قيصر سوري لمواجهة القيصر الاميركي

قيصر سوري لمواجهة القيصر الاميركي
الخميس ١٨ يونيو ٢٠٢٠ - ٠١:٥٩ بتوقيت غرينتش

ولد القيصر الاميركي، واخبار ولادته تصدرت أولويات شاشات التلفزة والصفحات الاولى من الصحف والجرائد اليومية، كما كان مخططا له تماما، ولكن.. ماذا بعد؟

العالم-يقال ان

بالنظر الى الحجم الاعلامي والبروباغندا الترويجية التي سبقت وتزامنت مع ولادة القيصر، يمكن لأي متابع أي يلاحظ التهويل الكبير التي حاولت اغلب وسائل الاعلام العالمية والاقليمية حشوها في رؤوس المشاهد العربي والسوري خاصة، وحالة الرهاب والرعب التي سعت الى ايجادها لدى المواطن السوري من تأثيرات هذا المولود الجديد.

لا نريد انكار التأثير السلبي لهذا القانون على الحياة الاقتصادية لسوريا والمعيشية للمواطن السوري، الذي عانى ويلات حرب كونية على بلاده لعقد كامل من الزمن؛ ولكننا ايضا نريد البحث في سبل وحلول جديدة تمكن سوريا من الالتفاف حول هذه الاجراءات الاميركية الظالمة والاحادية، او على الاقل التقليل من تأثيرها الى الحد الادنى على حياة المواطن السوري. فهل ستكون امام دمشق سبل وحلول يمكنها الاستفادة منها للحؤول دون الوصول الى الانهيار الاقتصادي التام وبالتالي العجز السياسي؟

لعل الجواب اتى على ألسنة حلفاء واصدقاء سوريا الذين لم يتركوها طوال سنوات حربها على الارهاب الغربي العربي الصهيوني، ولكن الأهم ربما، هو اعتماد سوريا على نفسها للخروج من أزمة اقتصادية لابد ان تمر بها، عبر تفعيل قانون "قيصر" داخلي يمكنها من فتح كل المجالات والمحاور التي تساعدها على الصمود في وجه "القيصر الاميركي"، وبالفعل فإن الدولة السورية بدأت عملية توطين الحلول الاقتصادية، من حملة موسعة وعالية المستوى لمكافحة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، والمتلاعبين بالنقد والسوق المالية السورية، إلى اعتماد سياسة اقتصادية تعتمد الزراعة والصناعة الوطنية أصلا لها، وهذا ما اكده رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس بأن الدولة السورية تعمل بخطة شاملة للتنمية الزراعية والتوسع بالصناعات الزراعية والغذائية؛ ما يعزز قدرة المواطن السوري على الصمود في وجه الحصار الجائر ومقاومة السياسة التجويعية التي تتبعها اميركا ضد كل من يقف في وجه مخططاتها.

أما عن معركة الحلفاء في صف دمشق، فقد اكد جميع حلفائها وقوفهم إلى جانبها في حربها هذه، ولعل ابرز المواقف وأكثرها عملية كان الموقف الايراني الذي تبلور في اليوم الاول لولادة قيصر اميركا المشؤوم، بزيارة وفد لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع سوريا والعراق الى دمشق ولقائه مع رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس، وبحث الخطوات اللازمة لتعزيز التعاون الاقتصادي في مواجهة العقوبات و"قانون قيصر" الموجه لحصار الشعب السوري، الوفد شدد على ان الزيارة تهدف إلى تقديم الدعم لسورية اقتصاديا.

الخطوة الايرانية تكشف جدية طهران في وقوفها الى جانب دمشق في حربها الاقتصادية كما وقفت معها سابقا في حربها العسكرية، رغم ما تعانية من حصار وحظر جائر وصل الى اقصى حدوده كما باعتراف الاميركيين انفسهم، وتشاطرت معها الانتصارات، وتقاسمتا الدماء والتضحيات، في سبيل بقاء محور المقاومة متكاملا وقويا ومتصلا عبر حلقته الاقوى سوريا، فسقوط سوريا ليس واردا في حسابات المحور، ولن يكون كذلك، ما اعلنه صراحة وبكل وضوح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حين أكد ان حلفاء سوريا لن يتركوها في حربها هذه، ولن يسمحوا بسقوط دمشق عبر الحرب الاقتصادية.

موسكو التي دعمت دمشق خلال حربها عسكريا واقتصاديا من اجل الحفاظ عليها بعيدا عن الهيمنة الاميركية، لا يمكن لها ترك سوريا في حربها هذه ضد واشنطن، لاعتبارات ربما باتت شخصية اكثر مما تكون سياسية، فسوريا اليوم هي مكسر العصا بين هذين القطبين.

كما أن الحرب التجارية والاقتصادية المشتعلة بين الصين واميركا، تشكل فرصة لسوريا من أجل جذب استثمارات كبيرة للبلاد، من شأنها تقوية ورفع مستوى الحياة الاقتصادية في سوريا، فالصين باتت اليوم قطبا اقتصاديا كبيرا، ارعبت الاميركي واجبرته على التعامل معها بندّية. كما أن سياسة التحول الى الشرق، تفتح امام سوريا ابوابا من التعاملات التجارية والاقتصادية مع الدول الشرقية كونها المنفذ الى المياه الدافئة، ومعبر بري هام إلى الغرب.

القيصر الاميركي، تم وضعه من أجل الوصول الى الأهداف التي رسمتها واشنطن في سوريا منذ ان اطلقت شرارة الحرب العسكرية المباشرة عليها، وهي إما اسقاط النظام السوري واستبداله بنظام تابع مسلوب الارادة كغالبية الانظمة العربية التي تعتبر نفسها كبيرة في المنطقة اليوم، أوالهيمنة على الارادة السورية، وبالتالي اخضاعها للإملاءات الغربية؟، أما القيصر السوري، فإنه يمنح دمشق منافذا وأبوابا بإمكانها فتح مجالات اقتصادية وتجارية واسعة، دون الحاجة إلى الغرب وتعقيدات التعامل معه الاذلال الذي يلحق بكل من يمني النفس بالحماية الغربية.

ابراهيم شربو