العالم - السعودية
ويبدأ غوش مقاله، بالقول: "مر يومان منذ عملية الاعتقال المهمة في تاريخ المملكة، لكن لا يوجد هناك أي تفسير رسمي بعد، وعلم (بلومبيرغ) أنه تم إخبار أفراد في مجلس البيعة، الذي يصوت على قضايا تتعلق بالوراثة، أن الأمير أحمد بن عبد العزيز (آخر الإخوة الباقين للمك سلمان بن عبد العزيز)، والأمير محمد بن نايف (ولي العهد السابق الذي كانت له علاقة قوية مع المؤسسة الأمنية الأمريكية) كانا يخططان لانقلاب".
ويقول الكاتب: "ربما كانت هذه المحاولة أقوى تحد مباشر على الإطلاق لحاكم سعودي، التي تشبه محاولة ضباط في سلاح الجو عام 1969 لتغيير نظام الحكم، التي أحبطت في مهدها، وبناء على هذا فمن المتوقع أن يقوم الملك سلمان أو ابنه بإلقاء خطاب للشعب السعودي وإخبار المجتمع الدولي بحقيقة ما يجري، لكن هذا الأمر لم يحدث".
ويشير غوش إلى أنه تم الإفراج عن بعض الرموز القوية ممن تم اعتقالهم، إلا أن الأميرين البارزين لا يزالان في الاحتجاز.
ويلفت الكاتب إلى أنه "في الرياض فإن طاحونة الشائعات لديها أرضية للدراما التي حصلت نهاية الأسبوع، فهل مل ولي العهد من بقية الأمراء الذين يشتكون منه في الجلسات العائلية لهم؟ أم أنه يرسل رسالة لبقية أفراد العائلة بأنه لا يحتمل أي معارضة؟ وهل كان يتخلص من مركز بديل تحضيرا لوصوله إلى العرش؟ أم يقوم الآخرون بمحاولات نشطة لمنعه من تولي العرش؟"
ويفيد غوش بأن هناك بعض الشائعات التي ربطت الاعتقالات بوضع الملك سلمان (84 عاما)، وبأنه على فراش الموت، مشيرا إلى أن البلاط الملكي رد بصور وفيديو يكشفان عن وضع الملك، وبأنه في حالة جيدة.
ويجد الكاتب أن "غياب الوضوح في موضوع مهم على الساحة الوطنية والدولية يجب أن يقلق الحكومات الأجنبية والمستثمرين، وكذلك السعوديين، خاصة بعد بدء الحكومة السعودية حرب أسعار أدت إلى تراجع سعر نفط برنت إلى 31 دولارا صباح الاثنين، ما قاد إلى حالة فزع في الأسواق العالمية، وهناك شائعة جديدة تقول إن الاعتقالات جاءت قبل بداية حرب أسعار النفط لقطع الطريق أمام أي شكوى أو تذمر حول أثر ذلك كله على الاقتصاد السعودي".
ويرى غوش أن "الشفافية لم تكن أبدا من صفات محمد بن سلمان، وتضرر موقفه الدولي من خلال قرارات متعجلة ومتهورة، وغالبا ما تتفوق شراسة ولي العهد على أي مصداقية له بصفته مصلحا، ولو لم يتم توضيح أسباب اعتقالات نهاية الأسبوع فإن هذا لن يزيد إلا في تعميق المفهوم عنه".
ويقول الكاتب إنه "سيكون من الصعب إقناع العالم برواية انقلاب كان في طور التحضير، فبعد هذا كله فإن ابن سلمان يسيطر على المؤسسات الأمنية: الجيش والمخابرات والحرس الوطني، وقام بتطهير الحكومة من الأمراء والمسؤولين ممن هم في وضع لتحديه، وبعد أشهر من تسميته وليا للعهد أمر باحتجاز أعداد من الأمراء ورجال الأعمال، ولم يفرج عن الكثيرين منهم إلا بعد التخلي عن جزء من أرصدتهم، من أراض وأموال نقدية وحصص في شركات".
وينوه غوش إلى أنه "منذ ذلك الوقت لم يسمح ولي العهد بأي مساحة للمعارضة، سواء في دوائر العائلة المالكة أو الشعب، وتم سجن الناشطات النسويات والنشطاء في حقوق الإنسان بشكل تعسفي، فيما واجه نقاده في الخارج استفزازات، وتركت جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي أثرها، فذكر تقرير للأمم المتحدة أن محمد بن سلمان مسؤول عن الجريمة، فيما قالت المخابرات الأمريكية إنه هو من أمر بالقتل".
ويؤكد الكاتب أن "الأميرين اللذين اعتقلا يوم الجمعة ليسا في وضع لزحزحة ابن سلمان عن ولاية العهد، فمحمد بن نايف، الذي سيطر مرة على مفاصل الدولة كلها، لم يعد قادرا على مغادرة قصره منذ ثلاثة أعوام، فيما ليست لدى أحمد بن عبد العزيز، الذي عاد إلى السعودية من منفاه في لندن، أي قوة".
ويختم غوش مقاله بالقول إنه "بسبب ظروفهما فإنهما بحاجة إلى مجموعة من المتآمرين ليطيحوا بالملك سلمان ووريث عرشه، وربما كانت اعتقالات نهاية الأسبوع هي مقدمة لحملة قمع جديدة، ومع أن الشفافية ليست من اهتمامات ابن سلمان، لكن يجب أن تكون مصلحته -وكذلك من مصلحة السعودية والعالم- توضيح ما يحدث".