وعيد وزير مغربي يثير موجة من الغضب والسخرية!

وعيد وزير مغربي يثير موجة من الغضب والسخرية!
الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٩:٣١ بتوقيت غرينتش

تحوّل مقطع من شريط الخطاب الذي ألقاه وزير الفلاحة المغربي، زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار"، عزيز أخنوش، بالعاصمة الإيطالية روما، يوم السبت الماضي، إلى موضوع لموجة غضب وسخرية كبيرين، بسبب تهديده بـ"إعادة تربية المغاربة".

العالم - المغرب

وفي تجمع لحزبه بمدينة ميلانو بالديار الإيطالية، قال عزيز أخنوش، الزعيم السياسي ووزير الفلاحة والصيد البحري، الذي أخذته حماسة منبر الخطابة، إن «العدالة ليست وحدها التي يجب أن تقوم بمهامها في التعامل مع من يقوم بالسب، بل أيضاً المغاربة عليهم أن يقوموا بعملهم، ومن تنقصه التربية من المغاربة علينا أن نعيد تربيته»، مضيفًا: «إن من يسبون المؤسسات لا مكان لهم بالمغرب».

تصريحات «وزير البر والبحر»، كما يلقبه المغاربة، أثارت موجةً من الانتقادات وردود الفعل الساخرة حول ما جاء في كلمة سياسي يستعد لتولي رئاسة حكومة 2022، كما يرى مناصروه.

وانقسمت ردود الفعل بين الجدية والهزل، بين من يراها «شطحات شعبوية» لرجل قادم من عالم المال والأعمال نحو عالم السياسة، ومن يرى أنها دعوة لتطبيق «شرع اليد»، و»محاكمات الشارع».

إسحاق شارية، نائب المنسق الوطني للحزب المغربي الحر، وفي رده على كلام أخنوش، قال: «إنه ليس من حق المفسدين أن يعطوا دروس الأخلاق للمغاربة، وإنه يجب محاكمته هو ومن كان السبب في هذا الاحتقان الذي وصل إليه الشعب المغربي، نتيجة الأزمة التي يعتبر من أهم أسبابها».

المحامي نوفل البعمري، وكردة فعله، وجه مطولة إلى أخنوش عبر حسابه الشخصي «فيسبوك»، جاء فيها: «دعني أعلمك أن المغاربة بسطاء، وفي بساطتهم لن يقبلوا أن يخاطبهم سياسي بهذه اللغة، وهذا الخطاب غير الموفق الذي يخفي نوازع استبدادية في خطابكم السياسي، وهي نوازع قطع معها المغرب ولن يسمح بعودتها ولا أن تطل عليه رؤوس سياسيين بهذا الخطاب». البعمري زاد قائلاً، في تدوينته/ الرسالة: «وأنت تعتبر أن هناك من لن يجد له مكانة في المغرب، دعني أنبهك أن المغرب لم يكن ملكاً لأحد، ولن يكون ملكاً لك أو لأي سياسي أو حزب، ولن يكون قطيعاً يقاد كما يريد البعض، كما أن ارتباطه بالبلد وبمؤسساته ورموزه ثابت، ولن يكون محط شك ولا تشكيك». وبلغة ساخرة، قالت الناشطة الحقوقية، سارة سوجار، على «فيسبوك»: «ناس ممربينش كتصدعو لينا سي أخنوش وصحابو.. (ناس قليلة التربية، أزعجت السيد أخنوش وأصحابه)».

وقال الصحافي أمين الري، في تدوينة على حسابه «فيسبوك» إن «أخنوش غير غادي وتايصيد فالبينالتيات! (ماضٍ في إعطاء ركلات الجزاء)». وتساءلت الصحافية حنان باكور، قائلةً في تدوينة على حسابها «فيسبوك»، عن مكان إعادة التربية التي لوح بها أخنوش، هل عند التامك، في إشارة إلى مديرية السجون، أم في حضانة أخرى، «عملية إعادة التربية في غادي تكون الله يخليك؟؟ عند التامك أو في «حضانة» أخرى؟!».

ويرى المحلل السياسي كريم عايش: «صرنا نشهد تياراً جديداً من الشعبوية المؤسساتية بهذا الخطاب الجديد الذي يحمل تناقضات بنيوية صعبة الإدراك وتثير استفهامات عديدة، فبالنسبة لأي مواطن كيفما كان تكوينه سيفهم أن المؤسسات قد تكون التعليمية والاستشفائية والرياضية والفندقية والسياسية أيضاً، لذا لم يكن واضحاً أي صنف من المؤسسات يقصد، كما أن نوعية التصريح مسألة نادراً ما تصدر عن زعيم حزب سياسي».

واعتبر الباحث في العلوم السياسية، أن هذا نوع من «القمع السياسي والإقصاء باسم الحزب، متجاوزاً دوره المسطر في الدستور؛ ليصرح بمنع أي معارض أو منتقد ولو ارتكب جرم القذف والسب، إذ ليس الحزب من يقرر منع أيٍ كان من العودة للوطن، بل القضاء، بما أننا نتحدث عن الاختصاص والعدالة، فالمتهم في نظر القانون يبقى بريئاً حتى تتبث إدانته بنص القانون وليس العكس».

وأضاف عضو «مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية»: «حين نعرج على نون الجمع التي طغت على الخطاب والتي امتدت إلى فعل التربية، فلم يكن واضحاً من المقصود بالفاعل طالما عرفنا من المفعول به، وطالما صارت نون الجماعة مستباحة في الاستعمال، فلم نعرف سبب هذا التصعيد والحدة في اللهجة فجأة، فالإجماع الوطني حول رموز الوحدة الوطنية لا يتزعزع وليس محل نقاش، وهو ما يجعل بعض الحالات معزولة جداً و ليس لها أي تأثير كيفما كان على قناعات المغاربة في التشبت بالوطن والعرش، إذ حتى في أوج الاحتجاجات الاجتماعية نجد دوماً شخص الملك حاضراً كراع للأمة وضامن للحقوق، وكذلك من خلال استنجاد المغاربة بجلالته وبعثهم رسائل التظلم له».

في السياق، يشار إلى أن ما دفع رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، إلى هذا الكلام الذي أثار غضب وسخرية المغاربة، هو التغيير الذي يشهده المغرب في الخطاب السياسي، وكذلك من خلال حمولة أغاني الراب الشبابية، والشعارات التي ترفعها جماهير ميادين كرة القدم.

وكانت ثلاثة أحزاب سياسية قد دعت إلى التفاعل مع «الأشكال التعبيرية الجديدة» التي يعرفها الخطاب المعارض والمنتقد في البلاد.

حزب العدالة والتنمية، الإسلامي، الذي يقود الأغلبية الحكومية، أشار في بلاغ له إلى «الحاجة إلى دراسة بعض الأشكال التعبيرية الجديدة وتحليلها من أجل فهمها الفهم السليم والمناسب».

ومن جهته، حذر حزب التقدم والاشتراكية، اليساري المعارض، من «الأشكال الجديدة للتعبير، لا سيما في أوساط الشباب»، ومن «تنامي الغضب والقلق بشكل غير محسوب العواقب».

وفي النهج ذاته، شدد حزب الاستقلال (معارض) على الحذر من «عواقب عدم التعامل مع رسائل الشباب المغاربة.»

كما دعا الحكومة إلى «التجاوب معها واستباق ما قد يطرأ من تجاوزات من خلال التعجيل بتقديم عرض وطني متكامل خاص بالشباب».

ويقول كريم عايش: إن «أي حزب كيفما كان، فهو صوت المواطنين وهياكل تمثيلية لهم، ولم يكن قط في الأبجديات السياسية الحزب صوتاً للإدارة والمؤسسات، ضداً على المواطنين، وهي أمور يعلمها أغلب المتتبعين، فدور الحزب تكوين وتأطير المواطنين؛ حتى يتمكنوا من المشاركة في الحياة السياسية، أما الوطن فهو للجميع، والتربية مسؤولية الجميع آباءً ومجتمعاً ومؤسسات، ولا أعتقد أن يختلف معي أحد بأن التعليم بالمغرب في أسوأ حالاته، وأن المعلمين وأطر التربية والتكوين يعانون الأمرين مادياً ومعنوياً، وفي ملف التعاقد خير مثال».

المصدر: وكالات