خطيبة خاشقجي تحذر.. اعدام المدانين سيخفي الحقيقة

خطيبة خاشقجي تحذر.. اعدام المدانين سيخفي الحقيقة
الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠١:١٩ بتوقيت غرينتش

تتواصل الردود المنددة بالأحكام السعودية الصادرة في قضية اغتيال خاشقجي، وفي أحدث ردود الأفعال، حذرت خطيبة خاشقجي "خديجة جنكيز" من أن اعدام الاشخاص المدانين سيخفي الحقيقة أكثر، فيما دعا الاتحاد الأوروبي إلى مساءلة جميع المتورطين في الجريمة. من جانبه، النظام السعودي يهيئ الأجواء لعودة القحطاني وعسيري الى الواجهة ببث برامج ترويجية لهما، لتلميع صورتهما، متجاهلا الغضب العالمي تجاههما.

العالم - تقارير

تتواصل الردود المنددة بأحكام القضاء السعودي التي أصدرت قبل يومين، وقضت بتبرئة المتهمين الأصليين في قضية مقتل خاشقجي سعود القحطاني وأحمد عسيري ومحمد العتيبي، والحكم على اعدام 5 مجهولي الهوية.

فشجبت شخصيات سياسية وغير سياسية بافلات المجرمين من العقاب في ظل نظام قضائي منحاز وغير عادل، الى جانب الصحف العالمية التي سلطت الضوء على الموضوع.

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان، إن المحاكمة يجب أن تستند إلى مبادئ الشفافية واحترام الإجراءات القضائية، كما طالب الاتحاد بضمان مساءلة ومحاكمة جميع المسؤولين والمتورطين في اغتيال خاشقجي، وأشار إلى أن أحكام الإعدام والسجن التي صدرت لا تزال قابلة للاستئناف.

من جهة اخرى، قال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية في تصريح مبطن، إن واشنطن تعتبر الأحكام الصادرة في قضية خاشقجي "خطوة مهمة لكي يدفع كل مسؤول عن هذه الجريمة الرهيبة ثمن ما اقترفه".

وأضاف المسؤول الأميركي "سنواصل الضغط عليهم من أجل مزيد من الشفافية ولمحاسبة كل المسؤولين".

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، إن الأحكام الصادرة عن القضاء السعودي أبعد ما تكون عن تلبية تطلعات أنقرة والمجتمع الدولي إلى تسليط الضوء على جميع جوانب جريمة خاشقجي.

وحذرت خطيبة الصحفي المغدور جمال خاشقجي،"خديجة جنكيز"، من إعدام المدانين الخمسة، في اغتياله، لافتة إلى أن "إعدامهم سيخفي الحقيقة بدرجة أكبر".

ووصفت جنكيز في بيان صدر اليوم، الحكم الأولي الصادر في السعودية بإعدام خمسة متهمين في القضية بأنه "ظالم وباطل"، مضيفة: "المحاكمة لم تكشف عن السبب الذي دفع من أدينوا بقتله إلى فعل ذلك"، مشيرة إلى أن "المحاكمة أجريت وراء أبواب مغلقة".

وأضافت جنكيز: "إذا تم إعدام هؤلاء الناس، قبل أن تتاح لهم فرصة الحديث، وشرح موقفهم، فربما لن نعرف أبدا الحقيقة وراء هذا القتل".

ودعت جنكيز كل سلطة في العالم إلى إدانة هذا النوع من الحكم القضائي، وأن تمنع بشكل عاجل أي إعدام، لأن ذلك لن يكون سوى خطوة أخرى في إخفاء الحقيقة.

الى ذلك، اعتبرت رئيسة المنظمة العربية لحقوق الانسان، "فيوليت داغر"، الأحكام الصادرة بخصوص جريمة قتل جمال خاشقجي، بمثابة اعدامه مرة أخری.

وقالت فيوليت داغر في حديث لبرنامج مع الحدث علی شاشة قناة العالم:"هذه الاحكام بمثابة اعدام خاشقجي مرة ثانية واعدام العدالة في السعودية مرة اخری".

وأكدت داغر ان الاحكام الصادرة سوف لن تنهي قضية قتل خاشقجي وسوف تثار هذه القضية في مناسبات كثيرة عندما يتسنی للمجتمع الدولي محاسبة السعودية.

ورأت ان الاحكام الصادرة بخصوص مقتل خاشقجي عبارة عن مهزلة طبختها ما تسمی بمحاكم السعودية وهي ليست بمحاكم بل أدوات قضائية لتنفيذ ما تشاءه السلطة التنفيذية.

في سياق متصل، كتبت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها، أن الحكم الصادر بحق من اتهموا بجريمة قتل خاشقجي يعد "سخرية من العدالة"، موضحة أن "السعودية قدمت صورة معيبة وساخرة للعدالة في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي".

وتشير الصحيفة إلى عدم تحديد هوية أي من المحكومين بالاعدام، لكن الرجلين المعروفين اللذين أديا دورا في الجريمة، وهما أحمد عسيري وسعود القحطاني، تمت تبرئة ساحتهما، وربما تمت البراءة بناء على توجيهات ولي العهد، الذي قام، كما قالت المخابرات المركزية، بتوجيه الجريمة.

وترى الصحيفة أن النتيجة هي إهانة لعائلة خاشقجي، وللذين طالبوا بمحاسبة حقيقية في القضية كلهم، وبينهم نواب الكونغرس، محذرة من أن "القبول الدولي بهذه الأحكام لن يكون فقط تصرف خاطئ، بل هو خطير أيضا، وسيرسل رسالة إلى الحاكم السعودي المتهور، مفادها بأن مغامراته الإجرامية تم التسامح معها".

وتذكرنا الصحيفة بأن خاشقجي عاش في بداية عام 2017 في الولايات المتحدة، وساهم بمقال في صحيفة "واشنطن بوست"، وانتقد فيه القمع القاسي في المملكة الذي قام به محمد بن سلمان، الذي استهدف الكتاب والصحافيين والناشطين والمثقفين الذين طالبوا بالإصلاح السلمي، وفي الوقت ذاته شن حربا وحشية في اليمن.

وتفيد الافتتاحية بأنه بعدما أخبرت القنصلية في إسطنبول السلطات في الرياض عن زيارة خاشقجي للمقر، طالبا أوراقا تثبت وضعه العائلي، وأنه مطلق، فإن السلطات أرسلت فريقا من 15 شخصا، بينهم طبيب شرعي "جاء ومعه منشاره"، مشيرة إلى قول متحدث باسم المدعي العام السعودي ألا نية مبيتة لقتل خاشقجي، وأن القتل كان قرارا وليد اللحظة.

وتعلق الصحيفة قائلة إن "هذا كلام كاذب، فالتحقيق الذي قامت به المقررة الأممية في قضايا القتل خارج القانون والإعدام الفوري، أغنيس كالامار، أثبت أن رئيس الفريق ناقش تقطيع جثة خاشقجي قبل دخوله إلى القنصلية، وقالت يوم الاثنين: (بحسب مصادري، فإن المدعي العام أكد أنَّ قتل خاشقجي كان متعمدا مع سبق الإصرار والترصُّد، لكنَ ولي العهد أكَد أنه كان حادثا عرضيا، مع وجود أدلة تثبت العكس.. خمنوا من الذي اتبع القاضي كلامه؟)".

وتقول الافتتاحية: "ما كان من المحتمل أن يعرقل محمد بن سلمان مسار العدالة بوقاحة شديدة كهذه لولا الدعم الذي حصل عليه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأصدر البيت الأبيض بيانا يوم الاثنين يثمن فيه الحكم، واصفا إياه بأنه خطوة مهمة في محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة".

وتلاحظ الصحيفة أن النواب الجمهوريين في الكونغرس، الذين طالبوا بالمحاسبة، قاموا بتجريد ميزانية صلاحيات الدفاع من الشروط المتعلقة بالسعودية؛ لأن ترامب عارضها، مشيرة إلى أن من بين الشروط التي أبقي عليها الطلب من مدير وكالة الأمن القومي تقديم تقرير خلال 30 يوما، يحدد فيه المسؤولين السعوديين الذين "وجهوا أو أمروا أو تلاعبوا بالأدلة" في قضية خاشقجي.

وتجد الافتتاحية أن "من الصعب على القائم بأعمال الوكالة جوزيف ماغوير الإذعان للطلب دون تسمية محمد بن سلمان؛ لأن (سي آي إيه) توصلت إلى نتيجة أنه هو من أمر بالقتل".

وتختم "واشنطن بوست" بالقول: "ربما كان السبب وراء إعلان السعوديين المفاجئ عن نتائج المحاكمة المهزلة هو منح إدارة ترامب المبرر لتستبعد أسماء القتلة الحقيقيين، وعلى الكونغرس المطالبة بأن يكون تقرير وكالة الأمن القومي شاملا وصادقا، وأن يتحمل كل من سيذكرون في قائمتها المسؤولية".

من جانبها، قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن من أدينوا في قضية مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي، هم مجرد "مهرجين" انتهى دورهم.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب سايمون تيسدال، أن المتورطين الحقيقيين في القضية لا زالوا خلف الستار، ولم تتم محاكمتهم بالطريقة الصحيحة.

وأوضحت أن ابن سلمان سيخدع نفسه في حال ظن أن علاقته الوطيدة بالولايات المتحدة ستستمر، لا سيما مع الانتقادات الحادة التي يلقاها من أعضاء الكونغرس.

ولفتت الصحيفة إلى النداءات المتزايدة في الغرب لإيقاف بيع الأسلحة إلى السعودية، لا سيما أن الرياض متورطة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في اليمن.

من جانبها، احتفت قناة "الإخبارية" السعودية الرسمية، بتبرئة القضاء للمستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني، ونائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، من جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، متجاهلة الغضب العالمي تجاه هؤلاء المجرمين.

ونشرت "الإخبارية" تقريرا حول سيرة القحطاني وعسيري، في احتفاء غير مباشر ببراءتهما، بهدف التهيئة لعودتهما إلى المشهد السياسي قريبا، بحسب المراقبين.

كما نشرت الحكومة السعودية تغريدة ملفتة لنجل خاشقجي، "صلاح خاشقجي" كتب فيها:"إنصاف القضاء يقوم على مبدأين، العدالة وسرعة التقاضي، فلا ظلم ولا مماطلة. اليوم القضاء أنصفنا نحن ابناء المرحوم، بإذن الله جمال خاشقجي. ونؤكد ثقتنا في القضاء السعودي بكافة مستوياته وقيامه بإنصافنا وتحقيق العدالة. الحمد لله والشكر له". ليرد المغردون عليه :

"كوكب الارض كله يعرف من أمر بقتل أباك يا صلاح بل يعرف أدق تفاصيل العملية الأغبى استخباراتيا في العصر الحديث، والكوكب نفسه يشاهد اليوم قضاء مهبط وحي ديننا وهو يكذب ويدلس ويلبس القاتل ثوب الحكم، أعذرك لأنك تعيش تحت القتلة وتخشى على نفسك وأهلك، رحم الله خاشقجي وأبدله أهلا خيرا منك".

ويرى الخبراء أن إصدار مثل هذه الأحكام لن يؤدي إلى إغلاق الموضوع، لأن الاغتيال الوحشي لخاشقجي شوّه صورة المملكة وجلب لها العار، وأضر بسمعتها الدولية لفترة طويلة قادمة، كما شوه صورة محمد بن سلمان نفسه بشكل لا يمكن إصلاحه بهذه السهولة.