الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. لماذا التصويب على ايران؟

الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. لماذا التصويب على ايران؟
السبت ٢٠ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٩ بتوقيت غرينتش

طوال خمس سنوات كانت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووي الايراني ايجابية وتؤكد على التزام طهران بتعهداتها ضمن الاتفاق. وذلك رغم التحريض الاميركي الاسرائيلي ومحاولات الضغط على الوكالة لاصدار تقارير مغايرة للواقع. فلماذا انقلبت الامور الان واصبحت الوكالة تنظر من زاوية مختلفة للملف النووي الايراني؟ 

العالم - قضية اليوم

هناك ابعاد عديدة للهجوم الذي شنته الوكالة على ايران في تقريرها الاخير الذي تبنته قبل ايام، لكن لنلقي نظرة سريعة على موضوع ذي اهمية وهو مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية "رافييل غروسي". الارجنتيني غروسي فشل في الحصول على الاجماع داخل مجلس الحكام في الوكالة في الدورة الاولى. لينتخب في الدورة الثانية بدعم من الولايات المتحدة.

هذا التذكير السريع يقودنا الى الدور الاميركي في تغيير مسار واسلوب عمل الوكالة بما يخدم اجندة ادارة دونالد ترامب.

بداية من مضمون التقرير الاخير للوكالة والذي طالب بالسماح بدخول مفتشيها الى موقعين في ايران. اما الذريعة فهي شكوك بان طهران قامت بانشطة نووية في الموقعين قبل اكثر من 10 سنوات.

وهنا من حق المتابع ان يطرح عددا من الاسئلة

= لماذا لم تطرح الوكالة قضية الموقعين خلال السنوات الماضية حين كانت تمتدح الالتزام الايراني الكبير بالاتفاق النووي؟

= هل استنفدت الوكالة كل التبريرات للهجوم على ايران فاستخدمت ذريعة موقعين يشتبه باجراء نشاطات نووية فيهما قبل اكثر من عقد؟

= لماذا ياتي التقرير المذكور مع اقتراب تصويت مجلس الامن الدولي على الغاء الحظر على بيع وشراء الاسلحة من ايران المقرر بعد 4 اشهر والذي تسعى واشنطن لتمديده؟

= لماذا تدير الوكالة ظهرها وتتغافل عن الانشطة النووية للكيان الاسرائيلي وتمتنع عن اصدار تقرير ولو عتاب بالحد الادنى بالنسبة لترسانة الاسرائيلي النووية. (كشف المعهد الدولي لدراسات السلام-في السويد- ان ترسانة الكيان الاسرائيلي من الرؤوس النووي زادت حوالي 11 % في 6 اشهر فقط. الاحتلال الاسرائيلي يمتلك 90 رأسا نوويا بزيادة 10 رؤوس عن العام الماضي)


بناء على هذه الاسئلة، ليس من الصعب استنتاج ما يلي..

= ليس مبالغة القول ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تعد تتمتع بالمصداقية في ظل التغير الكبير في تعاطيها مع الملف النووي الايراني، خاصة وان مديرها العام يدين لواشنطن بوصوله الى منصبه.

= من الواضح ان الولايات المتحدة تحضر لتصعيد كبير في الاشهر القليلة المقبلة بالنسبة للملف النووي الايراني. حيث تسعى للوصول الى موعد تصويت مجلس الامن في ظل تحريض وتشويه للحقائق وحملة اعلامية تمتد من الاعلام الاميركي الى الاسرائيلي مرورا ببعض الاعلام العرب.

= من المفيد جدا للرئيس الاميركي دونالد ترامب ان يزيد الضغط على ايران في الاشهر المقبلة. خاصة وان التصويت في مجلس الامن سيكون قبل اسابيع من الانتخابات الاميركية، وبالتالي يريد ترامب كسب ورقة تساعده في صناديق الاقتراع.

= بدأت الولايات المتحدة الترويج لفكرة ان اي اتفاق جديد حول الملف النووي الايراني يجب ان يشمل موضوع القدرات الدفاعية لطهران والصواريخ الباليستية التي كشفت ايران عن احدث انتاجاتها قبل ايام قليلة. وهذا الطرح ياتي من "حلاوة الروح" كما يقال. فترامب ومن خلفه بنيامين نتنياهو واخرون يعلمون جيدا ان ايران لن تفاوض على قدراتها الدفاعية.

= الضغط في هذا الاتجاه هو من ياس الاميركي من تحقيق انجاز اتفاق نووي جديد يضمن لترامب البقاء في البيت الابيض بعد فشل مغامراته في ملفات اخرى. (في ظل فشله في الحرب التجارية على الصين وعدم تحقيق اي انجاز في تخفيف التوتر مع كوريا الشمالية والعلاقات المتوترة مع الحلفاء الاوروبيين اضافة الى تبعات انتشار جائحة كورونا وانخفاض اسعار النفط، يجد ترامب في انجاز اتفاق نووي مع طهران الورقة الاخيرة التي قد تنقذ مستقبله السياسي)

منذ ايام توجه ترامب للايرانيين وقال "لننجز اتفاقا جديدا، لا تنتظروا للانتخابات لانني باق". هذه الدعوة فيها من اليأس اكثر من الثقة، وترامب نفسه اعترف سابقا بان الايرانيين مفاوضون جيدون، ويعلم ايضا ان ان اسلوبه في الضغط واستخدام الوكالة الدولية للطاقة ضد طهران لن يجعل الاخيرة تذهب الى المفاوضات، وبالتالي عليه توقع ارتفاع منسوب اليأس في الفترة المقبلة.

حسين الموسوي - العالم

كلمات دليلية :