ازمة الحكومة اللبنانية..

حرق الاسماء لفتح الطريق امام الحريري؟

حرق الاسماء لفتح الطريق امام الحريري؟
الإثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٥:١٣ بتوقيت غرينتش

بعد نحو شهرين من الاحتجاجات التي يشهدها لبنان، اسئلة كثيرة واجوبة اكثر مطلوبة حول طبيعة الحراك حاليا، وطبيعة اللعبة السياسية التي تحكم مسار الامور لاسيما بين الاطراف والقوى فيما تحضر الابعاد الخارجية بقوة. 

العالم - لبنان

منذ البداية كان واضحا ان رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري يستند على خطة معينة بنى عليها قراراه بالاستقالة. لعبة تحمل في طياتها ابعادا داخلية وخارجية. البعد الداخلي يتمثل بربح ورقة الشارع واظهار الاستقالة بانها كانت تلبية لمطالب المحتجين. اما البعد الخارجي فيتعلق بشكل او باخر، متعمد ام غير متعمد بمساعي الضغط على حزب الله ورئيس الجمهورية واظهارهما بانهما يمثلان السلطة التي يريد الشارع اسقاطها، رغم ان الاحزاب الاخرى شاركت طوال سنوات في السلطة وعليها علامات استفهام بخصوص الفساد اكثر من غيرها.

وبعد استقالة الحريري بدأت الشروط التي يعلم الجميع انها غير ممكنة اقله في الوقت الحالي ابرزها قبول الحريري بحكومة تكنوقراط فقط، مع انه سيرأس الحكومة كرئيس لحزب سياسي هو تيار المستقبل.
ومنذ ذلك الوقت بدأت سياسة حرق الاسماء، لقطع الطريق امام تكليف شخصية "سنية" تسد فراغ خروج الحريري من باب السراي الحكومي. فكان ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي واسماء اخرى وصولا الى رجل الاعمال سمير الخطيب. لكن ما تكشفه مصادر هو ان قرارا اتخذ بعدم احتضان اي مرشح لاسيما من قبل مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان. وما يعزز هذا الموقف كلام دريان للخطيب بعد اعتذار الاخير عن ترؤس الحكومة بان هناك ما اسماه "اجماع من الطائفة السنية" على ترشيح الحريري.
هذا الكلام يثير تساؤلات كثيرة بحاجة لاجوبة
السؤال الاساسي هو هل بات الحريري الخيار الاوحد لرئاسة الحكومة؟
اسئلة اخرة تطرح نفسها بقوة ايضا
اولا: اذا كان هناك اجماع على الحريري فلماذا كانت اضاعة الوقت وحرق الاسماء وعدم قبول الحريري منذ البداية بترؤس الحكومة؟
ثانيا: هل كان هناك اتفاق على حرق الاسماء وتعطيل مساعي القوى السياسية الاخرى لتشكيل حكومة، ووضعها امام واقع ان الخيار الوحيد يتمثل بالحريري نفسه؟
ثالثا: في حين تقول قوى سياسية ان رئيس الجمهورية ميشال عون انتهك الدستور باجرائه استشارات جانبية قبل الدعوة لاستشارات نيابية ملزمة، كيف تنظر هذه القوى بحصر تسمية رئيس حكومة لبنان بدار الافتاء والاجماع "السني"؟ وماذا عن دور الاطراف والقوى السياسية الاخرى ومن باقي الطوائف، والذي يكفله ويحدده الدستور؟

رابعا: ما هو مصير الغاء الطائفية الذي هو من اهم مطالب الاحتجاجات في ظل عنونة ترشيح الحريري باجماع طائفة محددة؟

خامسا: اذا كان الحريري يريد ان يكون الخيار الوحيد لرئاسة الحكومة، فما هو هدف كل هذه العملية الالتفافية وحرق الاسماء؟ وهل تتعلق باجندة معينة لها ابعادها الخارجية؟

سادسا: ما هو مصير الحكومة الجديدة في حال شكلها الحريري بعد السيناريو الذي شهدته العملية السياسية اللبنانية في الاسابيع الاخيرة؟ وهل يضمن الحصول على دعم باقي الاحزاب والقوى؟

سابعا: في حال لم يحصل على دعم هذه القوى، هل سيجد الحريري نفسه وسط لعبة توصل البلاد الى مواجهة سياسية قد تنتقل الى الشارع وربما اكثر واصعب من ذلك؟

على ضوء كل ذلك، اصبح هناك ضرورة قصوى لمكاشفة حقيقية وجادة امام الناس، تتناول كافة المجالات، وتفتح الباب امام اعادة ترتيب البيت السياسي اللبناني، والالتفات للتحديات الصعبة التي تواجه البلاد. والاهم الاقتناع بان لعبة الانسحاب من الساحة ومحاولة الالتحاق بالشارع لتبرير وتمرير اجندات داخلية وخارجية لن تنجح، لان اللبنانيين يعرفون جيدا كل الاطراف التي استغلت السلطة لسنوات رغم احتمائها الان في ظل المحتجين.

حسين الموسوي