العالم ـ كشكول
العلاقة التي بدت وطيدة بين ترامب ومستشاره سرعان ما تدهورت ليعلن الأول إقالة الثاني بسبب عدم "الاتفاق مع العديد من اقتراحاته"، الأمر الذي ارجع بحسب تقارير إعلامية آنذاك إلى:
أولا: شخصية ترامب الاعتباطية حيث شهدت بداية فترة حكمه عددا قياسيا من الإقالات والاستقالات والتغييرات بشكل لم تشهده إدارة ديمقراطية أو جمهورية من قبل.
ثانيا: دفع بولتون إلى الخيارات العسكرية في الكثير من القضايا الدولية، الأمر الذي لم يعجب ترامب على ما يبدو.
ثالثا: فشل السياسة الأميركية تجاه إيران في معظم الساحات والتي كان عرابها الأول بولتون، وخصوصا الأمر المتعلق باحتجاز السفينة الايرانية في مضيق جبل طارق وما تبعه من ارتدادات ادت إلى وضعت الجبروت الأميركي في الحضيض.
رابعا: فشل السياسة الأميركية تجاه كوريا الشمالية، ودعوة مستشار الأمن القومي السابق الرئيس الأمريكي إلى دعم التمرد الشعبي ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأمر الذي فشل أيضا.
إذا فالفشل كان العنوان الأعرض الذي أنها شهر العسل بين "الثعلبين" ترامب وبولتون، اذا سارع ترامب إلى إقالة مستشاره في ايلول 2019 وبدأت تتحول الحكاية بينهم إلى المواجهة والعداء والتي ظهرت في العديد من التصريحات التي تبعت تلك الفترة، لتصل إلى ذروتها اليوم فيما يتعلق بالكتاب الذي يعتزم بولتون نشره والذي يتناول فيه ما يسميه أخطاء فادحة ارتكبها ترامب في ادارة البلاد.
اصرار مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون على تحدي البيت الأبيض ونشر كتاب مذكراته الذي يكشف فيه ما يعتبرها تجاوزات ارتكبها الرئيس دونالد ترامب، اغضب ترامب كثيرا الذي خرج يهدد من عواقب نشره معتبرا ان بولتون سيخالف القانون، وقد يواجه "مشكلة جنائية" إذا لم يوقف نشر، حيث اشتعلت قضية نشر الكتاب الذي عنونه بولتون بـ"الغرفة التي حدث فيها ذلك.. مذكرات البيت الأبيض" بشكل أكبر بعد رفع دعوى من قبل البيت الأبيض تطالب بوقف نشر الكتاب، بدعوى تضمنه أسرارا متعلقة بالأمن القومي يجب ألا تخرج إلى العلن.
ولكن وعلى ما يبدوا فإن بولتون مصر على نشر الكتاب حيث بدا ذلك واضحا بعد بنشره تغريدة بيان للاتحاد الأميركي للحقوق المدنية، أكد فيها على حقه الدستوري طبقا للتعديل الأول في نشر كتابه عن فترة عمله بالبيت الأبيض، وهذا ينذر بأن المعركة بين الطرفين مستمرة وخصوصا أن ترامب لا يريد المزيد من الفضائح التي من شأنها أن تبعده عن كرسي الرئاسة خلال السباق الانتخابي المقبل في أميركا، وخصوصا ان سجل الانكسارات لإدارته اصبح اكثر ثقلا بعد فشله في ادارة ازمة كورونا المظاهرات العارمة التي تبعت مقتل جورج فلويد و.. .
وفي النهاية فإن الحديث عن هذه المعركة ومن سينتصر بها لا يذكرني إلا بمثل ايراني يقول "روباه كه به دمب گرگ بيفتد حساب پيه و دمبه خودش را ميكند" وهو يعني أن الثعلب الذي يقع في أحضان الذئب عليه أن يحسب حساب ذيله وشحومه.