إيران تفتتح معركة طرد الاحتلال الأميركي: ترامب يتهرب من الرد؟

إيران تفتتح معركة طرد الاحتلال الأميركي: ترامب يتهرب من الرد؟
الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠٢٠ - ٠١:٤٨ بتوقيت غرينتش

قبل ثلاثة أيام، هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصف 52 هدفاً إيرانياً، بعضها مواقع ثقافية في غاية الأهمية، «بسرعة كبيرة، وبقوة كبيرة»، في حال استهدفت إيران أميركيين أو مصالح أميركية.

العالم- ايران

لكن رئيس الولايات المتحدة الأميركية نفسه، وبعد ساعات على قصف الحرس الثوري الإيراني لقاعدتين عسكريتين لقوات الاحتلال الأميركي في العراق، الليلة الماضية، أكد أن «تقييم الخسائر والأضرار مستمر. جيد جداً حتى الآن...»، وأنه سيدلي ببيانٍ في وقت لاحق اليوم. كلامه أتى في «تغريدةٍ» فُسرت بأنها تمهيد لعدم الرد على الرد الايراني من جهة، وانتظار ما سيقوله المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، من جهةٍ ثانية، اليوم.

بعد ان بدأ الثأر لاغتياله، دُفن قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الشهيد قاسم سليماني، في مسقط رأسه في كرمان، وسط إيران، بعد ساعاتٍ على الهجومٍ الصاروخيٍ الذي طال عدداً من القواعد الأميركية في العراق. القوة الجو - فضائية في «الحرس»، أعلنت عن إطلاق عشرات الصواريخ من داخل إيران، استهدفت قاعدتين عسكريتين تشغلهما القوات الأميركية، الأولى هي «عين الأسد»، في محافظة الأنبار، أما الثانية فعلى مقربةٍ من مطار أربيل عاصمة «إقليم كردستان».

وأصدر «الحرس» بياناً تناول فيه «الرد الانتقامي الأول» على اغتيال الشهيد سليماني، موضحاً أنه «انتقاماً لاغتيال واستشهاد الفريق قاسم سليماني ورفاقه، نفذت قواتنا عمليةً ناجحة حملت اسمه، بإطلاق عشرات الصواريخ أرض - أرض على القاعدة الجوية المحتلة من قبل الجيش الإرهابي الأميركي، والمعروفة باسم عين الأسد». وحذر البيان واشنطن «من أي عملٍ شرير أو اعتداء أو تحرك آخر، لأنه سيواجه رداً أكثر إيلاماً وقساوة»، ليذهب أيضاً إلى تحذير «حلفاء أميركا، والتي لديها قواعد للجيش الأميركي، إذ سيتم استهداف أي أرضٍ تكون مصدر أعمالٍ عدائية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية».

التهديد الأبرز، الذي تضمنه البيان، وشكل معادلة قد تعقد المشهد أمام الإدارة الأميركية، تأكيد طهران اعتبارها تل أبيب «جزءاً من النظام الأميركي»، إضافةً إلى دعوة الشعب الأميركي إلى إخراج جنوده من المنطقة لـ«منع وقوع المزيد من الخسائر، وعدم السماح بتهديد حياة العسكريين الأميركيين بسبب الكراهية المتزايدة لأميركا».

بدورها، أعلنت القوة الجو-فضائية في «الحرس»، عن التأهب التام لقواعدها الصاروخية، والتي تقع في عمق 500 متر تحت الأرض، والمنتشرة في كافة محافظات ومدن البلاد، لضرب أهداف محددةٍ سلفاً، لافتةً إلى أن «أي إجراءٍ غير محسوب رداً على الهجوم المضاد، سيواجه بإجراءاتٍ قاسيةٍ للغاية ضد جميع الأهداف المحددة».

الهجوم الذي شنته طهران، من مدينة كرمنشاه، الواقعة غرب البلاد، اعتبره وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، رداً على هجومٍ أميركي على مسؤولين ومواطنين إيرانيين، إنطلاقاً من قاعدة «عين الأسد».

وأوضح في «تغريدةٍ» له، صباح اليوم، أن «إيران، ووفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، اتخذت خطوات دفاعية متناسبة في إطار الدفاع عن النفس، وضربت القاعدة التي استهدفت الولايات المتحدة من خلالها مسؤولين إيرانيين كبار ومواطنين، بهجوم جبان»، مشدداً على أن «إيران ليست بوارد التصعيد أو الحرب، لكنها ستدافع عن نفسها ضد أي عدوان».

«الرد الأول»، كما وصفته البيانات الصادرة عن طهران، فجر اليوم، سيشرع الباب أمام حلفائها في المنطقة، من أفغانستان إلى العراق فسوريا ولبنان، للبدء في ردودهم على اغتيال سليماني، والتي حدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الهدف منها بـ«إخراج القوات الأميركية من منطقة الشرق الأوسط»، ما يعني دخول محور المقاومة في «حرب استنزاف» قوات الاحتلال الأميركي طويلة الأمد، تُعيد إلى الأذهان حقبة المقاومة العراقية (2003 - 2011)، والتي أسفرت عن خروجها، تحت النار، من «بلاد الرافدين».

مصادر عراقية نفت ما روجته وسائل إعلام اميركية عن أن الهجمات الصاروخية الإيرانية أدت إلى وقوع إصابات بين الجنود العراقيين. في المقابل، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤول أميركي قوله «إذا كان ثمة إصابات في صفوف قواتنا فستكون إصابات ضئيلة»، في محاولةٍ أميركية للتخفيف من وقع ما جرى.

بعد وقت قصير من الهجوم، نقل مراسلو وسائل اميركية في البنتاغون عن مصادر عسكرية أن قاعدة «عين الأسد» أصيبت بـ35 صاروخاً. لاحقاً، خفض متحدث باسم البنتاغون العدد إلى 10 صواريخ في «عين الأسد»، وصاروخ في اربيل، و4 صواريخ أخطأت هدفها. لكن، وبصرف النظر عن الإصابات البشرية في صفوف جنود الاحتلال الأميركي، تمكنت طهران من كسر خطوط حمر عالمية، باستهدافها قواعد عسكرية أميركية، وتبني ذلك سريعاً، في عمل لم يحدث منذ الهجوم الياباني على ميناء «بيرل هاربر» عام 1941، إذ لم يسبق أن استهدفت دولة قواعد عسكرية اميركية من دون ان تكون الولايات المتحدة الأميركية قد بدأت حرباً ضدها أو احتلت أرضها.

الإدارة الأميركية، وطوال الساعات الماضية، تكتمت عن أي خطوةٍ يمكن أن تتخذها للرد على الهجوم الصاروخي. وزارة الدفاع الأميركية، أكدت أنها «بصدد تقييم الأضرار في القاعدتين ودرس سبل الرد»، فيما أعلن «البيت الأبيض» عن أن ترامب أحيط علماً بالهجوم، ويراقب الأوضاع عن كثب ويجري اجتماعاتٍ مع فريقه الأمني.

تطورات المنطقة، أدت إلى قفز أسعار النفط وتهاوي أسعار الأسهم في بورصة طوكيو، صباح اليوم. فعيد نصف ساعة على بدء التداولات في البورصة المذكورة، ارتفع سعر برميل خام «غرب تكساس الوسيط» بنسبة 4.53 بالمائة، ليصل إلى 65.54 دولاراً أميركياً قبل أن يعود ويتراجع قليلاً، في حين خسر مؤشر نيكاي الرئيسي أكثر من 2.4 بالمائة. وفيما منعت «الوكالة الفدرالية الأميركية للطيران» الطائرات المدنية الأميركية من التحليق فوق كل من العراق وإيران ومياه الخليج الفارسي وبحر عمان، شهدت سماء العاصمة بغداد تحليقاً كثيفاً للطائرات العسكرية الأميركية والعراقية، وفق مصادر ميدانية تحدثت إلى «الأخبار».

إذاً، تحمل الساعات المقبلة، الكثير من المفاجئات، بدءاً من الإعلان الرسمي العراقي والأميركي عن حجم الأضرار أولاً؛ ومواقف طهران وبغداد وواشنطن ثانياً؛ وردود حلفاء طهران على المصالح الأميركية في المنطقة ثالثاً، خاصةً أن الرد فتح الباب لإدخال القوات الأميركية في «حرب استنزافٍ» مقرون أمدها بسرعة انسحابها من المنطقة.

نور أيوب/الاخبار