قرار المحكمة الدولية اغتيال ثانٍ للحريري

قرار المحكمة الدولية اغتيال ثانٍ للحريري
الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٨:٢٧ بتوقيت غرينتش

بعد خمسة عشر عاماً على اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من فبراير شباط 2005، رفعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الستار عن الحكم النهائي وحددت المحكمة تاريخ21  سبتمبر أيلول المقبل موعدا لإصدار العقوبة بعد صدور الحكم.

العالم_لبنان

التلقي اللبناني لقرار المحكمة كان هادئاً، وقد كان الهدوء سياسياً وشعبياً، حيث غاب حزب الله وجمهوره عن التعليق، وحضر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وجمهور تيار المستقبل بمواقف بعيدة عن التشنج رغم محاولات الإثارة لبعض القنوات الإعلاميّة، وجاءت مواقف رؤساء الجمهورية ومجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال تصب في اتجاه تعزيز مناخات التهدئة والعقلانيّة، والتمسك بالوحدة الوطنية.

قرار المحكمة هذا، الذي اعتبر سليم عياش مذنبا، وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا غير مذنبين، في ما يتعلق بجميع التهم الموجهة إليهم، في حين اعتبرت أن مصطفى بدر الدين هو مَن خطّط لعملية الاغتيال، إلا أنّه مات لاحقاً في سورية، هذا القرار كان موضع اهتمام الصحافة اللبنانية، إذ وصفت صحيفة "الأخبار" المحكمة بأنها محكمة "من أصحاب السوابق". المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحمل سجّلاً عدلياً غير نظيف. هي المرة الأولى في تاريخ العالم الغربي التي تُصدر فيها محكمة دولية حكما غيابياً، بإدانة شخص، من دون أي دليل: لا تسجيل فيديو، لا تسجيل صوتياً، لا تسجيل مكالمة، لا شاهد يقول رأيت، ولا شاهد يقول سمعت. لا تحويل مالي. هي محكمة التجهيل: دافع الجريمة مجهول. المخطط مجهول".

وأضافت "الأخبار": "صرف المحققون والقضاة والمستشارون والمحامون 15 سنة ونحو مليار دولار، ليبنوا حكمهم على دليل ظرفي كان محققو مخابرات الجيش اللبناني، ولاحقا محققو فرع المعلومات، قد أعدوه كما قرأه علينا امس قضاة المحكمة... من دون أي إضافة! إذا كان لبنان قد قبِل بهذه المسرحية، فهذا يعني أن القضاة والمحققين والمحامين سيسعون الى تقديم عروض جديدة لأطول فترة ممكنة، لإدامة فرص عملهم ورواتبهم، في واحدة من المؤسسات الدولية المنتهية الصلاحية".

أما موقع "النشرة" فرأى أنّ جريمة اغتيال الحريري الأب تمّ توظيفها سياسياً، منذ اللحظات الأولى لارتكابها، وحققت الهدف المرجو منها وهو تنفيذ الانقلاب السياسي في لبنان، بدعم أميركي واضح، أدى إلى إخراج القوات السورية من لبنان واستهداف المقاومة ومحاصرتها بالفتنة، التي جرت محاولات لإشعالها، لكنها فشلت بفضل وعي قيادة حزب الله وأنّ المحكمة استندت في حكمها إلى أدلة ظرفية من داتا الاتصالات الخلوية وهي غير معلوم مدى صدقيتها، لا سيما انه تمّ اكتشاف تجسس اسرائيلي على الاتصالات وإمكانية التلاعب بها، فيما تحدث المحامون المختصون عن أنّ هذه الأدلة غير كافية وهي أدلة ظرفية وانّ ايّ اتهام في هذه الجريمة يحتاج الى قرائن عمليةكما أنّ المحكمة تجاهلت العديد من الفرضيات الجدية التي تؤشر وتبرهن على إمكانية أن تكون "إسرائيل" أو تنظيم القاعدة وراء ارتكاب الجريمة فقد قدم أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في شهر أغسطس آب من عام ٢٠١٠، وعلى الهواء مباشرة، قرائن كان يمكن الاستفادة منها في التحقيق الدولي، وتثبت دور "إسرائيل" في مراقبة موكب الرئيس الحريري لفترة طويلة بوساطة طائرة استطلاع حتى قبيل تنفيذ جريمة الاغتيال، في حين أنّ "إسرائيل" من الدول التي رفضت التعاون التحقيق الدولي

ومع ذلك لم يكلف المدعي العام نفسه التدقيق بهذه القرائن وأخذها بالاعتبار لمعرفة حقيقة من اغتال الرئيس الحريري، لا سيما أنّ لـ "إسرائيل" مصلحة مباشرة في الاغتيال لإثارة الفتنة ضدّ حزب الله في سياق خطتها لتشويه صورته كحزب مقاوم ومحاولة النيل منه ومحاصرته ونزع سلاحه لكونه هزم الجيش الإسرائيلي وأجبره على الرحيل عن لبنان عام ألفين دون قيد ولا شرط

إنّ تجاهل المحكمة لكلّ هذه القرائن والفرضيات والمعطيات والوقائع وتركيزها فقط على قرينة داتا الاتصالات للوصول إلى من ارتكب الجريمة، وإدانة سليم عياش بناء عليها، هو ما يدفع إلى وضع علامات الاستفهام، حول الغاية من ذلك، ما دفع محامي الشهيد مصطفى بدر الدين، أنطوان قرقماز إلى الاستنتاج بأنّ إدانة عياش كانت بمثابة جائزة ترضية للمدّعي العام