الثانية ان المسلسل يسيء ليس لسمعة الدولة العثمانية فحسب بل لسمعة الاسلام!.

العالم- كشكول

قصة مسلسل "ممالك النار" تدور حول سقوط دولة المماليك في مصر على أيدي العثمانيين بقيادة السلطان سليم بدايات القرن الـ16، وقد كلف انتاجه اكثر من 400 مليون دولار، وهو من اخراج المخرج البريطاني بيتر ويبر، صاحب الافلام الملحمية، مثل "الإمبراطور" عام 2012 عن الأيام التي تلت استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، وفيلم "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" عام 2003.

شاركت مجموعة من كبار الفنانين العرب في المسلسل، أبرزهم النجم المصري خالد النبوي الذي يلعب دور طومان باي، ويجسد الفنان السوري محمود نصر شخصية السلطان سليم الأول، ويلعب رشيد عساف دور سلطان المماليك قانصوه الغوري، ويشارك أيضا عبد المنعم عمايري، ومنى واصف، وديمة قندلفت، وكندة حنا، وسهير بن عمارة، ورنا شميّس، ونضال نجم.

يقول عمر قورقماز احد مستشاري رئيس الوزراء التركي السابق في تعليقه على المسلسل، إن المسألة ليست فقط في الهجوم على تركيا، وإنما بالهجوم على الإسلام والتاريخ الإسلامي، فيما اعتبر المحلل التركي مصطفى أوزجان، المسلسل يسيء للأتراك دولة وشعبا، مرجحا أن يكون هناك رد رسمي من الجانب التركي على خلفيته.

في المقابل قال كاتب المسلسل محمد سليمان عبد المالك ان: "المسلسل محاولة لاستثمار الفن في توسيع وعي المتلقي ومداركه، وعلينا أن ندرك أننا في معركة وعي مستمر، تحاول تركيا حسمها لصالحها بتقديم أعمال زائفة ولا ترصد الحقائق بصورة محايدة" واصفا فترة حكم العثمانيين بأنها كانت "مليئة بالمجازر التاريخية".

المسلسلات التركية مثل "قيامة عثمان" والذي يحكي قصة مؤسس الدولة العثمانية الغازي عثمان، وهو امتداد لمسلسل "أرطغرل" والد عثمان، لم توفق في تحسين صورة سلاطين العثمانيين لدى المتلقي العربي، واظهارهم كفاتحين مسلمين، خاصة بعد ان غير السلطان سليم بوصلة "فتوحاته" من الغرب المسيحي الى الشرق المسلم!، لذا من الصعب اقناع المخاطب العربي ان احتلال الدولة العثمانية لسوريا ومصر وباقي المناطق العربية هي في الحقيقة "فتوحات اسلامية"، وان كل من يتناول ما حصل من فظائع ومجازر بسبب تلك "الفتوحات" يعتبرها اساءة للاسلام.

لا يحتاج المخاطب العربي الا ان يتصفح اي كتاب يؤرخ للمؤسس الحقيقي للدولة العثمانية، السلطان سليم الاول الذي كان اول من لقب نفسه بـ"أمير المؤمنين" من سلاطين بني عثمان، حتى يعرف ان "امير المؤمنين" هذا وصل العرش بالانقلاب على والده، "بايزيد الثاني"، وطارد إخوته وقتلهم جميعا هم وابناءهم، كما انه لم يرحم حتى بابنائه فقتلهم الواحد تلو الآخر، حتى لم يبق له منازع في الحكم.

من الواضح ان الامارات والسعودية لم تكونا بصدد تناول مثل هذه القضايا التاريخية من منطلق درامي صرف او لزيادة وعي المتلقي، بل كانتا تهدفان توظيف التاريخ في صراعهما مع تركيا الاردوغانية ومع الاخوان المسلمين بشكل عام، الذين تبنوا التاريخ التركي بكل ما فيه من خير وشر، وكأنه أنصع فترات الحكم "الاسلامي" بشكل عام!.