هل سيتمكن الزرفي من توحيد العراقيين؟

هل سيتمكن الزرفي من توحيد العراقيين؟
الثلاثاء ١٧ مارس ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٥ بتوقيت غرينتش

ما كاد الرئيس العراقي برهم صالح يعلن تكليف محافظ النجف السابق عدنان الزرفي بمهمة تشكيل الحكومة، حتى انبرت العديد من الشخصيات والأحزاب العراقية لتعلن رفضها تكليفه، وكان في مقدمتها تحالف الفتح الذي ينسف قرار التكليف من جذوره ويعتبره غير دستوري وقانوني لأن الزرفي ليس مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي .

كما أن حركة عصائب الحق العراقية أعلنت رفضها لتكليف الزرفي بتشكيل الحكومة، بل أعتبر القيادي في الحركة جواد الطليباوي أن تكليفه خيانة لدماء الشهداء.

ومما لاشك فيه ان هناك أحزاب وشخصيات عراقية تدعم تكليف الزرفي بتشكيل الحكومة، أما على الصعيد الاقليمي والدولي فقد كانت الأمم المتحدة من أول المرحبين بتكليفه، وقالت الممثلة الأممية الخاصة في العراق جينين بلاسخارت في بيان لها "نرحب بتكليف مرشح لرئاسة الوزراء لتشكيل الحكومة، في مواجهة أزمات أمنية وسياسية واقتصادية وصحية غير مسبوقة".

ولو أردنا استعراض مواقف المؤيدين والمعارضين لتكليف الزرفي لطال بنا المقال، غاية ما يمكن القول في هذا الصدد، أن تحالف النصر وأصدقاءه وحلفاءه يدعمون بقوة تكليف الزرفي، بينما تحالف الفتح وأصدقاءه وحلفاءه يعارضون بشدة تكليفه، مما يشير الى أن امام الزرفي مهمة شاقة ليحصل هو وحكومته على ثقة البرلمان، وعليه أن يبذل قصارى جهده خلال الفترة الرسمية لاعلان حكومته امام البرلمان لاقناع المعارضين ببرامجه وخططه خلال المرحلة القادمة، خاصة وأن المعارضين يتمتعون بثقل كبير في البرلمان.

ومع أن تحالف الفتح الذي يقود تيارا واسعا من الجماهير والقوى والأحزاب والشخصيات الفاعلة والمتنفذة في العراق؛ أعلن رفضه للزرفي الا أن هذا لا يعني انه لن يغير موقفه منه اذا رأى فيه الصفات اللازمة لتشكيل الحكومة، بمعنى آخر أن التحالف وأصدقاءه ليس لديهم فيتو على الأشخاص بقدر البرامج والمشاريع والخطط التي يعتزمون تنفيذها.

المهمة الأولى التي يتعين على الزرفي القيام بها هي توحيد العراقيين، بحيث يشعر الجميع انه مرشحهم ومنفذ مطالبهم، خاصة وأن العراق لم يشهد الاستقرار والمعنى الحقيقي للاستقرار منذ 2003 وحتى اليوم، بل أن انتفاضة تشرين كشفت حقيقة مرة وهي أن شرائح واسعة من الشعب العراقي غير راضية على أداء الحكومات السابقة بما فيها الحكومة الأخيرة، فاذا استطاع الزرفي كسب ثقة عموم العراقيين بما فيهم الأحزاب والقوى والشخصيات المعارضة له، فقد نجح في تجاوز العقبة الرئيسية الأولى الكأداء التي تقف امامه وهي ثقة البرلمان.

اذا نجح الزرفي في تجاوز مرحلة ثقة البرلمان (وذلك يتوقف على مدى جهوده وبراعته وأدائه)، فهناك ثلاثة ملفات عاجلة عليه انجازها خلال فترة تولي حكومته الانتقالية شؤون البلاد، في مقدمة هذه الملفات، هي مطالب المتظاهرين، فلا ينبغي تجاهل هذا الملف بتاتا، خاصة وأن بعض المطالب مشروعة وحقيقية كمحاربة الفساد وطرد الفاسدين من دوائر الحكم والسلطة وقطع أيادي العابثين بالمال العام، وغير ذلك من المطالب التي طالما أعلنها المتظاهرون.

الملف الثاني، ويعتبر مكمل للملف الأول هو اجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، وفقا للبنود التي أقرها البرلمان في قانون الانتخابات.

الملف الثالث، هو تفعيل قرار البرلمان العراقي بطرد القوات الاجنبية من البلاد والذي اتخذه مباشرة بعد الجريمة النكراء التي اقترفتها القوات الأميركية بتصفية القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، فقد بيّن قرار البرلمان ان هناك اجماع لدى معظم الأحزاب العراقية بضرورة خروج القوات الاميركية من العراق، وان وجودها عامل لاثارة الخلافات وشق صفوف العراقيين، ولعل ادانة واستنكار معظم العراقيين للجريمة التي اقترفتها القوات الأميركية مؤخرا بقصف مواقع الحشد الشعبي والجيش العراقي ومطار كربلاء دللت من دون ريب على هذه القوات غير مرحب به من قبل معظم العراقيين.

لاشك أن الادارة الاميركية ستمارس ضغوطا شديدة على أية حكومة قادمة في العراق سواء كان الذي يقودها الزرفي أو غيره، لعرقلة تفعيل هذا القرار والمماطلة في تنفيذه الأمر الذي ترفضه فصائل المقاومة العراقية جملة وتفصيلا، بل أن المقاومة العراقية اذا كانت اليوم تمتنع عن تنفيذ عمليات قاصمة ضد القوات الاميركية، فانها تتريث الاجراءات التي تتخذها الحكومة العراقية القادمة في هذا الاطار، ولنتصور مدى الفوضى التي ستعم العراق لو امتنعت الحكومة العراقية عن تنفيذ قرار البرلمان، اذ ستبادر المقاومة العراقية بتوجيه الضربات للقوات الاميركية كما أن الأخيرة سترد عليها، عندها يتحول العراق برمته الى ساحة حرب.

تصنيف :