بعد دعوة إيران لها للحوار

لماذا إختفت المنطقة الرمادية في السياسة السعودية؟

لماذا إختفت المنطقة الرمادية في السياسة السعودية؟
الإثنين ٢٠ يوليو ٢٠٢٠ - ٠٢:٤٥ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي ترفض ايران حتى إقامة حوار غير مباشر مع الولايات المتحدة الامريكية، التي ينتظر رئيسها دون جدوى إتصال هاتفي من أصغر مسؤول ايراني، منذ اكثر من ثلاثة اعوم ، إلا انها تُبقي يدها ممدودة الى جيرانها وتكرر استعدادها الدائم للحوار معهم وعلى راسهم السعودية، لحل الخلافات الثنائية التي لا سبيل لحلها الا بالحوار.

العالم - كشكول


اليوم ايضا كررت ايران وعلى لسان المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوي دعوتها للحوار مع جيرانها، ففي حديث مع مراسل وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء "ارنا" بشأن الموقف من السعودية قال موسوي:" لقد حاولنا مرات عديدة واعلنا سياستنا المبدئية والثابتة ، والكرة الآن في الملعب السعودي وبالتالي فأن الأمر يتعلق بحكومة ومسؤولي هذا البلد ليقرروا موقفهم ورؤيتهم تجاه مقترحات طهران للتعاون والحوار الأقليمي".

للاسف لم تتعامل السعودية بإيجابية مع دعوات الحوار الايرانية المتكررة، ولطالما ارفقت رفضها بتصريحات متعالية لا تمت للواقع بصلة، بل ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ربط رفضه اقامة اي حوار مع ايران بأسباب مذهبية صرفة!!، فيما وضع باقي المسؤولين السعوديين ومنهم وزير الخارجية السابق عادل الجبير شروطا لاقامة حوار مع ايران اغلبها مقتبس من شروط وزير خارجية امريكا مايك بومبيو!.

مشكلة السياسة الخارحية للسعودية، تكمن في المساحة الضيقة للون الرمادي فيها، وهي مساحة عادة ما تكون مجالا للواقعية السياسية، والتي تقلصت بالكامل منذ اكثر من خمس سنوات، فالسعودية اليوم لا ترى في الساحة الدولية الا لونين، الاسود والابيض، لذلك تتعرض لازمات كثيرا ما ترتد تداعياتها حتى على الداخل السعودي، ويمكن تلمس هذه الحقيقة في تعامل السعودية مع العراق ولبنان وسوريا واليمن و..، فهي إما ان تكون اللاعب الاوحد او الاقوى في هذه الساحات واما ان تقلب عاليها سافلها، وترفض كل الحلول الوسط التي عادة ما تكون في المناطق الرمادية، وظهر ذلك جليا في ازمة استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرياض!، ورفض تقبل العراق الجديد وتجنيد كل الامكانيات لاعادة عقارب الساحة الى ما قبل 2003 ، ورفض اي دور للحكومة السورية ولقاعدتها الشعبية العريضة في مستقبل سوريا، واما اليمن فحدث ولاحرج فرغم مرور نحو 6 سنوات على العدوان السعودي على اليمن، مازالت السعودية ترفض كل الحلول الوسط ولا تقبل الا بالاستسلام الكامل لحركة انصارالله، متجاهلة انها تحارب الشعب اليمني باكمله وليس انصارالله فقط.

اما اسباب غياب اللون الرمادي في السياسة السعودية، وافتقارها للواقعية السياسية، فاختلف حولها المراقبون، فمنهم من قال انه بسبب التحريض الامريكي، وهناك من قال انها بسبب العقلية السياسية السعودية، واخرون قالوا بسبب الطبيعية الشخصية لولي العهد السعودي، والبعض جمع كل تلك الاسباب مع بعض، ولكن رغم كل ذلك تنتظر دول المنطقة رد السعودية على دعوة ايران للحوار، وعسى ان يكون الرد مختلفا هذه المرة، على ضوء التطورات التي تشهدها السعودية ومن بينها دخول الملك سلمان للمستشفى لاجراء فحوصات، واحتمال ان يتبوأ ابنه سلمان مقاليد الحكم، وكذلك ما يشهده الاقليم من تطورات لا تصب في صالح المخططات الخرقاء للرئيس الامريكي الارعن كصفقة القرن وضم 30 بالمائة من ارضي الضفة الغربية للاراضي المحتلة وتراجع حظوظ ترامب الانتخابية بشكل لافت، والفضائح التي تطارد نتنياهو الذي قد يدخل السجن في اي لحظة.