هُدن إدلب على شفير النار والوضع الانساني الى اسوأ

هُدن إدلب على شفير النار والوضع الانساني الى اسوأ
الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٠ - ٠٧:٠٥ بتوقيت غرينتش

دخلت الهدنة في ادلب السورية حيز التنفيذ، على وقت امتداد التجاذب بين المجموعات المسلحة والاتراك، الذين يريدونها مساحة استغلال تعيد للمسلحين مجالا من الوقت لالتقاط الانفاس على اكثر من ومحور، وبين جهد روسي يسعى لتشخيص اهداف الاتفاق المنجز بما يمهد الارضية لنشاط سياسي ودبلوماسي لانطلاق العمل السياسي في سوريا.

العالم - كشكول

وقف اطلاق النار ترافق مع افتتاح الدولة السورية 3 ممرات إنسانية في منطقة أبو الضهور جنوب شرق إدلب وبلدة الهبيط بالريف الجنوبي ومنطقة الحاضر بريف حلب الجنوبي لاستقبال المدنيين الراغبين بالخروج من مناطق انتشار الإرهابيين في إدلب وريف حلب إلى المناطق التي حررها الجيش من الإرهاب، بهدف حرمان الجماعات الارهابية من استخدامهم كدروع بشرية، كل ذلك يأتي في ظل التزام كامل من قبل الجيش السوري بالهدنة بالرغم من خروقات نفذتها مدفعية المسلحين تجاه نقاط الجيش في ريف ادلب الجنوبي.

حتى الساعة يبقى الامل ضعيفا باستمرار وقف اطلاق النار، كون هذا الامر مرهون بقدرة الدولة التركية على السيطرة على المجموعات الارهابية التي فشلت في هدن سابقة بوقف هجماتها ضد المدنيين او قوات الجيش السوري، واخفقت ايضا بعدم السعي لتغير الواقع الميداني على الارض، واللعب على معادلات الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية ضد سوريا، وابقاء اللعب على شفير الهدنة والنار، ليزيد الوضع الانساني سوءاً وكل ذلك تتحمل مسؤوليته الحكومة التركية اولا وواشنطن والجماعات الارهابية ثانياً، بعد المسار الشائك الذي عملت عليه ايران وروسيا كدول ضامنة، في حين تسعى تركيا والولايات المتحدة الامريكية للحفاظ على تلك المجموعات وقدرتها العسكرية، ما جعل من الاتفاق الذي ابرم حول هذه الهدنة مختلفا قليلا عن سابقاتها، ومن ذلك الاختلاف الاطار الزمني، حيث افادت بعض المعلومات ان الاتفاق هذه المرة يمنح انقرة مهلة لا تتجاوز 60 يوما لاعادة فتح الاتستراد الدولي الواصل بين حلب ودمشق، وابعاد المجموعات الارهابية عنه، بالاضافة الى انهاء ملف جبهة النصرة والمجموعات الارهابية المرتبطة بها بشكل كامل، وتنفيذ آلية المراقبة المتفق عليها في سوتشي واستانا.

اللمسات الاخيرة التي وضعت على وقف اطلاق النار، وافتتاح المعابر الانسانية، يشير الى سياقين في العمل السياسي والدبلوماسي وايضا العسكري، الأول هو استمرار عملي لسياسة القضم والتفكيك المتدرج للبنى العسكرية الارهابية، وتحرير ما بحوزتها من أراضٍ في محافظة ادلب، لا سيما تنظيم "جبهة النصرة" الارهابي، وهذه السياسة او الاستراتيجية التي يتبعها الجيش السوري مع حلفائه تهدف لتحييد الورقة الانسانية عن المتاجرة بها من قبل الغرب، وهذا التحييد يتم عبر التدرج في المساحات المستهدفة بعملية التحرير بناءً على حساب الثقل الديموغرافي لكل منطقة، وبالتالي عدم التسبب بموجات نزوح واسعة يستغلها الارهابيون لعرقلة تقدم عملية التحرير من جهة، ويستغلها الغرب لممارسة الضغط على محور محاربة الارهاب من جهة أخرى.

اما السياق الثاني فيتعلق بمصلحة مشتركة لكل من الروسي والتركي في الحفاظ على الاطار العام للتفاهم الاستراتيجي فيما بينهما، وتفعيل الادارة المتواصلة للملفات الخلافية العالقة بينهما لكي لا تتدحرج نحو مشهد تأزم يخرج عن السيطرة، ويؤدي الى العودة الى اجواء الصدام بين البلدين اللذين يدرك كل منهما بوضوح اهمية الآخر بالنسبة له سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً على حد سواء.

وفي هذا السياق تعددت في الآونة الأخيرة النقاط الساخنة التي بدت كأنها مشروع اشتباك وشيك في عدد من الساحات، فمن الصدام المتكرر الذي يحدث بين الجيشين السوري والتركي في منطقة رأس العين وغرب الفرات بشكل عام، الى الاحتكاكات مابين الجيش السوري ونقاط المراقبة التركية في ادلب، وصولاً الى الاشتباك ما بين قوات حفتر المدعومة روسياً وقوات حكومة السراج المدعومة بالقوات التركية على الساحة الليبية، تبدو الحاجة الى ادارة الملفات العالقة وتبريد نقاط التماس المحتملة بمثابة ضرورة استراتيجية لكل من البلدين، ولذلك فعندما يتم التوصل الى التبريد في احدها، فسيلقى ذلك ترحيباً من كلا الجانبين.

حسام زیدان - العالم