أما آن لـ"وزير الحظر" الأمريكي ان يقرّ بفشله؟!

أما آن لـ
الأربعاء ٠٢ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٥:٣٤ بتوقيت غرينتش

كان الاجدر بعلماء النفس الامريكيين الذين توصلوا الى نتيجة مفادها"ان ترامب نرجسي خبيث" وانه "يشكل خطرا على امريكا والعالم"، ان يحللوا ايضا شخصية وزير خارجيته مايك بومبيو، فالرجل يعيش منعزلا على العالم ويتحدث عن اشياء لا يراها الا هو فقط، وشغله الشاغل هو البحث عن شيء، اي شيء،  ليفرض عليه عقوبات، كما حدث اليوم عندما لم يجد ما يفرض عليه عقوبات الا المحكمة الدولية لان الاخيرة التزمت بواجبها  الذي تاسست من اجله.

العالم كشكول

بومبيو الذي بات معروفا داخل امريكا بانه اسوء وزير خارجية عرفته امريكا، يتعامل مع العالم كبلطجي ، رغم انه يرى راي العين ان بلطجيته لم توصل امريكا الى اي شيء، بل على العكس تماما جعلت من امريكا بلدا معزولا ومنبوذا حتى من اقرب حلفاء امريكا التقليديين، كما شاهد العالم ذلك على خلفية رفض مجلس الامن الدولي ممشاتها في سياستها الاحادية الجانب والمتغطرسة في التعامل مع ايران.

بومبيو هذا وبدلا من يتعظ من فشل سياسة الحظر التي يمارسها بهوس جنوني ضد ايران وفنزويلا وروسيا والصين وكورويا الشمالية وسوريا ولبنان وعشرات المنظمات الدولية، عاد اليوم مرة اخرها الى ممارسة تلك المهنة الفاشلة ، والتي لا يحسن غيرها!!، حيث فرض عقوبات على مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة، لانها تجرأت على التحقيق في احتمال ضلوع جنود أميركيين بجرائم حرب في أفغانستان، وهدد كل فرد أو كيان يواصل تقديم المساعدة المالية للمدعية بنسودة يعرّض نفسه أيضا للعقوبات.

وفي نفس المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم بومبيو وعاقب فيها المحكمة الجنائية الدولية على قيامها بواجبها الذي تاسست من اجل عام 2002 بواسطة المجتمع الدولي من أجل محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في الأماكن التي قد لا يواجه فيها الجناة العدالة، لم ينس بومبيو ان يفرض عقوبات على "الفزاعة" الصينية التي يُحملها عادة جانب كبير من فشله وفشل سيده ترامب، حيث فرض قيودا على زيارة دبلوماسيين صينيين للمؤسسات الحكومية والأكاديمية الأمريكية، انتقاما من الحزب الشيوعي الصيني!.

لم يجد بومبيو في مؤتمره الصحفي من انجاز يشير اليه على صعيد السياسة الخارجية الامريكية، يمكن ان يضعه في خانة رئيسه ترامب الخالية سوى من الفشل، الا الاشارة الى التطبيع الامارتي المذل مع الكيان الاسرائيلي، باعتباره انجازا مهما في السياسة الخارجية الامريكية، وهي اشارة كنا قد توقعناها كما توقعها غيرنا، فالتطبيع الاماراتي جاء كمساعدة تطوعت او اُجبرت الامارات والسعودية والانظمة الرجعية في الخليج الفارسي على تقديمها كطوق نجاة لترامب الغارق في الفشل، بينما لا يفصله عن الانتخابات الرئاسية سوى شهرين فقط.

كما بدأنا نختم، ونقول أما آن ل"وزير الحظر"الامريكي بومبيو ان يقر بفشله وان يترك "عادة" العقوبات والحظر، فهي عادة باتت بالية ومضرة، فعالم اليوم ليس العالم الذي خرج من رحم حربين عالميتين مدمرتين، تمكنت امريكا ان تكون في أمان من تداعياتهما لبعدها الجغرافي، وان تفرض سياستها على المنتصرين والمنهزمين، فاليوم تمكنت ايران لوحدها ان تقف امام الجبروت الامريكي، وان تشجع باقي دول العالم على ان تتجرأ وتقول "لا" لامريكا، فالعالم اخذ بالتغير، وعلى بومبيو وسيده ترامب ان يفهما ذلك، ولكننا لا نعتقد انهما سيفهمان، على الاقل في الشهرين القادمين.