من طهران .. تاثير كورونا على الإقتصاد عالميا وإيرانيا

الأحد ٢٤ مايو ٢٠٢٠ - ٠٤:٢١ بتوقيت غرينتش

طهران (العالم) 2020.05.24 - استضافت هذه الحلقة من برنامج من طهران على شاشة قناة العالم الإخبارية الدكتور علي آقا محمدي عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران حول آخر تطورات الوضع الإقتصادي في داخل إيران وخارجها في ظل جائحة كورونا.

العالم - برامج

واليكم نص مقابلة قناة العالم الإخبارية مع الدكتور علي آقا محمدي عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران ضمن برنامج "من طهران"

السؤال الاول: الموضوع الذي يتصدر نشرات الأخبار هو كورونا، قيل أن جائحة كورونا هي نتيجة هجوم بيولوجي من قبل دولة او جهة ما والهدف إقتصادي، السؤال هنا هو هل حقا الساحة الإقتصادية العالمية وصل بها الحال الى هنا لتشهد مثل هكذا الحروب؟

آقامحمدي: لو کنتم قد دقّقتم في الموضوع منذ إنطلاقته في الصین، لوجدتم أنّ وزیر تجارة أمریکا کان أوّل شخص أدلی بدلوه وأعرب عن سروره وفرحه من أنّ هذا الأمر سوف یوجّه ضربة جدّیة لإقتصاد الصین. خلال هذه المرحلة لربّما لایوجد في متناول أیدینا أيّ دلیل مُقنع یؤکّد علی أنّ هذا الفیروس من صنع یدوي، بل علی أبعد تقدیر بإمکاننا القول أنّ البعض کان یُجري إختبارات ومن ثمّ خرج عن السیطرة. وهذا أیضاً لم ینجح أحد في ایجاد دلیل له، ولهذا حاول ترامب التطرّق إلی هذا الموضوع بسبب الإنتخابات الرئاسیة القادمة والمشکلات التي تعصف به، وإدخال العوامل الخارجیة في الموضوع وتوریط الصین نتیجة للعدد الکبیر من الإصابات وسوء إدارته في التعامل مع الفیروس. ولکن نفس هذا الکلام الذي طرحه الأمریکیون آنذاك وتابعوه بقوّة، یوضّح أنّه من الممکن في المستقبل إستخدام هذا السلاح لمواجهة صعود أيّ قوّة في وجه أمریکا، وهذه خطورة تواجهها البشریة. شخصیاً أعتقد أنّ الخطورة قد طُرحت بشکل کامل ولم یتبق شئ لم یرد علی لسان السیاسیین، فقد ذکره المسؤولون من الطراز الأوّل، خذ مثلاً من المسؤولین الإقتصادیین الأمریکیین وإنتهاء برئیس جمهوریة أمریکا الذي ذکر هذا الکلام لاحقاً. علی هذا الأساس یجب إبداء القلق من هذه الناحیة، لربّما تدخل الحرب البیولوجیة القطاع الإقتصادي لاحقاً، ویعمل الأمریکیون علی کسر هذا التوازن الإقتصادي الذي یتقدّم بصورة طبیعیة ویدفعهم إلی الخلف بدلاً من الأمام. وربّما طرح الأمریکیون من قبل موضوع صراع الحضارات وکیف أنّ الصین سوف تتبوّأ المرتبة الأولی عالمیاً، کما أنّ الکثیرین من المسؤولین وأصحاب الرأي قالوا أنّ أمریکا لن تسمح بحدوث مثل هذا الأمر. علی هذا نحن نری وبقوّة هذا الإحتمال أي مواجهة هذه الهجمات في المستقبل، لهذا یجب علی المجتمع الدولي أن یتهیّأ لمواجهة مثل هذه المخاطر العالمیة، والسبب أنّ الرأسمالیة عبارة عن نظام متوحّش لایولي أيّ أهمّیة للبشریة وشؤونها، ما یهمّ الرأسمالیة في المقام الأوّل هو الحفاظ علی السلطة والقوّة وبالأخصّ القوّة الإقتصادیة.

السؤال الثاني: كيف تنظرون الى ملامح الساحة الإقتصادية في مرحلة ما بعد كورونا؟

آقامحمدي: تغیّر العدید من المهن والأعمال والحرف التي کانت في السابق بسبب هذه الظاهرة، بمعنی أنّ موضوع فیروس کورونا قد أوضح بأنّ المواضیع ذات الصلة بالفضاء الألکتروني وإدارة الإقتصاد قد قلّلت من اللقاءات البشریة أو في الحقیقة إبعاد بعض الأنشطة من التداول المتعارف علیه، وقد أصبح هذا الأمر جدّیاً. أعتقد شخصیاً أنّ عدداً کبیراً من المهن والحرف سوف تخرج عن دائرة الأنشطة المعروفة، وفي المقابل سوف تدخل أنشطة أخری في هذه الدائرة. شخصیاً أعتقد أنّ التطبیب عن بُعد، أو تیلیمیدیسن، سوف یتبلور بسرعة، کما أنّ موضوع الصحّة سوف یحظی بأهمّیة کبیرة من قبل المجتمع الدولي ونتیجة لهذا الإهتمام سوف یزید الإقتصاد من الإستثمار في هذا القطاع.

لاتنسی بأنّ موضوع التغذیة والأمراض الکامنة سوف یحظیان بمتابعة أکثر والسبب أنّهما یهیّآن الأرضیة للإصابات. أمّا فیما یخصّ النوع في الواقع، فأنّ التوجّه الذي کان سائداً بإختیار نمط العائلة الغربیة، أي المکوّنة من الزوجین فقط ومن ثمّ إضافة طفل واحد فقط، أعتقد شخصیاً أنّ هذه الظاهرة سوف تتوقّف وسیکون التلاحم أکثر قوّة وسیزداد التضامن بین الأفراد، وبالأخصّ في الشرق حیث سیسعی الأفراد للحصول علی الأمن والأمان، والسبب أنّهم سوف یشعرون في مرحلة ما بعدم وجود أصحاب لهم وهذا الأمر سیسبّب الإزعاج لهم، لهذا بإمکان هذا الموضوع ایجاد تحوّل وتغییر في المجتمعات. أمّا بخصوص نمو وزیادةّ فروع قاعدة المعرفة، أعتقد أنّها سوف تتوسّع وتنتشر بکثرة، کما أنّ موضوع علم الوراثة سیحظی بأهمّیة بالغة ویمکننا الحصول علی تغییرات أساسیة فیه ولایمکننا القول من أنّنا نعود إلی الوراء. شخصیاً أعتقد أنّ ما حصل کان بمثابة تطوّر وقد ترك بصماته وآثاره في عالمنا.

کما أنّ هذا الفیروس قد أوضح بما لا یدع مجالاً للشكّ من أنّ الإنسان لیس بهذه القوّة والقدرة التي کنّا نتصوّرها، بمعنی أنّ ما کان یدّعیه من أنّه یتحکّم بکلّ شئ وأنّ دفّة القیادة بیده لم یکن صحیحاً، فوجود فیروس واحد لو أمکن تقییمه بین کلّ هذه الفیروسات لما وجدنا له وزناً یُذکر، کما أنّ طبیعته لم تُعرف بعد، لم ینجح الإنسان في هزیمته، بل ترك إصابات کثیرة جدّاً حتّی اللحظة، أکثر من خمسة ملایین إصابة في مختلف أنحاء العالم حتّی یومنا هذا، کما أنّ عدداً کبیراً من الأفراد قضوا نحبهم بینما البعض لایزالون یعانون من إصابتهم من الفیروس والآثار المترتّبة منه، بمعنی أنّ بعض الأفراد المصابین بفیروس کورونا یعانون من إضطرابات قلبیة بسبب نفوذ الفیروس إلی شرایین قلوبهم، أي بکلمات أخری فأنّ هذا الفیروس أوجد مرضی بالقلب! عدد هؤلاء الأفراد لیس بالیسیر وقد دخلوا فئة أخری، إذاً نستنتج أنّ هذا الفیروس یتسبّب في ایجاد مرضی أیضاً.

علی هذا الأساس، أعتقد شخصیاً أنّ ماحصل أثبت أنّ الإنسان غیر مهیمن علی الأمور بشکل مطلق، لهذا لمسنا توجّهاً محسوساً صوب الروحانیة النقیّة في المجتمع. کما رأینا في أمریکا أماکن تُقام فیها الصلوات والأدعیة، لم تکن هذه الظاهرة مجرّد إدّعاء، بل حاجة ماسّة للمجتمع من أجل الحفاظ علی التوازن الإجتماعي، ویبدو أنّ موضوع إبعاد الدین من جمیع الأوجه الإجتماعیة سوف یتوقّف إلی حدّ ما.

السؤال الثالث: تعتقدون بان العالم ما بعد كورونا ليس كما كان قبل كورونا، إقتصادياً يا ترى هل سيشهد العالم تغيير في تركيبة الدول الإقتصادية العملاقة؟

آقا محمدي: بطبیعة الحال، بوجود هذه الظروف، فقد إبتعدنا کثیراً عن العولمة، وفي الواقع أصبحنا قومیین، کما أنّ الإکتفاء الذاتي بدأ یزدهر ویزید في الدول وبدأ یخرج من الزاویة السابقة إضافة إلی أنّ فکرة الإقلیمیة بدأت تتوسّع. هذا هو الإتّجاه العام، من وجهة نظري الشخصیة یجب علینا إضفاء أهمّیة قصوی علی هذا الإتّجاه. کما أنّ النموّ الإقتصادي تعرّض إلی هبوط کبیر، وهذا الإنخفاض سیکون له آثار بعیدة الأمد علی المجتمع العالمي.

السؤال الرابع: إسمحوا لنا ان نعود الى إيران والملف الإقتصادي في إيران، سمعنا كثيراً عن رجال الإقتصاد في إيران بانهم يعانون من فيروسان في آن واحد، فيروس كورونا وفيروس الحظر الأمريكي، هذا التصريح يعكس مدى صعوبة الوضع في الجمهورية الإسلامية، كيف يمكن وصف وضع الإقتصادي في إيران؟

آقامحمدي:کان لدینا وجهتا نظر في ایران. إحداهما تقول کلّما شرّعنا الأبواب وتعاملنا أکثر مع الآخرین وقمنا ببیع النفط فسینتج عن هذا رفاهیة أکثر وستکون نسبة النموّ الإقتصادي أکثر. أمّا وجهة النظر الثانیة فکانت تقول بوجوب تقویة أسس الإقتصاد الایراني وأعمدته ونتیجة لهذا ستنعم ایران بإستقرار أکثر. أعتقد شخصیاً أنّ فیروس کورونا جاء لخدمة وجهة النظر الثانیة! بمعنی أنّه برهن لو لم یکن لدینا بنزین من إنتاجنا ، ولم نکن نملك مصادر الطاقة کالغاز وغیره، ولم یکن لدینا قطاعاً زراعیاً مناسباً یزوّدنا بالمحاصیل المطلوبة ولا قطاعاً صناعیاً یمنحنا الصناعات المختلفة علی سبیل المثال، لکنّا نواجه وضعاً مشوّشاً في الوقت الراهن، أي بکلمات أخری لم نکن نتحمّل هذه الضربة.

حسناً، فالحظر الإقتصادي بلغ مداه ووصل إلی نهایة الطریق، ولربّما کان هذا خطأ الغرب وعلی رأسه أمریکا، لم یکن من المفروض أن یصلوا إلی القاع والسبب هو وجوب وجود نوع من الخوف، إلا أنّ القضاء علی الخوف وإنهائه کان عملاً غیر صحیحاً لکنّه نُفّذ علی أیّة حال. علی هذا الأساس، أنا شخصیاً أعتقد أنّ الحظر الإقتصادي قد إستنفذ ضغطه وما أراد الأمریکیون القیام به قاموا بتنفیذه. کما أنّ فیروس کورونا فعل فعلته في ایران، أقصد سرعته وتوقیت دخوله البلاد، فقد کانت ایران من ضمن الدول الأولی التي إنشغلت بالفیروس، حدث هذا قبل أوروبا وأمریکا، إذاً کانت المواجهة جدّیة.

لکنّ الإقتصاد الایراني تخطّی هذه المخاطر، أي أنّه نجح في العبور، وهذا إن دلّ علی شئ فإنّما یدلّ مرونته، وهذه المرونة تمّ وضعها في الإقتصاد المقاوم، وهذا یعني بأنّ إقتصاد ایران لیس من النوع الذي ینهار ویتفكّك وأنّ دعائمه قویّة. لهذا، أعتقد أنّنا من هذه المرحلة ومایلیها سوف نذهب إلی السلاسل وسنعمل علی توطین خمس عشرة سلسلة في الداخل بما أوتینا من قوّة وجهد ووفقاً لقاعدة المعرفة، وذلك بهدف التنافس العالمي ولیس من أجل الإستهلاك المحلي فحسب. أعتقد أنّنا سنحصل علی بعض فروع هذه السلاسل هذا العام، ففي الصناعات البتروکیماویة هذا العام والعام القادم وحتّی الخطوة التالیة إلی عام 2025 والذي یُعتبر عام رؤیتنا المستقبلیة، سوف نکون مختلفین کثیراً من ناحیة الکمّ، أي أنّ الکمّ الإقتصادي سوف یبلغ ثلاثة أضعاف الناتج الحالي.

حقیقة الأمر أنّنا نتّجه صوب قواعد المعرفة التي ستصبح ایرانیة المنشأ، بمعنی آخر أنّ العدید من الرخص الخاصّة بالبتروکیماویات والتي کانت أجنبیة، سوف نترکها وراء ظهورنا وندخل مرحلة جدیدة کإنتاج البروبیلین من الغاز وبتقنیات ایرانیة، وهذا العمل قد دخل طور التنفیذ. علی هذا الأساس، سوف نقتحم بعض المیادین وستکون أعمالنا بمثابة سلاسل متّصلة ببعضها البعض، وستکون المعرفة کالسلاسل غیر قابلة للإنقطاع وسوف تتبلور تعبئة وطنیة للمعرفة في ایران، ومن الآن قامت المؤسّسات المعرفیة بتقسیم العمل الوطني فیما بینها، وللعلم لن یکون هناك أيّ تکرار في الأعمال بل ستقوم کلّ مؤسّسة بمتابعة العمل في فرعها المتخصّصة فیه، إضافة إلی وجود تنسیق کامل مع القوّات المسلّحة وغیر المدنیة والتي تتمیّز بقدراتها في هذا المجال، شخصیاً أعتقد أنّ عامنا هذا سیکون عاماً ممتازاً لإقتصاد ایران.

السؤال الخامس: كيف استطاعت هذه السياسة المعتمدة في الجمهورية الإسلامية ان تصمد أمام حظر الأمريكي وأمام هذه الموجة الكبيرة من الحظر؟

آقامحمدي:نحن في الإقتصاد المقاوم تترکّز حواراتنا علی مرونة الإقتصاد. بمعنی أنّنا نرید من الإقتصاد أن یتحمّل الضغوط التي یتعرّض لها، ویتقبّل الأضرار ومن ثمّ یبدأ بالصعود ویأخذ رسمه البیاني منحی تصاعدیاً. هذا کلّ ماهو موجود في الإقتصاد المقاوم لو أردنا تلخیصه في عدّة جمل. حسناً، نحن الآن حقّقنا ما سبق ذکره في أغلب الأفرع، بمعنی أنّ الإقتصاد یتلقی ضربة موجعة لها آثارها الخاصّة بها، ولربّما تسبّب بإنخفاض في نسبة النموّ، ولکن وبسرعة حینما یکون بإمکاننا وضع قواعد وأعمدة جدیدة یمکننا التوجّه ناحیة موقع یقلّ فیه إعتمادنا علی الغیر، ففي حقیقة الأمر ذهبنا إلی ذروة الحرکة إلی الأعلی، والأمر المشوّق هو أنّ هذا العام سُمّي بعام "القفزة الإقتصادیة" علماً أنّ کورونا کان حاضراً بیننا کما أنّ الحظر الإقتصادي کان موجوداً أیضاً حینما أطلقنا هذا الإسم علی عامنا هذا.

وبالتالي، وفي هذه الظروف السائدة، قمنا بتغییر عبارة "إزدهار الإنتاج" والتي أبلت بلاءً حسناً العام الماضي حیث نجحنا في إضفاء الایجابیة علی معدّل النموّ الإقتصادي في الأشهر التسعة من العام الماضي، وبالرغم من تلقینا لهذه الضربة الموجعة، إلا أنّنا وبسبب الثقة التي حصلنا علیها من عملنا في المرحلة الإقتصادیة السابقة، أطلقنا علی هذا العام إسم "القفزة الإقتصادیة". ولهذا نرغب في الذهاب إلی منحنیات جدیدة، وتکون حرکتنا جدیدة وعلی أسس حدیثة وثابتة ومستقرّة معتمدین بطبیعة الحال علی الجیل الشاب الذي سیحلّ محل الجیل السابق. حقیقة الأمر فأنّ الخطوة الثانیة تحتوي علی مضمون واحد ولیس بشعار نردده فحسب، في الواقع نرید وضع طبقة المتعلّمین التي یبلغ تعدادها خمسة عشر ملیون خرّیج جامعي في إقتصادنا کي یکونوا قادة ومحاور إقتصاد ایران کي نخرج من الحالة التقلیدیة بشکل کامل.

السؤال السادس: أشرتم الى القفزة في الإنتاج هو شعار السنة، شاهدنا أخيراً في إيران إطلاق شعارات إقتصادية بإمتياز ومعظمها دائما لإنتاج المحلي وتسعى لتنويع مصادر الدخل في إيران وتقليل الإعتماد على مصادر النفط، الى اي مدى نجحت هذه السياسة؟

آقامحمدي: حسناً، لاحظ معي، بدایة کانت هناك شعارات أطلقناها لتغییر وجهتنا، بمعنی حینما تکون وجهتك القطاع العام أو الحکومي ومن ثمّ ترغب في تغییره إلی الوجهة الشعبیة لایمکن أن یحدث مثل هذا الأمر بهذه السهولة، لهذا یجب أن تتکرّر العملیة مرّات ومرّات. أو المادّة الرابعة والأربعون من الدستور والتي تنصّ علی إلقاء الأعمال علی عاتق الناس، لایمکن أن یتبلور هذا الأمر بسهولة. إذاً کان البعض من الأمور علی هذا المنوال، أو الفاعلیة مثلاً بسبب تدنّي ناتج الإقتصاد ویجب رفعه، أو المناقشات التأدیبیة التي یجب أن تطبّقها الحکومات في سلوکها الإقتصادي إلی جانب الإنضباط المالي، کلّ ماسبق ذکره کان عبارة عن شعارات لسنوات مضت.

خلال السنوات القلیلة الماضیة قمنا بالإستناد علی القطاع الخاصّ والإنتاج، وفي الحقیقة لو أردنا القول أنّ هذا الهدف قد تحقّق أعتقد أنّنا نقولها بصورة بسیطة وهي ماهو وضع النفط الایراني؟ نحن ندیر إقتصاد ایران في الوقت الحاضر من دون النفط بشکل تقریبي! لو لم یکن بإمکاننا التقلیل من هذا الإعتماد في حقیقة الأمر لکان الموضوع ممیتاً. الآن انظروا إلی السعودیة لم ینخفض إنتاج نفطها ولم تتعرّض لأيّ ضغوط دولیة، ماحصل هو أنّ فیروس کورونا حضر فقط وتغیّرت أسعار النفط، وجدنا کیف أنّ ضریبة القیمة المضافة قد تضاعفت ثلاث مرّات، أي أنّ الحکومة أضافت خمسة بالمائة إلی خمسة عشر بالمائة وذکرت أنّها في صدد حذف جمیع أنواع المساعدات لأفراد الشعب. کما أنّ العجز في میزانیة السعودیة کبیر، هذا یُسمّی بعملیة الترقیع ، نحن لیس لدینا مثل هذه العملیة. کان لدینا مثل هذه العملیة في فترة من الفترات، لکنّنا إنفصلنا عنها في الوقت الحاضر، وهذا الکلام لا یعني أنّنا قطعنا جمیع الطرق والمسارات، لکنّه یعني أنّنا تقدّمنا في هذا الطریق بنجاح وتمکنا من قطعه ومواجهة الأمر القائل بإمکانیة الحرکة بإتّجاه القمّة والوصول إلیها بنجاح.

السؤال السابع: في ظل الواقع الذي فرضته جائحة كورونا معظم البورصات العالمية والإقليمية شهدت تراجع وحالة ركود لكن بورصة طهران شهدت إرتفاع ملحوظ بشكل مستمر، كيف يمكن تحليل هذا الموضوع من ناحية العلمية؟

آقامحمدي:یحدث مرّة أنّنا نحسب سوق الأوراق المالیة وفقاً للأسعار الحالیة التي تخفي في طیّاتها التضخّم وأسعار صرف العملات الأجنبیة وغیرها. بینما یحدث أحیاناً أنّنا نحسب سوق الأوراق المالیة وفقاً للأسعار العالمیة. فیما یتعلق بسوق ایران للأوراق المالیة منذ عام 2013 وإلی هذا العام، أي خلال فترة سبع سنوات من الزمان، بإمکاني القول أنّ السوق تضاعفت مرّتین. علی هذا الأساس، لایمکننا القول أنّ سوق الأوراق المالیة قد وصلت إلی أسعار عجیبة وغریبة، ففي فترة من الفترات کان الدولار یعادل ثلاثة آلاف تومان وفي فترة أخری وصل سعر الصرف إلی خمسة عشر وستّة عشر ألف تومان، إذاً حینما یُستبدل الدولار بهذه الأسعار نجد أنّ الریال یتضخّم کثیراً في أذهان البعض. النقطة الثانیة تتمثّل في أنّنا قمنا بعمل عدد من الإصلاحات الهیکلیة، فحینما کنّا نقوم بعملیة شراء في الماضي لم تکن تتبعه عملیات تقییم وتبقی الأسعار کما هي مسجلة في الکشوفات، في حین أنّ أحد المصانع کان یقدّر بمائة وحدة من الریالات في فترة من الفترات، بینما الآن نفس المصنع یقدّر بمائة ألف وحدة من الریالات! حسناً لماذا لم یکن القائمون علی هذه المصانع یقومون بهذا العمل؟ السبب هو أنّ المسؤولین کانوا یأخذون منهم الضرائب.

تمّ وضع قانون سُمح بموجبه للراغبین بإجراء التقییم وقال المشرّعون أنّ هذا یعفي عن الضرائب، لهذا قامت الشرکات کلها بإجراء التقییم الذي إنعکس علی أسعار أسهمها، لماذا؟ السبب هو أنّه قد إتّضح حالیاً أنّ المصانع التي نتحدّث عنها الآن لاتقدّر بمائة وحدة بل مائة ألف وحدة! لهذا تنعکس هذه الأرقام والأسعار علی الأسهم في سوق الأوراق المالیة، ولهذا السبب أیضاً لم نشهد أرقاماً عجیبة وغریبة في أرقامنا، وفي الحقیقة لربّما کان إغلاق الأسواق الأخری بطیئاً إلی حدّ ما، بمعنی حینما یقل النشاط في سوق العملات الصعبة ویتم سلب النشاط منها، إضافة إلی سوق العقار الذي بدأ یفقد لمعانه وطاقته ووصل إلی مرحلة الرکود، من الطبیعي أن نندفّق رؤوس الأموال إلی سوق الأوراق المالیة. لو أمکننا تحویل الأنشطة إلی سوق الأوراق المالیة، أو البورصة، فهذا یعني أنّنا قد إستفدنا من هذه الفرصة علی أحسن وجه، بإمکاننا إدخال جمیع الشرکات في سوق الأوراق المالیة ونقول کلّ من لدیه نشاط علیه التواجد في البورصة، ونتیجة لهذه السیاسة سوف یحدث أمران هنا، الأوّل تحصل سوق الأوراق المالیة علی عمق أکبر، والأموال التي دخلتها سوف تحصل علی الدعم. الأمر الثاني سوف تتحرّر مصادرنا المصرفیة، لماذا؟ لأنّ توفیر رؤوس الأموال للأنشطة الکبیرة تتبلور وتتشکّل في سوق الأوراق المالیة، وهذا لیس سوی الأمر الذي کنّا نسعی ألی تحقیقه وبلورته منذ فترة زمنیة بعیدة، ولحسن الحظّ فقد سنحت الفرصة الآن.

وبالتالي یجب علینا القیام بعملین نتیجة للموضوع الذي تبلور مؤخّراً. الأوّل هو زیادة عدد الشرکات لتي ستلتحق بسوق الأوراق المالیة، وهذا یعني إدخال مئات الآلاف من الملیارات من التومان إلی البورصة من الشرکات الجدیدة، وهذا العمل سوف یُنفّذ، فبرامجه قد وُضعت، فالشرکات المتعلقة بالحکومة سوف تدخل البورصة وتکون تحت تصرّف الناس، حوالي ستّین إلی سبعین ألف ملیار تومان من أموال الحکومة سوف یتمّ عرضها، ومائتین إلی ثلاثمائة ألف ملیار تومان من رؤوس أموال الأفراد سوف تلتحق بسوق الأوراق المالیة أیضاً. لهذا فأنّ هذه المبالغ سوف تساعد البورصة إلی حدّ کبیر جدّاً. ثانیاً، أمّا القسم الثاني الذي یجب علینا القیام به هنا یتمثّل في نقل التمویل إلی سوق الأوراق المالیة ، بمعنی أنّ السوق الثانیة لن تکون کافیة، یجب علینا إطلاق السوق الأولی، والضرورة هنا تکمن في أنّ نظامنا المصرفي الذي لم یکن یقبل حتّی الآن بتقدیم ضمانات للشرکات التي تنشر شهادات الإستثمار للمشارکة بدأ یعدّ نفسه لتقدیم الضمانات بشروط.

ولو تمّ تقدیم الضمان، فأنّ شرکة "ایران خودرو" لإنتاج السیّارات أو أيّ شرکة أخری لاحاجة لها للذهاب إلی المصارف للحصول علی الأموال اللازمة، بل تقوم بعرض شهادات الإستثمار للمشارکة وتدعم منتجاتها عن هذا الطریق.

السؤال الثامن: واحدة من مواضيع المهمة في الساحة الإقتصادية اليوم هي موضوع ارتفاع اسعار صرف العملة الصعبة مقابل الريال الإيراني بشكل مرعب، كيف يمكن قراءة هذا المشهد؟ هناك من يقول بأن من يقف وراء هذا الموضوع هي الحكومة التي تريد بهذه الخطة ان تعالج مسألة السيولة الموجودة في المجمع كذلك سد العجز المالي، كيف يمكن قراءة هذا المشهد؟

آقامحمدي: بلغت نسبة التضخم لدینا العام المنصرم أکثر من 30%، لهذا فأنّ هذه النسبة تجد منفذاً لها في سوق العملات الصعبة أیضاً. إذاً هذا الرقم لیس لالشئ العجیب. یحدث مرّة أن نقطع الصلات بین الأسواق ، ونقول لدینا أوامر وتعلیمات بإنفاق العملات الصعبة. کان هذا مایحدث في الماضي، تصل الدولارات النفطیة وتسحق الأسعار وبهذه الطریقة کان یتمّ التحکّم بالتضخّم. أمّا الیوم فلا وجود لمثل هذه السیاسة کما لاتوجد إمکانیة لتطبیقها. بمعنی أنّ النفط لایوجد بهذه الکمّیة کي یمنحنا الأموال الطائلة، لهذا فأنّ سیاسة التوازن والأسواق مرتبطة ببعضها البعض. إذاً، لو نجحنا في تقلیل العناصر المرتبطة بالتضخم، ستکون سرعة تغییر سعر صرف العملات الصعبة مختلفة أیضاً، کما لو حدث وأن زادت وتیرة سرعة سوق الأوراق المالیة وإرتفعت عادئاتها، سوف تتأثر بها الأسواق الأخری.

السؤال التاسع: بما انكم عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، ما هي آخر مستجدات حول الجدل الدائر بسبب إلتحاق إيران الى الـ" FATF

آقامحمدي: موضوع "اي إف تي إف" في الحقیقة عبارة عن تعهّد منحه وزیر الإقتصاد آنذاك من دون القیام بمفاوضات متماسکة ومن دون الجلوس في حقیقة الأمر. فقد إعتقد بإمکانیة حل الموضوع براحة تامّة. فقد قبل الوزیر بتعهّد مکوّن من واحد وأربعین بند والعمل بها من دون أن یذکر الطرف المقابل له ما العمل الذي سیقوم به بعده!!! بمعنی أنّنا قمنا بکلّ هذا العمل، ما الذي ستقومون به أنتم؟ حسناً، سوف نتحدّث سویاً، خلاصة الأمر هذا الأمر تبلور من طرف واحد فقط وحدث ماحدث. والیوم وصلنا إلی نقطة لایوجد فیها موضوع "اي إف تي إف"، أو بالأحری لیست لدینا مشکلة في هذا الموضوع ونحن جزء من "اي إف تي إف". ففي حقیقة الأمر توجد معاهدتان دولیتان، طلب منّا المسؤولون الإنضمام إلیهما وقالوا کي نطمأن من أنّکم سوف تنفذون بنود المعاهدتین، في الحقیقة نحن صادقنا علی قانون غسیل الأموال وقانون مکافحة الإرهاب، فقد طوینا جمیع المراحل کما أنّ مجمع تشخیص مصلحة النظام أبدی وجهة نظره في الموضوع، مایحدث هو أنب المسؤولین الدولیین یقولون لنا یجب أن تحصلوا علی العضویة في المعاهدتین، حسناً، والآن ماذا تفعلون أنتم؟ لنفرض أنّنا قمنا بهذا العمل، ما الذي ستقومون به أنتم؟ لا جواب علی هذا السؤال! في الحقیقة ایران لیست عضواً في "اي إف تي إف" بل تُعتبر عضواً للإجابة علی اۀدسئلة فحسب، في حال أنّ القائمین علی المعاهدتین قبلوا بالسعودیة وإسرائیل کعضوین وهذا قمّة التمییز. والآن نحن هنا، ما الذي ستفعلونه معنا لاحقاً؟ یردّون بالقول إذا کان ممکنا سوف نخرجکم من القائمة السوداء ونضعکم في القائمة الرمادیة. ولکن إلی متی؟ ثمّ ما الذي یمکننا القیام به لاحقاً؟ هل توجد أداة في أیدینا؟ کلا لاتوجد!