هكذا جمع الوحدوي الاخير بين الفكر والمقاومة 

هكذا جمع الوحدوي الاخير بين الفكر والمقاومة 
الإثنين ٠٨ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

لا انكر بان رحيل الامين السابق لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبد الله شلح كان صعبا جدا ليس لقيمة الرجل فقط ولكن للظرف الذي نعيشه كفلسطينيين والذي كان فيه ابا عبد الله قاسما مشتركا على الخصوم.

العالم - قضية اليوم

الدكتور شلح باعتقادي وضع على مدار اربعة وعشرين عاما كان فيها امينا عاما للجهاد الاسلامي خلفا للدكتور الشقاقي اسس عملية للمقاومة ما استطاع ايا من المقاومين قبله ان يضعها او يرسمها وهنا اقول ان الرجل وضع الاسس نظريا وعمليا، فكم من المنظّرين يسقطون اذا اختبروا عمليا وكم من القادة الذين يعجبك كلامهم اذا تحدثوا فما ان ترى ما يصنعون على الارض حتى تكفر بهم وبما يحملون من فكر.

الاساس الاول كان طهارة سلاح المقاومه فبندقية الجهاد الاسلامي حافظت على مدار سنوات المقاومه على وجهتها نحو المحتل فما دارت يوما نحو غيره، نظافة اليد المقاومة فما علم احد عن الرجل يوما انه لوث يديه بعمولات او بسمسرة او قبل ان تكون بندقيته مستأجرة وظل الدكتور الذي ترك امريكا كعالم اقتصاد وعاد ليصنع ثورة يوصف بنظافة اليد.

اما الاساس الذي حافظ عليه الرجل في ظل الصراعات الفلسطينية فكان ان لا سلطة تحت الاحتلال والتناقض الوحيد مع المحتل، هذا الاساس برز بشكل كبير في المبادرة ذات النقاط العشر التي وضعها الدكتور شلح لانهاء الانقسام الفلسطيني وكان عليها اجماع من كافة الفصائل.

ابو عبد الله علم السياسيين الفلسطينيين في كل حوارته الصحفية كيف يكون احتُرام الاخر فكرا وعقلا وعملا فما سمعه احد يوما يوجه انتقادا لاحد او يشتم او يسب او يهاجم فحتى لو اختلف مع الاخر كان يبين نقاط الخلاف دون ان يجرح او يتجاوز حدود اللياقة، حتى حين قرر شركاؤه في المقاومة ان يدخلوا تجربة العمل السياسي اذكر ان الرجل اوضح للجميع محاذير الخطوة وترك لهم الخيار جاعلا من حركته سندا لكل التنظيمات الفلسطينية، وحين اعلن رفضه للمشاركة في الانتخابات التشريعية في العام 2006 لانها تحت مظلة اوسلو لم يهاجم من صنعوا اوسلو بل اعتبر انهم اجتهدوا واخطأوا الاجتهاد.

اليوم والفلسطينييون يودعون الدكتور شلح يذكرون كلماته بان المقاومة دون غيرها طريق التحرير والوحدة في الميدان اساس الانتصار والبوصلة لها وجهة واحدة لا اثنتين والاحتلال مهما تجبر الى زوال، لا ادري ما كان بين ابا عبد الله وبين خالقه كي يجعل كل هذا الحب له في قلوب الفلسطينيين فما غاب عن رثائه اي من الفلسطينيين وما تاخر عن الدعاء له بالرحمة اي من الفرقاء، يكفي لابي عبد الله انه خط طريقا للمقاومة يجمع بين الفكر المتقد والبندقية فلا بندقية تستطيع ان تنجز وفق رؤيته دون فكر يرفدها وما من فكر يستطيع ان يتجذر دون ان تسانده القوة، وهو صاحب النظرية التي كانت تقوم على الانفتاح على كافة القوى الثورية وبان العمق الاسلامي للقضية الفلسطينية هو القادر على تحصينها من الساعين لافراغها من محتواها فكان القريب دوما من عمقه الاسلامي وكان دائما يجد الترحاب اينما حل لانه ما كان طالبا لمنصب وما كان باحثا عن موقع ولو اراد ذلك لكان له اكثر مما اراد وما كان فئويا ولا طائفيا وكان يرى فلسطين وحدة واحدة من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها.

ابو عبد الله قائد من نوعية فريدة خرجت من بين النكبات والنكسات ومن بين الركام لتثبت للعالم ان فلسطين ليست عاقرا وانها قادرة دوما على الصمود رغم كل المؤامرات والمتآمرين عليها.

*فارس الصرفندي