ما رأي القرني بالفساد في بلاد الحرمين الشريفين؟

عائض القرني يهاجم أردوغان ويواجه بردود فعل ساخطة لتناقضاته!

السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠ - ١١:٣٤ بتوقيت غرينتش

لم يجد الداعية السعودي المعروف "عائض القرني" من سبيل سوى تحذير عالم الشريعة من الانغماس في الأمور السياسية؛ وكان خياره لتبرير عدم دفاعه عن الدعاة الذين اعتقلتهم السلطات السعودية، منذ سبتمبر 2017.

العالم - السعودية

القرني الذي كان أحد دعاة الإصلاح يعتبر أحد الناجين من الاعتقالات التي طالت هذه الفئة من الدعاة السعوديين، وما زالوا في سجون المملكة.

وأظهر القرني انقلاباً في آرائه ليتحول إلى أحد أبرز الدعاة المؤيدين لسلطة السعودية، وسياسة ولي العهد محمد بن سلمان، على الرغم من تبنيها الانفتاح الذي يواجه انتقادات شديدة من قبل المجتمع، لا سيما في مجال الترفيه والغناء والموسيقى.

آخر ما سجله الداعية القرني من المواقف المتناقضة مع مبادئه التي عرف بها قبل حملة اعتقال الدعاة، هو هجومه اللاذع على الرئيس التركي رجب طيب أردغان، ووصفه بـ"المخادع عدو الأمة الإسلامية".

ونشر القرني مقطع فيديو على حسابه تفي منصة "تويتر "، برأ فيه ذمته قائلاً : "أبرأ إلى الله من ثنائي القديم عليه، كنت مخدوعاً به كغيري من المسلمين، ولست معصوماً ولا نبياً، أظهر لنا حسناً، ونحن نحب الإسلام ونحب من ينصره، لكنه ظهر على حقيقته، ومواقفه مشينة معيبة منها العداء لبلاد الحرمين، وعدم نصرة المسلمين".

وزعم أن قائد الأمة الإسلامية هو الملك سلمان بن عبدالعزيز وليس أردوغان، عاداً المملكة أعظم من ناصر قضية فلسطين منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، مختتماً: "لن نساوم على البيعة ولا العقيدة ولا طاعة ولاة الأمر.. والنصر لأمة الإسلام"حسب زعمه.

واتهم القرني أردوغان بإقامة علاقات مع "إسرائيل"، وأنه تدخل في شأن عدد من الدول العربية.

ووجه الداعية السعودي رسالة لمؤيدي الرئيس التركي: "أقول لمن يسبحون بحمده والمتغزلين به عقائد القبورية عنده ونوادي العهر تملأ أرضه، ثم ماذا طبق للإسلام، الخلافة العثمانية احتلال للعام الإسلامي، كما احتل السعودية وهناك مراجع تبين ماذا فعلوا هدموا الدرعية، واحتلو الجنوب، هم مجرد قتلة محتلين غصبة لم ينشروا علماً ولا توحيداً، ولا صناعة ولا زراعة".

الفيديو الذي نشره الداعية السعودي عائض القرني، الجمعة (21 فبراير الجاري) لقي ردود فعل واسعة من قبل مواطنين عرب.

بعضهم استغرب من انقلاب القرني بالرأي، وتأخره كل هذا الوقت ليعلن اكتشافه الحقيقة بحسب رأيه، على الرغم من أن سياسة تركيا واضحة فيما يخص علاقتها الدبلوماسية بـ"إسرائيل"، ومواقفها تجاه القضايا العربية فضلاً عن تاريخ الدولة العثمانية وآثار حكمها الذي امتد ليشمل الدول العربية.

كثيرون هاجموا الداعية السعودي عائض القرني بسبب تصريحاته هذه التي أعلن عنها في مقطع الفيديو، بعضهم شن هجوماً بألفاظ قاسية وجهها للقرني، وآخرون قارنوا بالخدمات اللافتة للنظر التي قدمها أردوغان لبلده وما يعانيه السعوديون من نقص في الخدمات البلدية.

الكاتب التركي حمزة تكين، في معرض رده على الداعية السعودي عائض القرني، وجه دعوة للأخير للمناظرة العلنية "من باب شرعي وسياسي حول تركيا والرئيس أردوغان"، متحدياً القرني بالقول "انتظر جوابه إن كان يجرؤ على المناظرة".

القرني.. مسلسل تناقضات متواصل الحلقات

هجوم القرني على أردوغان وسياسة تركيا والدولة العثمانية، ودفاعه عن سياسة السعودية وإشادته بولي العهد محمد بن سلمان، يعتبر حلقة من مسلسل التغيير والإنقلاب بالرأي والتناقضات التي بدأ يمارسها من أن نجا من حملة اعتقالات وملاحقات قادها بن سلمان، منذ سبتمبر 2017، ضد الدعاة وأصحاب الرأي المخالف للسلطة.

وبدأ القرني يظهر حازماً في الدفاع عن سياسات بن سلمان وخطواته الجديدة التي شهدتها المملكة، منذ لقاء تلفزيوني في 6 مايو الماضي، حين الإعلامي عبد الله المديفر، على فضائية "روتانا خليجية".

في ذلك اللقاء حرص القرني على تبرير إعلان بن سلمان انتهاء "الصحوة" الإسلامية في المملكة، التي كان من أبرز مشايخها والمنظرين لها.

وخلال اللقاء الذي استمر ساعة وعشرين دقيقة، هاجم القرني، بعد سؤاله من المذيع، قطر وتركيا وإيران، زاعماً أنهم يكنون العداء للسعودية.

وعمل المذيع السعودي على جلب فيديوهات قديمة للقرني، يظهر فيها المديح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ثم الطلب من جديد موقفه منه، وهو ما قابله الداعية السعودي بالهجوم على أنقرة إرضاءً للموقف السعودي العام في السياسة الخارجية الجديدة.

القرني كرر دعمه لبن سلمان أكثر من مرة خلال حديثه للإعلامي، مؤكداً أن هناك ثلاثة خطوط حمراء بالنسبة له، أولها "الدين المعتدل الوسطي"، والمملكة، وسلمان وابنه، وأنه سيعمل على تسخير قلمه في مشروع "الاعتدال" الذي يقوم عليه ولي العهد "من هذه الليلة".

ظهور القرني على قناة "روتانا" وهجومه السياسي على قطر، وهجومه الأخير على أردوغان وسياسة تركيا، جاء مخالفاً لما أعلنه في يناير 2018، عن توبته من السياسة واعتزاله لها، "لكونها خطراً على الشريعة".

وكان القرني حذر، في 18 يناير 2018، من انغماس عالم الشريعة في الأمور السياسية؛ مشيراً إلى أنه إذا اتخذها منهجاً أفسدت عليه علمه وإصلاحه؛ "لأن السياسة في غالب أطوارها متلونة متقلبة مخادعة".