تصاعد حدة التهديدات بين انقرة وواشنطن.. الى اين؟

تصاعد حدة التهديدات بين انقرة وواشنطن.. الى اين؟
الإثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٢:٠٢ بتوقيت غرينتش

هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بغلق قاعدة انجرليك الجوية، بعد تهديد نظيره الامريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على تركيا بسبب صفقة منظومة صواريخ اس 400 الروسية. كما أعلن أردوغان أن البرلمان التركي قد يتخذ قرارا بشأن الإبادة الجماعية للهنود أثناء الاستعمار الأمريكي، ردا على اعتراف الكونغرس بما يسمى الإبادة الجماعية للأرمن قبل مائة عام، محذرا ترامب من اتخاذ إجراءات بحق تركيا لا يمكن إصلاحها.

العالم - تقارير

منذ فترة وتشهد العلاقات التركية - الأمريكية توترا ملحوظا، خاصة بعد شراء أنقرة لمنظومات الدفاع الجوي الروسية "إس - 400".

وفي الوقت الذي تدرس فيه واشنطن فرض عقوبات ضد أنقرة مؤخرا من جراء "إس - 400"، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإغلاق قاعدة إنجرليك العسكرية الجوية التي تستخدمها القوات الأمريكية، في حالة لجوء واشنطن لمثل هذه العقوبات.

وأعلن أردوغان في أحدث تصريحات له، أمس الأحد، أن بلاده قد تغلق قاعد إنجرليك الجوية أمام القوات الأمريكية إذا لزم الأمر.

ورد أردوغان على تهديدات ترامب بفرض العقوبات على بلاده، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "A Haber" التركية، الأحد، إن "تركيا سترد بالطبع" على أي عقوبات أمريكية محتملة يريد تطبيقها مشرعون في الكونغرس الأمريكي.

وقال: "سنجتمع مع مؤسساتنا المعنية ونغلق قاعدتي إنجرليك (بولاية أضنة) وكوراجيك (بولاية ملاطية) إذا استدعت الضرورة وعندما يحين الوقت المناسب".

وأكد أردوغان أن قرار إغلاق القاعدتين بيد تركيا "صاحبة السيادة".

كما أكد الرئيس التركي إنه "من المهم جدا بالنسبة إلى كلا البلدين ألا تتخذ الولايات المتحدة قرارات حول علاقاتنا لا يمكن معالجتها. وتركيا بالطبع سترد على أي عقوبات أمريكية محتملة".

وليست هذه المرة الأولى التي يصرح فيها مسؤول تركي بغلق قاعدة إنجرليك أمام القوات الأمريكية، إذ صرح إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئيس التركي، عام 2017؛ أن لبلاده الحق بإنهاء التواجد الأمريكي في قاعدة إنجرليك الجوية، التي كانت تستخدم في عمليات التحالف ضد "داعش".

البرلمان التركي قد يرد على قرار الكونغرس

الى ذلك، أعلن أردوغان، أن البرلمان التركي قد يتخذ قرارا بشأن الإبادة الجماعية للهنود أثناء الاستعمار الأمريكي، ردا على اعتراف مجلس الشيوخ الأمريكي بالإبادة الجماعية للأرمن في الإمبراطورية العثمانية في عام 1915.

وكان قد اعتمد مجلس الشيوخ، الخميس الماضي، مشروع قرار يعتبر أحداث عام 1915 "إبادة جماعية" للأرمن. وانتقد أردوغان، في مقابلته التلفزيونية، الأحد، قرار مجلس الشيوخ، ووصفه بـ"سياسي بالكامل".

وقال أردوغان: "لقد كشفنا عن أكثر من مليون وثيقة بشأن أحداث 1915. تعالوا وادرسوها، نحن نتحدث وبيدنا وثائق".

وأكد "أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي في الوقت الذي تتخذ فيه الولايات المتحدة إجراءات ضدها، وأن البرلمان التركي سيرد على الإجراءات الأمريكية".

وأضاف: "هل من الممكن عدم الحديث عن الهنود الحمر في الولايات المتحدة؟.. التاريخ المتعلق بالهنود الحمر وصمة عار على جبين الولايات المتحدة".

وتابع أردوغان، "المسألة تتلخص، أنه في حال فُرضت عقوبات ضدنا، فسنرد في إطار المعاملة بالمثل".

ودعا الكونغرس الأمريكي إلى التصرف بطريقة تليق بعلاقات التحالف والشراكة بين البلدين.

موقف البنتاغون من تهديدات اردوغان

بدورها ردت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، على تهديدات أردوغان بإغلاق قاعدتي أنجرليك وكورجيك أمام القوات الأمريكية، وقالت إنها تبذل جهودا للحفاظ على العلاقات مع تركيا.

وقال البنتاغون إن الوجود العسكري الأمريكي في هاتين القاعدتين يجري بموافقة الحكومة التركية.

وأضاف: "ننظر إلى تواجد قواتنا في تركيا كرمز على التزامنا طويل الأمد بالتعاون وحماية حليف لنا في الناتو وشريك استراتيجي لنا".

وتعارض الولايات المتحدة بشدة حيازة أنقرة المنظومة الروسية، وتُخيرها بين هذا النظام الروسي وبين مقاتلات "إف-35" الأمريكية التي ترغب تركيا في شراء 100 منها.

ومن المقرر أن يناقش مجلس الشيوخ الأمريكي، خلال الأيام المقبلة، تشريعات تتعلق بمعاقبة تركيا على شراء نظام الصواريخ الروسية "إس 400"، والذي أبدت الولايات المتحدة تحفظها على شراء أنقرة له، وأوقفت بيع طائرات "إف 35" الأمريكية إلى تركيا، على خلفية تلك الصفقة.

كما يبحث التشريع الأمريكي المقترح، معاقبة تركيا على العملية العسكرية في شمال سوريا "نبع السلام" ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المتحالفة مع الولايات المتحدة.

ويعتبر بعض المحللين أن ما صرح به حول التواجد الأمريكي في قاعدة إنجرليك؛ يُعد تنبيها للكونغرس بأن أي قرار ستتخذه الإدارة الأميركية مجبورة بفعل ضغط الكونغرس سيكون له ردود فعل ليست بالضعيفة من قبل أنقرة.

ويعتبرون أن تركيا ما زالت عضوًا في الناتو، منفتحة على الإنضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها تتبع سياسات مستقلة تتناسب مع مصالحها، ولا تضر بمصالح الآخرين.

في المقابل، يرى آخرون أن الحديث عن اغلاق القاعدتين مجرد استهلاك إعلامي وهناك اتفاقيات خاصة بهذه الأمور، ولا تستطيع أي حكومة في تركيا إغلاقها.

ويرى خبراء أنه على الرغم من مرور العلاقات الأميركية التركية بأسوأ حالتها في الفترة الحالية، وأن هناك أزمة ثقة من الجانبين موجودة، لكن سياسة الجذب والشد هي الحاكمة بين الطرفين، ولهذا السبب ستكون هناك محاولات للحوار والتقارب بين الطرفين في نهاية المطاف.