لبنان وضرورة الحفاظ على السلم الاهلي

لبنان وضرورة الحفاظ على السلم الاهلي
الثلاثاء ٠٩ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٣:١٩ بتوقيت غرينتش

يحرص اللبنانيون دائما على اظهار تمسكهم بما يعبرون عنه بكلمة "العيش المشترك" لكن وللحديث بصراحة، حتى الكلمة تحمل في معناها شيئا من التفرقة، وتدل حين استخدامها في مناسبات وأحداث معينة على ملامح العيش مع الاخر بالقوة والقبول به بالقوة ولأسباب لا ترتبط بالمواطنة والتكامل تحت عنوان الوطن الواحد. وهذا ما يجعل من السهل على من يعيشون بخبز الفتنة والتفرقة ان يمرروا مشاريعهم عند كل فرصة متاحة. 

العالم - قضية اليوم

مر السبت الأسود بسلام على اللبنانيين. أو كما يقولون في لبنان "قطوع ومرق". لكنه لم يمر بدون رجعة وهناك أحداث ومناسبات ومحطات مقبلة سيعود شبح الانقسام والفتنة والحرب المذهبية ليخيم على الشارع اللبناني.
بعد ما حدث السبت، خرجت قوات الأمن اللبنانية لتعلن "تفكيك 4 مجموعات كانت تحضر لتنفيذ اعمال عنف يوم السبت تزامنا مع الاحتجاجات" التي كانت مقررة ضد الوضع المعيشي الصعب (والتي تحولت عن سابق اصرار الى تظاهرات ضد سلاح المقاومة بشكل سمح عمدا او صدفة لوصول الامور الى ما وصلت اليه)

فيما اعلنته القوات الامنية دلالات كثيرة على ما يرسم للبنان. خاصة انها كشفت وجود افراد من جنسيات مختلفة ضم هذه المجموعات اضافة الى لبنانيين. مضيفة ان هؤلاء لا يرتبطون بجماعات ارهابية بل ينفذون سياسة دخلت حديثا الى الساحة اللبنانية.
من هذه المعطيات الجديدة، يمكن القول ان هناك من ينخرط بمشروع جديد لاهداف قديمة يراد تنفيذه على الساحة اللبنانية. وهنا لا بد من العودة قليلا الى الوراء، حين بدأت التظاهرات في لبنان احتجاجا على الوضع المعيشي. بدأت الاحتجاجات بمطالب محقة ووحدت كل اللبنانيين خلفها. لكن سرعان ما بدأت الإصطفافات تظهر مع ظهور مطالب مستجدة على طاولة المحتجين ومنها نزع سلاح المقاومة.
وايضا بعد اعلان الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، شهدت الساحة اللبنانية تظاهرات واحتجاجات تخللتها اعمال عنف ومواجهات مع القوى الامنية وحرق للممتلكات العامة.
هذه المشاهد لا يمكن فصلها عما حصل يوم السبت الماضي. خاصة اذا ما اضفنا اليه المساعي السياسية لقوى خارجية قامت بزيارات مكوكية على اطراف لبنانية، مهدت للتحريض ضد اطراف معينة وسوقت لنظرية العقوبات في مواجهة الحكومة الجديدة (التي ينظر عليها اميركيا على انها حكومة حزب الله وحلفائه).
ليست الساحة اللبنانية غريبة على النشاط الخارجي فيها. سواء عبر دول ومنظمات او عبر جماعات من هناك او هناك. لكن ان تعود هذه الدول والاطراف والمجموعات للعب على وتر الطائفية والمذهبية فهذا يعني ان السيناريوهات المعدة سابقا اخطر من قبل. (تقول مصادر ان الافراد المتورطين ضمن المجموعات هذه لم يتصرفوا بشكل فردي)

الخطر هذا يتمثل بالاعلام+السياسة+استغلال مطالب الناس. بمعنى انك تعمل على تحريض الناس بحجة مطالبهم المعيشية للنزول الى الشارع وتواكبهم بتغطيات اعلامية تاخذ الامور الى منحى اخر وتظهر عكس ما يحصل فتتحقق مصلحتك السياسية.
تقول التقارير ان هناك وسائل اعلام لبنانية ومحطات تلفزيونية متورطة في اشعال الساحة اللبنانية يوم السبت. ومع التاكيد ان اي فرد او مجموعة او طرف يشارك في اللعبة المذهبية والطائفية هو مجرم بحق مجتمعه وبلده، الا ان التحريض المقنع بالرسالة الاعلامية، ونشر الفتنة بحجة الاعلام الحر لها نتائج كارثية عل المجتمع.

تقول اخر الارقام ان اكثرية الجمهور الذي راهنت عليه الاطراف التي وقفت خلف احداث السبت رفض الفتنة والحرب الاهلية، والسبب بسيط، لقد تعب اللبنانيون من التقاتل، ويعلمون جيدا ان اي وقوع في فخ الطائفية والمذهبية يعني النهاية.
لقد حاولت بعض القنوات اظهار ما يجري انه خلاف سني-شيعي او مواجهة اسلامية-مسيحية. ومن خلف هذه التسميات هناك حسابات وتصفيات سياسية بين اطراف في السلطة واخرى خارجها.
كل ذلك يستدعي تحركا سياسيا واجتماعيا وامنيا. وفي حال اغفال مخاطر ما حدث قبل ايام فان قلة من الاغبياء ستاخذ لبنان الى سيناريو اسوأ بكثير مما عاشته الساحة اللبنانية منذ الطائف حتى اليوم.
حسين الموسوي